ما دور بنك الاعتماد اللبناني في تمويل حملة لوبان؟

لم تقتصر زيارة مارين لوبان الرسمية إلى لبنان على الجانبين السياسي والدبلوماسي. فوفق موقع Media Part، جاءت زعيمة الجبهة الوطنية الفرنسية ومرشحة الرئاسة الفرنسية آنذلك إلى لبنان لتبحث عن تمويل لحملتها الانتخابية، بعدما فشل حزبها في الحصول على قروض من المصارف الفرنسية، واكتفت بمبلغ 6 ملايين يورو الذي استحصلت عليه من مجموعة Cotelec التي أسسها والدها وهدفها تمويل نشاطاته ونشاط حزبه.

واللقاء الذي من خلاله ستؤمن لوبان هذا التمويل حدث في مقهى في العاصمة الفرنسية مع أربعة رجال: المسؤول المالي للجبهة والران دو سان- جوست، حارس مارين لوبان الشخصي تييري ليجيي، واثنان من رجال الأعمال، أحدهما فرنسي من أصل لبناني.

يقف رجل الأعمال هذا خلف اللقاء الرباعي. فقبل شهر على الجلسة التي حصلت في الأول من آذار 2017، على بعد شهرين فقط من الدورة الأولى للانتخابات، أحاط رجل الأعمال هذا المقربين الاثنين من لوبان برغبة شريكه، لوران ماتيو، تمويل حملة زعيمة الجبهة الوطنية، التي لطالما حلم برؤيتها في قصر الإليزيه. لوران ماتيو، الفرنسي المقيم في بلجيكا والمتخصص في تجارة المجوهرات والماس، وضع على طاولة اللقاء عرضاً مغرياً: قرض بقيمة 5 ملايين يورو، واحتمال توسيع نطاق القرض أكثر بعد. في المقابل، يقدم دو سان-جوست فائدة على المبلغ بقيمة 6% لماتيو وإمكانية دفع مبلغ 9 أشهر فوائد فور توقيع العقد. أما رجل الأعمال الفرنسي- اللبناني فتبلغ قيمة عمولته 4% من مجمل قيمة القرض.

في الرسائل المتبادلة بين الأفرقاء لإتمام العملية التي سميّت "كومّاندو" (Commando)، كتب رجل الأعمال إلى دو سان- جوست: "من جهتي، سوف أقوم الأسبوع المقبل باللازم كما اتفقنا، ومن بعدها نحدد موعداً لتوقيع عقد استلام القرض". ويقصد رجل الأعمال بعبارة "اللازم" التركيبة التي وجدت لتأمين نقل الأموال إلى المرشحة، إذ سيسعى ماتيو إلى استعادة بضعة ملايين موجودة في حساب في جنيف، في سويسرا. والوسيلة تقتضي منه الاستعانة بمجموعة أسسها مع صديقه الفرنسي- اللبناني قبل ستة أشهر، وغايتها الأساسية الاستثمار في مطاعم وملاهٍ ليلية واسمها: Phenix Invest. في منتصف شهر آذار، أوجد الصديقان شركة فرعية من Phenix Invest في لبنان من شأنها أن تؤمن نقل الأموال بسريّة تامة، خصوصاً أن لبنان، الملاذ الضريبي، يتمتع بسرية مصرفية تعدّ من الأصعب لجهة اختراقها حول العالم.

لجأ الصديقان إلى بنك الاعتماد اللبناني، حيث فتحا حساباً لـPhenix Invest وحاولا قدر المستطاع تسريع عملية النقل هذه. بعد ثلاثة أيام على فتح الحساب، تم نقل مبلغي 5 ملايين دولار أميركي ثم 5 ملايين يورو من حساب ماتيو السويسري إلى حساب الاعتماد اللبناني. "من بعدها، يتم نقل 5 ملايين يورو من لبنان إلى صديقتنا..."، كتب ماتيو إلى صديقه. والصديقة هذه ليست سوى مارين لوبان، فيما تمت الإشارة في الرسائل إلى دو سان- جوست بلقب "الشارب". في رسالة أخرى من مصرفي في بنك الاعتماد اللبناني إلى ماتيو، أبلغ المصرفي أن عملية النقل تمت بنجاح وأن المبلغ سوف يكون متوفراً في 13 آذار.

لقاءات أخرى حصلت بين دو سان- جوست وماتيو، حيث سأل الأول الثاني عن سبب التأخير في استلام مارين لوبان الخمسة ملايين، فأجابه أن "كوماندو" تتقدم ومن المفترض أن يتم تنفيذ الاتفاق بعد أسبوع. لم يُعرف بعدها إذا ما كانت المرشحة استلمت هذا المبلغ أم أن العملية لم تتم. ورغم أن الحصول على قرض من شركة أجنبية لتمويل حملة انتخابية في أثناء حصول هذه المحادثات ليس أمراً غير قانوني، شرط أن يتم سداد المبلغ فيما بعد، يبقى الأهم في موضوع التمويل هذا، إلى جانب تعقيد عملية النقل، هو هوية المانح الكريم.

ليست هذه المرة الأولى التي تلجأ فيها مارين لوبان إلى تمويل أجنبي. وهي تبرر عادتها هذه بالآتي: "بما أن المصارف الفرنسية ترفض اعطائي قروضاً، من الطبيعي أن أبحث عن التمويل في مكان آخر". وفي هذا الإطار، غالباً ما يبقى الحزب على صمته عند سؤاله عن هذه المواضيع.

بنك الاعتماد اللبناني
بنك الاعتماد اللبناني هو مصرف لبناني تأسس في العام 1961، وبدأ بفرع واحد في ساحة رياض الصلح. أصبح اليوم مجموعة مصرفيّة وماليّة ضخمة من مجموعات الصدارة في لبنان، ولديه شبكة فروع واسعة عددها 68 فرعاً تغطي الأراضي اللبنانيّة، وتمتد إلى العالم من خلال وحدات تابعة في قبرص والبحرين والسنغال وكندا وبغداد وأربيل والبصرة.

يرأس مجلس إدارته جوزيف طربيه الذي يتولى رئاسة جمعية مصارف لبنان للمرة الثانية على التوالي. ويصنف بنك الاعتماد اللبناني من المصارف الـ10 الأول في لبنان (الفئة ألفا) ومن بين أكبر 1000 مصرف في العالم، وفق رأس المال الأساسي. الشريحة الأولى لرأس مال بنك الاعتماد اللبناني 674 مليون دولار. أما موجوداته فنحو 10 مليارات دولار.