الإثنين 2015/01/19

آخر تحديث: 16:05 (بيروت)

لماذا لن يرد حزب الله الان؟

الإثنين 2015/01/19
لماذا لن يرد حزب الله الان؟
increase حجم الخط decrease

هل هو سوء الطالع الذي أوقع أمين عام حزب الله حسن نصرالله في ما وقع فيه؟ ما كادت تمضي ثلاثة ايام على المقابلة المطولة لنصرالله على شاشة الميادين، رافعاً سقف التعبئة والمواجهة المعنوية الى مستويات جديدة حتى جاءت الغارة على موكب لعدد من قادة وعناصر حزب الله في القنيطرة لتضع مضمون المقابلة امام الامتحان.

 

جزم نصرالله ان الاعتداء على محور المقاومة في سوريا وغير سوريا يعني ان المقاومة سترد وان حقها في الرد متوقع في اي لحظة. استفاض في موضعة عبوة مزارع شبعا، في سياق إدارة حزب الله للخطوط الحمراء مع اسرائيل. أكد ان المقاومة ردت على عملية عدلون التي سقط فيها عنصر لحزب الله بوصفها خرق لا يتسامح فيه حزب الله إذ ان القتل "كان عمداً"! -الم يقتل عناصر الموكب في القنيطرة عمدا؟ الم يقتل القيادي حسان اللقيس في قلب احد مربعات حزب الله الأمنية عمداً؟ مر نصرالله في سياق المقابلة عشرات المرات على فكرة الجهوزية العالية للحزب عتادا وعديدا وتدريبا وخططا محذرا اسرائيل ومتوعدا إياها بحرب لا قبل لها بها وان كانت حرباً "لا نريدها ولا نسعى اليها" كما أوضح.

 

وفيما كانت الذراع الإعلامية لحزب الله تمضي في التعبئة وتبني على لقاء "الميادين" مستفتية الناس حول "المعادلات" التي طرحها نصرالله جاء الخبر من القنيطرة، فكانت الشاشة شاهدا على حجم الارتباك. تزامنت في نشرة اخبارية واحدة أمس اخبار الغارة في القنيطرة وأثمانها المادية والمعنوية الفادحة، مع تقارير تقول على ألسنة المواطنين ان اسرائيل لا تجرؤ على الاعتداء وان الردع وتوازن الرعب يمنعانها من ذلك، في تكرار لما جاء في تصريحات نصرالله في اللقاء التلفزيوني. كان الفارق هائلا بين ردع متخيل وجبروت لم يخرج ابعد من رطانة الخطابة وبين واقع تستبيحه اسرائيل بطريقة قاسية ومهينة.

 

هل سيرد حزب الله؟

 

معلقون محسوبون على حزب الله ووسائل إعلام معروفة بتنسيقها الدقيق مع المقاومة في كل ما يتصل بأخبارها، صبت كلها في خانة واحدة وهي ان لا رد قريباً خارج الثبات على ما هي الأمور عليها الان لا سيما في سوريا، وهو ما لا يبدو انه يكفي لحفظ ماء وجه محور المقاومة ولا حماية معنويات جمهورها، الذي خَيل له بعد مقابلة الميادين ان الجبهات ستفتح بالتزامن مع "جنريك" الختام. والتالي فان حزب الله امام معضلة قاسية. لا يستطيع الا ان يرد ولا يستطيع ان يرد في الان عينه! أقله ليس الآن.

يقوم هذا الافتراض على ان إيران ليست، الان، في وارد فتح جبهة مع اسرائيل تضحي فيها بجهد وتركيز وامكانات حزب الله من دون ان تكون في النهاية قادرة على تغيير جدي في معادلة موقع اسرائيل وواقعها السياسي والعسكري والجغرافي. فحزب الله بعد حرب العام ٢٠٠٦، بات بوظيفة واحدة وهي حماية النظام الإيراني، وما دخوله في سوريا دفاعا عن نظام بشار الأسد الا انسجاما مع هذا الهدف الاستراتيجي للنظام في طهران التي تعرف ان سقوط دمشق يمهد لسقوط رأس محور المقاومة في بلاد ولاية الفقيه.

 

غير ان هذا الافتراض لا يلغي بتاتاً احتمال الحرب في حسابات ايران، وإلا لما كان عدد من قادة حزب الله وقائد من الحرس الثوري الإيراني تواجدوا في الموكب المستهدف في منطقة القنيطرة. فما كشفته الغارة بموقعها ومستَهدفيها يشير بوضوح الى ان طبيعة المهمة التي كان يقوم بها هؤلاء تتصل اتصالا مباشراً بالتحضير لمواجهة ما مع اسرائيل من الجولان اذا ما اضطرت ايران لدخول الحرب اما بسبب نجاح مفاوضاتها النووية مع الغرب وما سيستدرجه النجاح من شغب اسرائيلي، أو بسبب فشل المفاوضات، وهو الأرجح، ما يرفع احتمالات الخيارت العسكرية ضد ايران.

 

 ما سيؤخر الرد بالضرورة، هو الطبيعة الأمنية للغارة الإسرائيلية على الموكب وما دلت عليه من خرق أمني عميق لحزب الله في أمنه العسكري وقيادته الميدانية، وهو ما لم يكن ممكنا في غيابه تنفيذ الاغتيال. وإذا كان حزب الله لم يستوعب بعد خضّة الاختراق الأمني الذي مثله تجنيد المسؤول الأمني فيه محمد شوربة لصالح الموساد الاسرائيلي فهو سيجد نفسه مضطرا لورشة تنقية أمنية ومراجعة شاملة تطال مختلف قطاعاته ما تستلزمه هذه الورشة من جهد ووقت وتركيز سيضاعف من استنزاف طاقة الحزب في لحظة حساسة في المواجهة التي يخوضها.

 

غارة القنيطرة وحدت الجبهة اللبنانية السورية بلا شك مع كل ما يعنيه ذلك من مخاطر كبيرة على لبنان. وهذا يعني اننا دخلنا عملياً في الحرب. اما رد حزب الله فتفصيل في لوحة اكبر وان كانت الاهانة الأمنية والعسكرية التي تلقاها من قياسٍ كبير جداً. 

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها