الإثنين 2023/04/10

آخر تحديث: 11:05 (بيروت)

صواريخ عابرة..تلفت أنظار الاسرائيليين

الإثنين 2023/04/10
صواريخ عابرة..تلفت أنظار الاسرائيليين
increase حجم الخط decrease

 الصاروخ العابر للحدود، هو سلاحٌ نفسيٌ أكثر مما هو سلاحٌ عسكريٌ او سياسيٌ. وهو نادراً ما يخدم مُطلقه، بل غالباً ما يؤذيه ويضر به. إستخدامه الآن، من غزة وجنوب لبنان وجنوب سوريا، للتعبير عن الغضب من الانتهاكات الاسرائيلية المتلاحقة لحرمة المسجد الاقصى، يندرج في هذا السياق، ويثير علامات استفهام، حول ما اذا كان قد عدّل ميزان القوى المختل مع العدو الاسرائيلي، وما إذا كان قد وفّر بعض الأمان للشعب الفلسطيني.

الصواريخ الفلسطينية الثلاثين التي اطلقت من لبنان هي حالة خاصة. عودة هذا السلاح بشكل مدوٍ الى قواعده اللبنانية القديمة، التي سبق ان إستخدمت وإستنفدت طوال ثلاثة عقود من القرن الماضي، نقطة تحول حاسمة، حتى وفق الحسابات الفلسطينية، وليس فقط الحساسيات اللبنانية، التي لم تسلم منها صواريخ حزب الله: ماذا يفيد تكرار تلك التجربة البائسة التي كانت كارثية على الشعبين اللبناني والفلسطيني اللذين لا يزالان محرومين من الغطاء الجوي ومن الملاجىء البرية، حسب لغة الستينات والسبعينات..عدا عن حاجتهما الملحة الى الوحدة الوطنية والمناعة الاجتماعية في مواجهة العدو الاسرائيلي.

الرد الاسرائيلي على تلك الصواريخ الفلسطينية – اللبنانية، استوعب مغزاها النفسي، ولم يغير كما يبدو من جدول الاعمال القائم على تفادي الحرب التقليدية الشبيهة بحروب العام 1982 او حتى ال2006،  والمضي قدماً في الحرب الاستخباراتية والامنية والعسكرية التي تحقق مكاسب واختراقات مذهلة في كل من سوريا وايران، ويمكن ان يصبح لبنان في صدارة لائحة الاولويات والاهداف في المرحلة المقبلة..وهو خطر لا يمكن صدّه ولا الرد عليه بسهولة. موازين القوى تميل لمصلحة العدو الاسرائيلي بشكل ظاهر.

الزعم بأن إيران هي التي اطلقت هذه الصواريخ من غزة ولبنان وسوريا، لأنها في مأزق نووي او سياسي او حتى اقتصادي، غير دقيق بالمرة، بل هو يتنافى مع حقيقة ان مسار التطبيع مع السعودية يتسارع هذه الايام أكثر مما كان متوقعا، بل هو يوحي وكأن البلدين يخوضان سباقاً مع الزمن، ويريدان العلاقات الثنائية الطبيعية، والتحولات الميدانية اليمنية بأسرع من مهلة الشهرين التي حددها اتفاقهما في بكين.

يمكن ادراج الاسهام الايراني في تلك الموجة الصاروخية على اسرائيل، بصفته تعبيرا عن غضب إيران، الدولة والقيادة، مما يجري في المسجد الاقصى. وهو ما يفيد سعي تلك الدولة والقيادة الى الانخراط في ذلك الصراع، على الطريقة التركية، وربما أيضا طموحها الى التواصل والتعاون والدعم للجيل الجديد من الفدائيين الفلسطينيين الذي تنتجه الآن المواجهة الحالية مع العدو الاسرائيلي.

وهذا هو أسلم وأنسب تقدير وتحليل للموجة الصاروخية الاخيرة، التي لم تستدرج إسرائيل الى حرب، على ما زعم البعض، ولم تكن تخطط لمثل هذا الاستدراج أصلاً. لان إسرائيل تعرف جيداً مكمن الخطر الفعلي، وهو يتجسد في منفذي العمليات الفدائية في تل ابيب والقدس والضفة الغربية وغور الاردن. هذا الخطر لم يتـأثر كما يبدو بالصواريخ العابرة للحدود، التي كانت نفسية، بقدر ما كانت بدائية ايضاً، تنتمي الى طراز صواريخ الستينات والسبعينات. وكان اطلاقها أفضل من الاحتفاظ بها في المخازن حيث يمكن ان تصبح تهديداً داخلياً، على غرار ما جرى سابقاً في مخيمات الجنوب اللبناني.

الجدل حول الأثر النفسي أو المعنوي لتلك الصواريخ على الجيل الجديد من فدائيي الداخل الذين يقودون الصراع الآن مع العدو، وبأشكال شديدة الجرأة والصلابة والارادة التي تحيي فلسفة الفداء وميزاته الفلسطينية الفريدة، لا يخدم أي غرض سياسي..حتى ولو كانت الصواريخ مجرد مفرقعات أو ألعاب نارية تنفجر فوق رؤوس الاسرائيليين، وتلفت نظرهم الى أن حرب الابادة التي يشنونها على الشعب الفلسطيني في الداخل، لا تُحتمل!   

 

              

 

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها