الجمعة 2018/10/12

آخر تحديث: 10:44 (بيروت)

سعد الحريري وماكرون.. ورفيق شيراك: ابحث عن الفرق!

الجمعة 2018/10/12
سعد الحريري وماكرون.. ورفيق شيراك: ابحث عن الفرق!
هناك تفاهم بين الحريري وماكرون بشأن إعادة فرنسا إلى الساحة اللبنانية (Getty)
increase حجم الخط decrease

وصف الرئيس سعد الحريري نفسه ذات مرّة، بأنه سعد حريري جديد، وقد تغيّر عما كان عليه قبل عشر سنوات. لهذا التغيّر معانٍ متعددة، تتعلّق بشخصيته وحركته السياسية. الحريري المتغيّر جزء من كونسورتيوم دولي واسع، له علاقات في الشرق والغرب، وليس محسوباً على قوّة إقليمية واحدة. وقد تعزز منطقه هذا بعد استقالته من الرياض، والتدخّل الفرنسي الحاسم يومها لإعادة الأمور إلى نصابها. تغيّر الحريري يتزامن مع تغيّر في الرؤية الفرنسية التي يسعى الرئيس إيمانويل ماكرون لإرسائها في سبيل إعادة الدور الفرنسي إلى المنطقة من الساحة اللبنانية.

لطالما كان لبنان ساحة جذب وتجاذب للقوى الدولية. في القرن السابع عشر والثامن عشر، كانت الدول العظمى تدعم بعض الجماعات لتحقيق موطئ قدم لها في المنطقة. فروسيا دعمت الأرثوذكس، في منطق الرهان على دعم الأقليات للدخول إلى المنطقة والتأثير فيها. بينما دعم الفرنسيون الموارنة للسبب نفسه، فيما اتجهت بريطانيا لدعم الدروز، والدور الشهير للجنرال روز في العلاقة مع الدروز. اليوم، تتكرر السياسة نفسها ولكن بطريقة مغايرة، كدعم إيران لحلفائها، وسياسة روسيا في سوريا، ومسعى دخول فرنسا من البوابة اللبنانية بالاستناد إلى نقطتين: العلاقة مع الرئيس ميشال عون، وثغرة وضع الحريري وعلاقاته.

تعزز الدور الفرنسي في لبنان بعد أزمة استقالة الحريري من الرياض. لم يقتصر تدخّل ماكرون على خروج الحريري من السعودية. طاول جوانب متعددة، كالمساعدة على إنجاز مؤتمر سيدر1، وصولاً إلى المساعي في تسهيل عملية تشكيل الحكومة. إلى أن بلغ حدّ وصف هذه العلاقة بأن فرنسا ماكرون هي ملجأ اللبنانيين في الأزمات، وحاجتهم لاجتراح التسويات، او لتوفير الغطاء لها. وهناك من يعود بالذاكرة إلى ما قبل حصول التسوية الرئاسية، بحيث كانت فرنسا ضليعة في تسويقها وتسويتها.

ثمة من يعتبر أن هناك تفاهماً بين الحريري وماكرون بشأن إعادة فرنسا إلى الساحة اللبنانية. والحريري يعتبر أنه يجب أن يكون جزءاً من إطار دولي، أي أنه يعود إلى لعبة والده. أيام الرئيس رفيق الحريري كانت السعودية، خصوصاً في عهد الملك فهد، تترك له حرية التصرّف كما يريد. وهذا الواقع بدأ بالتغير مع الملك عبدالله، إذ لم تعد الحرية متاحة. وقد تجلّى ذلك في اتفاق السين سين. واستمر في العهد الحالي في المملكة، على الرغم من بعض التغيرات الليبرالية، لكن أفق الحلفاء يضيق. وهذا ما يقرأه الحريري، ويبحث عن مجالات حمائية وتحالفية أخرى، لا سيما بعد أزمة استقالته من الرياض.

قد تصحّ المقارنة والتشبيه بين علاقة فرنسا بلبنان في الحقبة السابقة والحالية. كذلك، في الامكان المقارنة بين علاقة الحريري الأب مع الرئيس الفرنسي جاك شيراك، وعلاقة الحريري الابن بالرئيس إيمانويل ماكرون. ولكن بظروف متعاكسة أو طبيعة نقيضة. فقد كانت علاقة الحريري الأب بشيراك علاقة صداقة قوية، ولكنها في ظروف مختلفة، تتمايز عن وضع اليوم. فقد كان لرفيق الحريري اليد الطولى في اسداء الخدمات لشيراك. ويقال إنه حين كان شيراك رئيس بلدية باريس عمل الحريري على تشكيل لوبيات اقتصادية داخل فرنسا هي ما جعل شيراك يرتفع فوق استثمارات اقتصادية هائلة. وهذا ما مكّن رفيق الحريري إلى جانبه. ولكن، فيما بعد ردّ شيراك الجميل للحريري الأب على صعيد فتح الأبواب الدولية أمامه.

صحيح أن هناك علاقة قوية بين سعد الحريري وماكرون، ولكن الأساس في هذه العلاقة يعود للرئيس الفرنسي، الذي عمل على إسداء العديد من الخدمات للحريري، والتي سيكون مقابلها عودة فرنسا إلى مسرح الشرق الأوسط من البوابة اللبنانية. فقد ارتكز ماكرون على ثغرة في إطار العلاقات الخليجية والأميركية مع لبنان، استغلّها ودخل لشغل الفراغ في لبنان. وهذا الدور سيتطور في المرحلة المقبلة، ليس على طريق مؤتمر سيدر وتطبيقه فحسب، بل سيشمل جوانب متعددة، في العلاقات السياسية والاقتصادية، وفي قيام فرنسا بدور حاضنة الحريري.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها