الأحد 2022/08/21

آخر تحديث: 22:20 (بيروت)

معركة الرئاسة..فرصة مارونية ضائعة

الأحد 2022/08/21
معركة الرئاسة..فرصة مارونية ضائعة
increase حجم الخط decrease

فات الاوان على افتعال معركة انتخابات رئاسة الجمهورية. لم يبق سوى تسعة ايام على بدء المهلة الدستورية لانتخاب رئيس، وتسعة وستين يوما على خروج الرئيس. ومع ذلك لا أدلة على امكان حصول معركة، ولا حتى انتخابات. ولا ربما تعيين، بل مجرد همسات واستفسارات وتكهنات حول موعد الجلسة النيابية الاولى للانتخاب، وحول حملات الشطب المتبادل لأسماء طامحين لم يعلنوا في الاصل ترشيحاتهم، ولا برامجهم، ولا نواياهم ، ولم يسافر أي منهم، ولو في السر، الى أي عاصمة عربية أو أجنبية معنية.. ولم يحافظوا على أي من تقاليد ذلك الاستحقاق الوطني.

ما يبدو أنه خمول سياسي ماروني ، ليس نتاج حالة موروثة من التشرذم والتوتر تؤدي الى استحالة تشكل غالبية مارونية -مسيحية، على مرشح واحد، كما في العام 2016. بل هو ناجم عن اعتقاد شائع بأن ثمة إسماً سينزل من مكان ما، في لحظة ما، ليستقطب تلك الغالبية..من دون الأخذ في الاعتبار أنه قد لا تكون هناك عاصمة مستعدة لتحمل مثل هذه المسؤولية وذاك العبء،  في بلد يعمّه الخراب وتحكمه شريعة الغاب.  

طقوس الانتخابات الرئاسية ورموزها وإشاراتها الراهنة، تجعلها واحدة من أغرب الانتخابات في تاريخ الجمهورية وأصعبها. بالطبع لم يسبق ان شهد لبنان معارك انتخابية طبيعية، لا في تعدد الاسماء وتنافسها، ولا في تنوع البرامج والتوجهات، ولا في كلمات السر التي كانت تأتي من الخارج وتصنع الرئيس تلو الرئيس..والتي لم تصل في خريف العام 2016، ولن تصل على الارجح في الخريف المقبل. الوعظ المستمر بتفادي التمديد أو الفراغ الرئاسي، ليس سراً،  بل هو العلن الوحيد المتفق عليه في البلد وخارجه.

  حتى الآن جرت، ولا تزال، محاولات متعددة، ومتواضعة، لافتعال معركة انتخابية رئاسية، لكنها كما في المرات السابقة اصطدمت بنوبات من الخوف في اقتحام ذلك الاستحقاق على نحو علني، عادي، يستبعد الفكرة المسبقة عن الحرق المشبوه للاسماء المتداولة للدورة الانتخابية المقبلة، أو حتى للدورات الانتخابية اللاحقة. أما الحاجة الى فتح نقاش المعايير والبرامج والشركاء والحلفاء وحتى المستشارين للرئيس المقبل، فإنها بدت وكأنها هرطقة، لا تليق بأي مرشح ولا تقنع أي نائب ناخب، لا ينتظر في الاصل مثل هذه المتطلبات، لكي يبني موقفه ويحدد خياره!

  حتى فكرة الانتخابات التمهيدية، التي كانت ولا تزال مطروحة، سواء على مستوى الطائفة وحدها، أو ربما المغامرة بفتح موقع خاص على شبكة الانترنت لقياس الرأي العام، الماروني أولا وتاليا المسيحي، ومن دون السماح للمسلمين باجتياحه، تمهيدا لاختيار لائحة من اثنين او ثلاثة مرشحين، تقدم الى مجلس النواب لاختيار الأنسب، ما زالت تصنف في مرتبة الشعوذة والمس بالمحرمات.. والاساءة الى استطلاعات الرأي الداخلية "السرية" التي تجريها بين الحين والاخر، الاحزاب والقوى المسيحية الرئيسية. وكذا الامر بالنسبة الى اللجوء الى الكنيسة المارونية، التي أوحت في ردها الاخير على الاسئلة الفرنسية حول المرشحين الرئاسيين الاربعة، أنها ليست في وارد حمل هذه الجمرة الملتهبة، مرة أخرى، وتكرار تجارب البطريرك الراحل نصر الله بطرس صفير المخيبة مع المرشحين والمسترئسين..ومع الناخبين الخارجيين.

للضرورة أحكام. لا مفر من اختيار رئيس جديد، كما جرى انتخاب مجلس نواب جديد. لكن كيف، وبأي أصوات وحسابات؟ الرئيس الحالي لن يبقى يوماً في منصبه، بعد 31 تشرين الاول /اكتوبر المقبل، لاسباب سياسية يعرفها الجميع، في الداخل كما في الخارج. قائد الجيش الحالي العماد جوزف عون ، المرشح، المرجح حتى الآن، للنزول من اليرزة الى قصر بعبدا، كان يمكن ان يكون أكثر المستفيدين من "معركة مفتعلة" حول الرئاسة، بدل ان يكون دوره سد فراغ دستوري، لم تستطع الطائفة المارونية ان تملأه، ولو بالافكار ، ولم تتمكن الطوائف الاخرى من تجنبه، ولو بالأراء..       

 

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها