الإثنين 2022/10/24

آخر تحديث: 01:36 (بيروت)

معجزات ضرورية..لانتخاب رئيس جديد

الإثنين 2022/10/24
معجزات ضرورية..لانتخاب رئيس جديد
increase حجم الخط decrease

من دون دليل ثابت، ساد ولا يزال، الاعتقاد بأن الدول العربية والاجنبية المعنية بالرئاسة والسياسة اللبنانية، توافقت في ما بينها على ترك اللبنانيين يتدبرون أمورهم في انتخاب رئيس مدني يخلف الرئيس (العسكري السابق) ميشال عون، حتى إذا ما فشلوا في تلك المحاولة، فإنها ستتدخل في اللحظة الاخيرة، لكي تفصح عن مرشحها الفعلي، قائد الجيش الجنرال جوزف عون، و"تنصح" مجلس النواب بانتخابه.. تفادياً للفراغ، الذي يفترض ألا يدوم سوى بضعة أيام أو أسابيع لا أكثر، بعد خلو قصر بعبدا.

وعلى الرغم من التسليم الضمني الواسع بهذا السيناريو، فإنه يبدو مثل لعبة هواة سياسة، لا فكرة ممثلي دول، يتعاطون مع مسألة سياسية جدية، الى حد ما. هذا اذا تأكد أن مثل هذا التوافق العربي والدولي موجودٌ فعلاً، ولا يمكن أن يخضع للنقض أو التعطيل من أي دولة عربية أو أجنبية مهتمة بالشأن اللبناني. وهو ما سيكون بمثابة معجزة فعلاً، وتستدعي حصول مجموعة من المعجزات، التي ليست كلها لبنانية، كما يتعارض مع ما راج بكثرة في الاسبوع الماضي وحده عن الفراغ الرئاسي، باعتباره خياراً مديداً، لن يكون له علاج في المستقبل المنظور.

أولى تلك المعجزات، وأقلها صعوبة كما يبدو حتى الآن، هي أن يخرج الرئيس عون من قصر بعبدا، في منتصف ليل الحادي والثلاثين من تشرين الاول اوكتوبر الحالي، كما وعد مرة، لكنه خالف نفسه مرات، عندما ردد كلاماً قديماً عن عدم ثقته بالقوى السياسية المناهضة له، وبما تدبره في الخفاء، سواء على صعيد حكومة تصريف الاعمال التي يفترض ان تخلفه وتتسلم منه الصلاحيات الرئاسية، التي لا تترك لأي رئيس وزراء، أو أي حكومة لا يكون التيار العوني فيها وازناً.

الرأي الراجح حتى الآن هو أن عون لن ينام في القصر الجمهوري أكثر من الليالي السبع المقبلة، وهو ما يحيل الى الرأي القاطع باستحالة ان يتمكن مجلس النواب، بتشكيلته المشتتة، من انتخاب رئيس جديد في الايام السبعة الباقية من العمر الرسمي للعهد الحالي، ويفتح باب الانتظار للمعجزة الاكبر التي تزداد الحاجة اليها يوماً بعد يوم، وهي ألا يطول الفراغ أكثر من أيام أو أسابيع قليلة، لأنه يؤدي حكماً الى إضطراب سياسي ومالي واقتصادي لا تحمد عقباه، في بلد يعيش شعبه على دقات الساعة، التي تحدد تقلبات أسعار الدولار، والمشتقات النفطية، والمواد الغذائية، والمستلزمات الصحية..

عن هذه المعجزة الكبرى، ليس هناك ما يدعم ترقب حصولها حسب مشيئة لبنانية عامة. الدول العربية والاجنبية المعنية لا تعمل، كما هو ظاهر، وفق عقارب الساعة اللبنانية، والأهم من ذلك أنها لم تترك الهاجس الرئاسي اللبناني يصل الى حافة الفراغ، لكي تختبر إرادة اللبنانيين، أو لكي تحفز الموارنة للاتفاق على مرشح واحد، أو لكي تستفز حزب الله على إعلان إسم مرشحه، من أجل ان تواجهه بمرشح بديل. رئاسة الجمهورية اللبنانية، لم تعد على قدر كبير من الاهمية والمسؤولية، لكنها لم تنحدر، بعد، الى مستوى الالعوبة، أو حتى الملهاة. كما أن لبنان، الذي بات هامشاً غير مرئي أمام الكثير من القضايا الاقليمية والدولية، لم ينحدر من دولة منبوذة الى دولة نكرة..يسكنها اربعة ملايين مواطن ومليوني لاجىء، ينعمون بالسكينة وراحة البال.

 تلك المعجزة كانت ولا تزال تقتضي ان تكون الدول المعنية، متفاهمة في ما بينها، على سيناريو مرحلة ما بعد عون، وعلى ألا يطول الفراغ الرئاسي، أو ألا يحصل أبداً، فيتم انتخاب الرئيس الجديد قبل منتصف ليل الحادي والثلاثين من الشهر الحالي، لتجنب أي توتر لبناني إضافي من أي نوع.. ولتجنب أي تحدٍ خارجي للاستحقاق الرئاسي قد يظهر بمحض الصدفة أو نتيجة غلطة في الحساب.

بانتظار تلك المعجزة، المتخيلة، لا يبقى سوى الفراغ الطويل الأمد، الذي يتخطى الأشهر، ويمتد لفترة عام أو عامين.. والذي يكتسب المزيد من المصداقية، مع حلول هذه الليالي السبع القاتمة، والحافلة بالكثير من الأوهام، والقليل من الحقائق.    

 

              

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها