الخميس 2022/09/15

آخر تحديث: 11:19 (بيروت)

لكي لا يُظلم تكتل التغيير

الخميس 2022/09/15
لكي لا يُظلم تكتل التغيير
increase حجم الخط decrease

الجدل المثار حول طريقة دخول تكتل نواب التغيير ال12 في حملة انتخابات رئاسة الجمهورية، صحي ومفيد، حتى ولو اتخذ شكل كتابات انفعالية على وسائل التواصل الاجتماعي، التي صارت المنتدى الأهم، وربما الأوحد للسياسة في لبنان. هو مقياس دقيق للعلاقة بين الناخب والمنتخَب، خارج مراكز الاقتراع، كما أنه مؤشر على فرص تطوير صناعة القرار السياسي.. حتى ولو كانت المعركة صعبة، وأدواتها مفقودة.

لكنها ليست معركة مفتعلة. أو على الاقل ما زال يمكن ان تصبح جدية. منذ أن أسفرت الانتخابات النيابية الاخيرة عن فوارق بسيطة لا تتعدى أصابع اليد الواحدة، بين الكتل البرلمانية الكبرى، بات تكتل نواب التغيير، الذي إنتخب مختلف أعضائه بالتحدي والنكاية بمرشحين فاضحين للسلطة وأطرافها، والذي إلتقى على عَجل حول فكرة التآلف، والتوافق التدريجي، بمثابة مشروع كتلة مانعة، وكفة راجحة في أي تصويت برلماني، يفوق عدد أعضائها كتلا برلمانية حزبية أو مستقلة، مرشحة لأدوار مؤثرة أكثر في اختيار الرئيس المقبل للجمهورية.

المبادرة التي أطلقها تكتل نواب التغيير وإفتتح فيها حملته للانتخابات الرئاسية، بنص غلبت عليه البديهيات، كانت خطوة متقدمة جدا، بالقياس الى الفراغ الهائل، وغير المألوف في التاريخ اللبناني، في مقاربة الاستحقاق الرئاسي الذي كان في ما مضى، وقبل أن يفرغ المنصب من الكثير من محتواه وصلاحياته، منعطفاً حاسماً في تشكيل السلطة وتوجيه الحكم في لبنان. لكن اعلان النوايا الذي احتوته المبادرة، لم يبدد الفكرة الرائجة عن أن تكتل النواب ال12 لم ولن يكون صوتاً موحداً، في تحديد هوية الرئيس المقبل، عندما يجري التصويت في مجلس النواب. وعليه أعطت المبادرة الانطباع بأنها مجرد محاولة لجمع النواب ال12 حول موقف واحد، أكثر مما هي مقدمة لتكوين الكتلة المرجحة لفوز هذا المرشح أو ذاك في الرئاسة الاولى.

في الحالتين، النية صافية. وهي لم تجادل بالقدر اللازم، إلا عندما بدأ النواب ال12 الالتزام ببنودها، أي الشروع في لقاءات مع بقية الكتل البرلمانية، التي يفترض أن الانتخابات النيابية خيضت ضدها. هنا حلق الجدل في سماوات خيالية. المشاركة في الانتخابات الرئاسية، ضرورة لا شك فيها، ومهمة لا مفر منها، حتى ولو انتهت الى اقتراع احتجاجي، بورقة بيضاء او بالتصويت لمرشح من خارج قائمة الاسماء المعروضة على المجلس النيابي. أما المجادلون، المعارضون لمثل هذه اللقاءات، على قاعدة الشعار السطحي " كلن يعني كلن"، فإنهم يفتقدون أبجديات السياسة ومعطياتها اللبنانية التي لا يمكن لأحد أن يخطئها، والتي تؤكد أنه ليس لدى تكتل نواب التغيير نصف مليون متظاهر يمكن ان ينزلوا الى الشوارع لقلب الموازين الحالية، مثلما لم يتوجهوا الى صناديق الاقتراع في شهر أيار الماضي لإسقاط "المنظومة" المهترئة.

ثمة ملاحظات على هذه اللقاءات جديرة بالتسجيل، منها أن تكتل ال12 لم يطلب الاجتماع في حرم مجلس النواب او حتى في ساحة النجمة، لكنه زار رؤساء الكتل الاخرى في مكاتبهم الخاصة وفي منازلهم.. مع العلم أن بعض هذه الكتل أقل عدداً وشأناً من التغييريين، وإن كانت أشد دهاء وأكثر خبرة. وهو ما يوحي بان النواب ال12 غير واثقين بأنفسهم حتى الآن أنهم مشروع كتلة راجحة، يمكن أن تضمن النصاب القانوني في جلسات انتخاب رئيس الجمهورية في مجلس النواب، بل يمكن ان تكون حاسمة في إختيار الرئيس المقبل، طالما أن أصوات النواب المسيحيين (الموارنة تحديداً) متصارعة الى هذا الحد، وأصوات المسلمين مشرذمة الى هذا المستوى.

أن تبرير تلك اللقاءات بأنه مسعى من التكتل للبننة الاستحقاق الرئاسي، فتلك ثغرة في قراءة النواب ال12 يمكن إسنادها الى النوايا الحسنة ليس إلا..لأن الشواهد على أن الاستحقاق الراهن ملبنن فعلاً، لا تعد ولاتحصى، وهي تحير جميع العاملين بالشأن السياسي، الذين لاحظوا منذ مدة أن جميع التوسلات اللبنانية لدى العواصم العربية والاجنبية للمساهمة في اختيار الرئيس، على نحو ما جرت العادة منذ الاستقلال وحتى اليوم، ضاعت سدى، وبات البرلمان بأعضائه ال128، "سيد نفسه" حقاً.. وصار تكتل التغيير، مشروع كتلة مرجحة بالفعل لا بالقول. 

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها