الثلاثاء 2023/09/19

آخر تحديث: 11:09 (بيروت)

أحمد طنطاوي..المرشح المحتمل

الثلاثاء 2023/09/19
أحمد طنطاوي..المرشح المحتمل
في رأيه: التحرش مشكلة لأنه يسيء لسمعة مصر.. فقط!
increase حجم الخط decrease
حتى اليوم، لا مرشح لخوض الانتخابات الرئاسية المصرية المقبلة من جانب المعارضة ويمكن افتراض جديته، سوى النائب السابق في مجلس النواب، أحمد طنطاوي. بالطبع هناك أسماء أخرى مطروحة. على سبيل المثال، وافقت الهيئة العليا لحزب الوفد الجديد، على ترشح رئيس الحزب عبد السند يمامة في الانتخابات. لكن يمامة منذ توليه رئاسة الحزب في العام الماضي، أدلى بالكثير من التصريحات شديدة التأييد لمنافسه المفترض، وطالب في واحدة منها بوضع "اسم الرئيس السيسي إلى جانب محمد علي وسعد زغلول" كونه "حجز موقعه في التاريخ المصري".

إلا أن الجدية الذي نحسب طنطاوي مستوفياً لحدها الأدنى، لا تعني بالضرورة فرصاً في الفوز ولا إمكانية المنافسة أو حتى خوض الانتخابات بالأساس. فشروط الترشح، ومن بينها جمع العدد الكافي من توكيلات المواطنين، على الأرجح، ستكون عائقاً أمام تأهله لخوض الانتخابات، وبالأخص مع ترصد الأجهزة الأمنية لحملته الانتخابية. وعلى الرغم من افتقاد طنطاوي، وأي اسم سياسي آخر، لحظوظ ولو صُورية أمام السيسي، لانتفاء السياسة بالإجمال بحكم السلاح، فإن جدية طنطاوي تستند إلى أمرين لا علاقة لهما بأنصبته في أوزان المنافسة.

أولاً، بسبب مواقفة المعارضة علناً، الحادة في لغتها وغير الهيابة في نبرتها، داخل البرلمان وخارجه. وتوجيه نقده إلى الرئيس بالاسم، بلا مناورة، وهذا في سياق مخاطرته بالهجوم على سياسات النظام في عدد من المسائل الحساسة مثل قضية تيران وصنافير، من دون خشية التبعات. الأمر الثاني هو أن طنطاوي، الأقرب في العمر إلى جيل يناير، كان قد راكم شعبية معتبرة في الدوائر المتبرمة من النظام، سواء كانت مسيّسة أم لا، وبالأخص بين الأجيال الأصغر سناً، وذلك لأسباب تتجاوز مواقفه البرلمانية، ومن بينها حسن مظهره وطريقته في الحديث المحتكمة لقاموس لغة حقوقية وقانونية تتخللها أحياناً مقتطفات من فصاحة تراثية، وكذا تحاشيه لرطانة شعبوية معتادة تتقاسمها السلطة وجل المعارضة على السواء.

بالنسبة للبعض، يظل اسم طنطاوي وصمة موقفه الرافض لتشديد العقوبة على جريمة ختان الإناث، ومبرراته غير المتماسكة لهذا الرفض، وجملة مواقف أخرى، إن لم توصف بالرجعية، فإنها على الأقل شديدة المحافظة. مثلاً، عارض طنطاوي تمييزاً إيجابياً لصالح المرأة والأقباط، بمنحهم كوتا مؤقتة في اللوائح البرلمانية. وفي تصريحات لاحقة، دان طنطاوي التحرش الذي تتعرض له النساء في الأماكن العامة، لكن مبرره أنها ظاهرة تسيء لمصر، وهو ما يهمّش معاناة النساء لصالح كيان اعتباري مطلق.

وأيضاً، رفض طنطاوي اقتراحاً بإلغاء خانة الديانة من البطاقة الشخصية، وفي لقاء تلفزيوني شرح مبرراته بدعوى الحاجة لمعرفة ديانة الشخص لأسباب تتعلق بإجراءات قانون الأحوال الشخصية، بل ولأغراض اجتماعية أيضاً. وكان لتلك المواقف والتصريحات أن تمنع الكثير من معارضي النظام، وبالأخص من بين الأقباط والنساء، من إبداء الحماس نحو طنطاوي ونيّة ترشحه.

سؤال الانتخابات المقبلة لا يتعلق باحتمالات فوز طنطاوي، بل إلى أي مدى يمكنه الوصول في جدولها الزمني: مجرد نية الترشح؟ أم الشروع في جمع التوكيلات؟ أم وضع اسمه في بطاقة الاقتراع؟ وطالما أن الأمر يبقى رمزياً، فالمتحفظون على بعض من مواقفه السابقة، لا يجدون معنى في تقديم التنازلات بشأن توافق مُعارض حوله. أما المتحمسون له، فيجدون فيه مرشح ضرورة، ربما تسمح حملته الانتخابية والالتفاف حولها باستغلال أي مساحة متاحة لممارسة السياسة، وبغية إبداء الرفض تجاه السلطة القائمة وهز صورة هيمنتها الكاملة.

واللافت في هذا الشأن، هو مسارعة المئات من كافة المحافظات للتطوع في الحملة الانتخابية لطنطاوي، حتى من قبل إعلان الترشح الرسمي. ولعل هذا أكثر ما تخشاه الأجهزة الأمنية، أي تلك الشبكة السياسية المعارضة الكامنة والقادرة على التكون بشكل فوري وعارض. لذلك، فإن أخبار اعتقال الأمن الوطني لعشرات من أعضاء الحملة الانتخابية لطنطاوي، قبل أيام، تخبرنا بأنه حتى لو سمح له بخوض الانتخابات، فإنه سيفعل ذلك من دون مؤيدين.
 
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها