الإثنين 2017/07/24

آخر تحديث: 00:14 (بيروت)

من يملك القرنة السوداء؟

الإثنين 2017/07/24
من يملك القرنة السوداء؟
يؤكد كل طرف ملكيته للأراضي المتنازع عليها في القرنة السوداء (Getty)
increase حجم الخط decrease

مجدداً قفز إلى واجهة الإهتمامات في محافظة الشمال الخلاف على ترسيم الحدود في منطقة القرنة السوداء بين قضائي الضنية وبشري، الذي تعود جذوره إلى ما قبل تأسيس لبنان الكبير. فمع كل موسم صيف، يبدأ تقاذف إتهامات حول حصول تجاوزات تؤدي إلى تعكير "العلاقة الطيبة" بين الجيران على ضفتي الجبل.

وتكمن أهمية هذه المنطقة، الغنية بالمياه، في إعتماد النشاط الإقتصادي لأهالي المنطقتين على الزراعة. ومنذ عقود يقوم سكان الضنية بجر المياه من "التلاجات" وبرك تجميع مياه الثلوج لري أراضيهم في الفترة الممتدة من 15 حزيران إلى نهاية تموز. ووفق رئيس بلدية بقاعصفرين سعد طالب، فإن المشاكل تتكرر منذ 25 سنة، كذلك الإعتداءات التي يقوم بها بعض الخارجين على القانون من الجهة المقابلة على خراطيم المياه التي تنقل المياه إلى الأراضي التي تمتد من علو 3000 إلى 1200 متر. وهي اعتداءات "لا يمكن التعايش معها، لأنها إعتداءات على ملكية أراضي بقاعصفرين، كما أنها تتهدد بالخطر مورد نحو 600 عائلة تعمل في زراعة الخضروات".

في المقابل، يرفض رئيس بلدية بشري فريدي كيروز الحديث عن خلاف بين منطقتين، ويشير إلى أن مجهولين قاموا بتقطيع نباريج المياه في العام الماضي، مؤكداً الإلتزام بالإتفاق الذي رعته مخابرات الجيش والذي يتيح لأهالي الضنية الحصول على المياه من خمس ثلاجات.

ويدافع كيروز عن موقف أهل بشري، بالقول إن "مد النباريش يؤثر على المياه الجوفية التي تصل إلى بشري وزغرتا والضنية". كما يضع رئيس بلدية بشري هذه المنطقة ضمن خانة "الأرض المحمية". ففي العام 1997، صدر قرار عن وزير البيئة أكرم شهيب يمنع اقامة أي منشآت أو نشاطات بشرية على الأراضي التي يتجاوز إرتفاعها 1700 متر.

ونظراً لخصوصية المنطقتين، فإن قيادة الجيش والأحزاب السياسية الحليفة دخلت على خط المعالجة. ويوضح نائب تيار المستقبل أحمد فتفت أن جميع الجهات سلمت الحل إلى قيادة الجيش لأنه "موضوع أمني بإمتياز"، معطياً الموضوع "بُعداً معنوياً". يضيف فتفت أن "قيادة الجيش تعهدت الإشراف على تنفيذ الإتفاق بين بلديتي بشري وبقاعصفرين، لكنها حتى الآن لم تقم بذلك".

ويدعو فتفت، الذي زار أخيراً رئيس حزب القوات سمير جعجع، إلى معالجة هذا "الموضوع الحساس" بمسؤولية بعيداً من "المزايدات التي تخرب الدني". وقد توصل الأطراف من المنطقتين، برعاية سياسية، إلى قرار إنشاء "بحيرة عَطارة الإصطناعية" لجمع المياه من نقاط محددة وجرها إلى الأراضي الزراعية في بقاعصفرين. وتم تكليف الهيئة العليا للإغاثة بوضع الدراسات وتغطية تكاليف التنفيذ.

الكلمة الأخيرة للقضاء
يمكن وصف جميع الحلول الحالية بالمؤقتة، إذا لم يأخذ القضاء العقاري المبادرة. ففي لبنان مساحات واسعة من الأراضي غير خاضعة لأعمال التحديد والتحرير ولم تنشأ لها صحائف عينية عقارية. وفي الحالة الراهنة بين بشري والضنية، فإن منشأ الخلاف يعود إلى وضع نقاط فصل واضحة لـ"حدود جبل لبنان التاريخية مع السلطنة العثمانية".

ويؤكد كل طرف ملكيته للأراضي المتنازع عليها في القرنة السوداء. وتتذرع كل جهة بإمتلاكها الوثائق والخرائط التي تجزم بتبعية الأرض لها. ففي وقت يعتبر أهالي الضنية ملكية القرنة "حقيقة تاريخية بادية للعيان"، مستندين إلى "خرائط رسمية موجودة في حيازة الجيش اللبناني"، فإن أهالي بشري يؤكدون وجود مستندات يعود تاريخها إلى ما يزيد عن مئة سنة، أي إلى ما قبل مرحلة تأسيس لبنان.

ويجمع الأفرقاء على ضرورة تدخل وزارة المال والقضاء المختص لحسم الخلافات بين المنطقتين، لأن في ذلك فائدة كبيرة للدولة اللبنانية لأن القرارات القضائية سيكون لها الكلمة الفصل في حماية المشاعات وأملاك الدولة، وتحديد الأملاك الخاصة بالأفراد.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها