الأحد 2021/06/20

آخر تحديث: 22:23 (بيروت)

عن خامنئي الذي يُقفل على إيران

الأحد 2021/06/20
عن خامنئي الذي يُقفل على إيران
© Getty
increase حجم الخط decrease

 لم يعد هناك ذرة شكٍ في إرادة المرشد الايراني علي خامنئي المطلقة ولا في تصلبه الشديد، ولا في قراره الحاسم بإقفال باب الاجتهاد السياسي، الذي فُتح طوال السنوات الثماني الماضية. النظام ما زال في خطر. إيران ما زالت في حالة حرب. الانتخابات الرئاسية كانت معركة داخلية سهلة، حُسمت بسرعة قياسية، بالمقارنة مع معارك لم تنتهِ في العراق وسوريا واليمن ولبنان.. والعاصمة النمساوية فيينا.

بما يشبه التعيين، ثم الاستفتاء، إختار خامنئي، الرئيس الجديد لإيران، إبراهيم رئيسي، وهو أحد أقرب شخصيات النظام إليه، مثله مثل نجله مجتبى الذي كاد يقع عليه الاختيار ليكون مرشحا للرئاسة. لكن المرشد الذي لم يكن يريد المخاطرة، إعتمد على 16 مليون صوت سبق أن حصدها رئيسي في الإنتخابات الرئاسية التي جرت في العام 2017 وحاز فيها حسن روحاني على ولاية ثانية من أربع سنوات. في الاقتراع الاخير، يوم الجمعة الماضي، زاد رئيسي الى رصيده الشعبي مليوني صوت فقط، لتصبح الكتلة الناخبة للمرشد 18 مليون صوت، من أصل 59 مليون ناخب، من مجموع السكان الايرانيين الذي يفوق 80 مليوناً.

تصرف خامنئي كعادته بكثير من التوتر. ومثلما قرر قبل سنوات عديدة ان مقارعة العدو في بغداد ودمشق وصنعاء وبيروت أفضل في محاربته في طهران وأصفهان وقُمّ، جزم في أن التفاوض مع الشيطان الاكبر الاميركي يتطلب الاطمئنان التام الى الجبهة الداخلية، وإزاحة كل من يجرؤ على التشكيك في جدوى أو في كلفة الاشتباك مع اميركا والغرب والعرب، سواء كان علي لاريجاني الذي أُبعد من الترشح بطريقة مهينة وظالمة، أو المرشحين الاصلاحيين الذين لم يكن بينهم أحد من وزن مير حسين موسوي او مهدي كروبي او محمد خاتمي، ولا كان لدى جمهورهم ذلك الحافز الذي سبق أن أخرج الملايين منهم الى الشوارع في الثورة الخضراء الشهيرة في صيف العام 2009.

أغلق خامنئي بعصبية الباب على أي جدال غير مناسب في ظل التفاوض الحرج مع الاميركيين. غلّب مشيئته بأن العودة الى الاتفاق النووي لن تكون إلا بعد تعيين رئيس إيراني مطيع وملتزم لن يساوم على الحقوق الايرانية التي سلمت بها بالفعل إدارة الرئيس الاميركي الجديد جو بايدن..ولن يسمح للاميركيين بإختراق إيران وترويضها وإخضاعها، على نحو ما كان يطمح الرئيس الاميركي الاسبق جورج بوش الابن، في عرض الحوافز الشهير الذي قدمه في حزيران/يونيو العام 2006.

حاول الاميركيون طوال الاشهر الماضية، إختبار إرادة خامنئي، وإغواءه بتخفيف الحصار ورفع بعض العقوبات، على أمل أن يسمح لمفاوض إصلاحي أن يحصد الثمار، لكنهم عادوا الى التسليم بأن التفاهم المنشود لن يكون إلا مع المحافظين، أو بالتحديد مع أكثرهم تشدداً، وبأن المكاسب والمغانم لن تكون إلا هدية المرشد، الأخيرة ربما، للنظام السياسي والامني الذي بناه طوال سنوات ولايته الفقهية الممتدة منذ العام 1989، والتي تجعله اليوم الحاكم المطلق لفترة زمنية لا مثيل لها في أي بلد في العالم.

أمام هذا التشدد للمرشد وللنظام، نُحيّ جانباً النقاش حول الكلفة التي دفعتها إيران وشعبها، طوال العقود الثلاثة او الخمسة الماضية، منذ أن تحولت الى أسيرة لبرنامجها النووي الذي كان يمكن ان يمضي قدماً بغطاء أميركا وروسيا وأوروبا، من دون أي بُعدٍ عسكري محرم أصلاً، ومنذ أن فشلت في التفاهم مع الاميركيين على فتاوى وراثة أفغانستان من حركة طالبان، وعلى حجج وراثة العراق من صدام حسين، ومضت، بتوجيه المرشد الذي كان يزداد مع الايام خوفاً على نظام يفترض أنه آمن، نحو التورط في حرب سوريا المخالفة لأي منطق، وفي حرب اليمن العبثية المناقضة لأي قياس.

قبل إنتخاب رئيسي، نوقش خامنئي أكثر من مرة ومن قبل غالبية القيادة الايرانية في عدم مصلحة إيران في دعم نظام بشار الاسد، وفي عدم حاجتها الى دعم معركة الاقلية الحوثية مع السعودية، وفي عدم إستفادتها من توسيع دائرة العداء مع العرب..ومن تضييق هامش المفاوض الايراني مع اميركا. لكن المرشد كان، على الدوام، له رأي آخر.. لن يناقشه أحدٌ بعد اليوم!

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها