الخميس 2021/12/16

آخر تحديث: 18:07 (بيروت)

دفاعاً عن بيروت..لا عن المعارضة البحرينية

الخميس 2021/12/16
دفاعاً عن بيروت..لا عن المعارضة البحرينية
© Getty
increase حجم الخط decrease

لولا الازمة مع السعودية، وتداعياتها على العلاقات مع بقية دول الخليج العربي، التي يحرص لبنان الرسمي على تصويبها وإعادتها الى وضعها الطبيعي، لما كان يمكن أن يُتخذ، ولا حتى أن يمرّ، الاجراء الرسمي اللبناني بترحيل معارضين بحرينيين من بيروت، عقدوا مؤتمراً صحافياً قدموا فيه تقريراً عن إنتهاكات حقوق الانسان في مملكتهم.

لكنه ليس مجرد خلاف على التوقيت، وهو بالتأكيد لا يلغي حقيقة ان ما أقدمت عليه الحكومة اللبنانية، يمثل إساءة شديدة للبنان وتاريخه، ويتسبب بجرح غائر لصورته ومثاله في العالم العربي، منذ أن كان ملاذاً آمناً لمختلف أنواع المعارضين العرب، بمن فيهم المعارضون البحرينيون الذين كانت بيروت، على الدوام منبرهم السياسي بقدر ما كانت جامعتهم ومستشفاهم.

لا يمكن التسليم بأن يصبح لبنان، الذي لطالما إغتنى سياسياً وثقافياً وعلمياً واجتماعياً، ومادياً طبعا، من جميع إشقائه العرب، بلداً محرماً، محظوراً، على أي عربي، مهما كانت هويته وإنتماءاته.. لأنه بذلك يفقد الكثير من مكانته ووظيفته، حتى في نظر شعبه الذي كان ولا يزال يميل الى العيش في وطن بلا دولة ولا مؤسسات، يقيم في حروب اهلية لامتناهية، او على حافة مثل هذ الحروب، على الا يتخلى عن حريته الفردية الخاصة، والمفرطة، وعن "ميزته" الفريدة عن بقية شعوب الاقطار العربية كافة.

المعارضون البحرينيون الذين صدر الامر بترحيلهم، كانوا في مؤتمر صحافي علني، غرضه تزويد منظمات حقوق الانسان الدولية بتقرير عن فظائع إنتهاكات حقوق الانسان في مملكة البحرين ، التي تصفها تلك المنظمات بالذات، وبشكل علني صريح ، بأنها احد أكبر المعتقلات للمعارضين السياسيين وبينهم نساء وأطفال، في العالم العربي، (حتى بالمقارنة مع سوريا الاسد، نسبة الى عدد السكان)، وهو توصيف تعتمده حليفتا المملكة، أميركا وبريطانيا، وإن كانت لا تجاهران به، كما لا تنكره بقية دول الخليج العربية.  

هُم لم يأتوا الى بيروت بمهمة أمنية، ولا كانوا يحملون السلاح على نحو ما يفعل عربٌ آخرون في لبنان ، ولا هم من دعاة العنف ضد سلطات بلادهم ولا حتى من المطالبين بإسقاطها، بل بالعدالة لما يزيد عن 20 الف معتقل في سجون بلادهم، وبالحريات التي تتيح لهم المشاركة في العملية السياسية التي كانوا على الدوام جزءاً منها، قبل ان يسوء حظهم بإيران وحلفائها العرب وسلوكياتهم.. التي إعتدلت بشكل ملموس في السنوات الاخيرة بحيث لم يدرج المسؤولون الايرانيون، العاصمة البحرينية، المنامة، مع العواصم العربية الاربع التي إستولوا عليها! ولم يعد "حزب الله" يردح للقيادة البحرينية على المنابر كما كان يفعل في الماضي.

طبعا، لا يمكن الإدعاء أن لبنان ما زال يمكن ان يكون ملاذا آمناً لأي معارض عربي، مهما كانت جنسيته، أو أنه يمكن أن يكون منصفاً او غير متحيز في تقبله المعارضين العرب، وإلا لكانت بيروت اليوم عاصمة المعارضة السورية غير المسلحة، على إختلاف ألوانها ،(عدا اللون الاسلامي غير المحبب وغير المرغوب به أصلا من غالبية اللبنانيين). لكن فرض الحظر على البحرينيين اليوم، لن يكون موجها ضد "حزب الله" ولا ضد إيران طبعا، بل ضد اللبنانيين الحريصين على ان تظل عاصمتهم مختلفة، ومتقدمة (حتى في بؤسها الراهن) على بقية العواصم العربية.  

القرار الرسمي اللبناني بترحيل المعارضين البحرينيين، خاطىء، جائر، حتى ولو كان مجرد صدى للازمة مع السعودية وحجر عثرة في مساعي إحتوائها. والأمل هو ألا يكون القرار قد نُفّذ، أو على الاقل ألا يتكرر.. حرصاً على ذاكرة بيروت وشخصيتها العربية الخاصة، التي يعرفها كثيرون من العرب إختبروا في ربوعها مختلف أنواع التجارب السياسية، المعارضة منها والموالية.   

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها