السبت 2018/11/03

آخر تحديث: 00:07 (بيروت)

مبنى "الخصوصية الأمنية" في رومية: تعذيب الإسلاميين؟

السبت 2018/11/03
مبنى "الخصوصية الأمنية" في رومية: تعذيب الإسلاميين؟
داخل سجن رومية (Getty)
increase حجم الخط decrease

بعد مرور أقلّ من شهر على افتتاح مبنى الخصوصية الأمنية، مقابل مبنى المعلومات في رومية، ارتفعت صرخة عدد من أهالي الموقوفين الإسلاميين، احتجاجًا على ما يتعرّض له أبناؤهم من تعذيبٍ وإذلالٍ، حسب رواياتهم.

 

في بداية شهر تشرين الأول، نُقل نحو 18 موقوفاً إسلاميّاً من مبنى الريحانية، ونحو تسعة موقوفين إسلاميين آخرين، مع الشيخين أحمد الأسير وعمر البكري من مبنى المعلومات، إلى مبنى الخصوصية الأمنية المستحدث، الذي تأسس بغاية ضمّ السجناء ذوي الخصوصيّة الأمنيّة. فماذا يجري في داخله؟

 

تمييز وإذلال!

يشير محامي الموقوفين الإسلاميين محمد صبلوح في حديثٍ لـ "المدن"، أنّه بعد اطلاعهم على أحوال السجن، تبيّن أنّ هذا المبنى كأنّه خُصّص للإسلاميين حصراً، وفيه سجناء من الطائفة السنيّة وحسب، وهو ما يناقض وظيفته الموكلة لضمّ كلّ السجناء ذوي الخصوصيّة الأمنية. يسترجع صبلوح ما حدث قبل مدّة داخل مبنى المحكومين، حين قام السجناء بخطف ثلاثة ضباط، "لكنّه جرى التعتيم على الحدث، ولم ينقلوا المخلين بأمن السجن حينها، إلى مبنى الخصوصيّة الأمنية"، يتساءل: "لماذا لم ينقلوا ميشال سماحة ويوسف دياب المتهم بتفجير مسجدي التقوى والسلام من سجن رومية إلى هذا المبنى، وكذلك كبار تجار المخدرات والمتهمين بقضايا القتل والإجرام؟ لماذا نشعر بتمييز طائفي بات واضح المعالم؟ ".

 

روايات كثيرة يرددها أهالي وزوجات الموقوفين الإسلاميين، حسب ما علمت "المدن"، عن حالات تعذيب وإذلال للسجناء داخل مبنى الخصوصية الأمنية، كان آخرها، أنّ القوّة الضاربة اقتحمت فجر الجمعة في 2 تشرين الثاني 2018، مبنى "ب" في رومية، لنقل بعض الموقوفين الإسلاميين إلى مبنى الخصوصية الأمنية. ولا يشتكي الأهالي من مبدأ نقل أبنائهم إلى هذا المبنى، وإنّما من سوء المعاملة التي يتعرضون لها وبلغت حدّ الإذلال، حسب تعبيرهم.

 

معاناة الأسير وبكري

تشرح زوجة الشيخ أحمد الأسير الحاجّة أمل لـ "المدن"، حالة الأسير داخل مبنى الخصوصية الأمنية، الذي نقل إليه في 16 تشرين الأول 2018. فهو منذ أن نُقل، لم يستطع الاستحمام حتّى اليوم، فهو غير قادر على استخدام الماء البارد جداً بسبب معاناته من الروماتيزم. وتضيف: "الوضع سيء جدًا. منذ نقله إلى المبنى الجديد، فقد جميع أغراضه الخاصة وملابسه، وتحججت إدارة السجن بإضاعتها".


لا يُسمح للحاجّة أمل بزيارة زوجها، إلّا لمدة ربع ساعة أسبوعيّاً، لتقابله من وراء الزجاج، وهذه حال سائر أهالي الموقوفين. في هذه الزيارة، يمنع على الأهالي إدخال أيّ نوع من الطعام، باستثناء اللبنة والماء. حتّى المعلبات والخضروات والفواكه لا يُسمح بإدخالها. مكان النزهة في هذا المبنى، وفق الحاجّة أمل، هو سطح مسقوف لا يدخله نور الشمس، ولا يخرج إليه السجناء بشكل منتظم، ويكونون مكبلين أيضاً، حتّى في أوقات زيارة ذويهم. تقول: "لا يسمحون للشيخ الأسير بأخذ دوائه بالموعد المنتظم، وهو يعاني من مرض السكري المزمن ومن ارتفاع نسبة الأملاح، ويفرض عليه وضعه الصحي أن يكون دقيقا بطعامه الخالي من السكر. لكنهم لا يقدمون له في الإفطار والعشاء إلا المربى. فما يعني ذلك؟".

تتوافق زوجة الشيخ عمر بكري مع الحاجة أمل، وتشكو مما وصفته بـ "الإذلال الكبير" الذي يتعرضن له أثناء التفتيش الشخصي لهن أثناء الزيارات، كما تفتيش أزواجهن وأبنائهن بـ"أساليب مهينة نخجل الحديث عنها".

 

الداخلية تنفي

عمليّا، لا ينفصل ما يحدث داخل مبنى الخصوصية الأمنية عن مسارٍ طويل من أحداث العنف التي تُتهم بها السجون اللبنانية، وكان آخرها محاولة إقدام أحد الموقوفين الإسلاميين في سجن الريحانية على الإنتحار، بسبب تعرضه للضرب والتعذيب. هذا الواقع، أنتج خطاب "المظلومية" الذي أضافه الإسلاميون على خطاب "استهداف" الطائفة السنيّة بشكلٍ عام. لكن مستشار وزير الداخلية العميد منير شعبان، يضع ما يتداوله أهالي الموقوفين بخانة "الشائعات" التي لا أساس لها من الصحة.

 

يستغرب شعبان اتهام إدارة السجن بتقسيم المباني طائفيّاً. وعن مبنى الخصوصية الأمنية المُعد كي يتّسع لحوالى 250 سجيناً، يشير شعبان أنّه تأسس بتقنيات حديثة، من أجل فصل كلّ جناح فيه عن الأجنحة الأخرى. و"حتّى الآن، لم يُستخدم السجن كاملاً، والسجناء ينقلون إليه تدريجياً، لا سيما أننا قيد إعداد دراسة لتوزيع السجناء في السجن من كلّ الطوائف".

 

يشير شعبان أنّ ثمة تضخيماً لما تفعله القوّة الضاربة، يهدف لتجييش الناس طائفياً. يقول: "هناك قوّة ضاربة ثابتة داخل السجن موجودة ولها دورها. وهذا حق قانوني لا نخجل منه. وحين تشعر هذه القوّة أننا بحاجة لاستخدامها، لن تتردد بفعل ذلك".

 

في المقابل، يعتبر المحامي صبلوح أنّ لا خيار لوزارة الداخليّة سوى نفي ما يحدث في أروقة سجونها: "لا مصلحة لأحد من الموقوفين والأهالي بالإفتراء على إدارة السجن، التي ستنفي حتماً وجود حالات تعذيب وإذلال". أمّا الحلّ الأنسب، وفق صبلوح، فهو بأن تسمح إدارة السجن للمنظمات الدولية التي تعنى بحقوق الإنسان، بالدخول إلى مباني سجنها، لتفقد أحوال السجناء، وللإطلاع على ظروفهم الإنسانية، حتّى تكون هي الفصل والحكم.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها