الأحد 2021/01/03

آخر تحديث: 20:33 (بيروت)

صواريخ ايرانية في لبنان،يا للهول!

الأحد 2021/01/03
صواريخ ايرانية في لبنان،يا للهول!
increase حجم الخط decrease
علامات الدهشة التي إرتسمت على بعض الوجوه اللبنانية جراء الإعلان الإيراني عن وجود صواريخ إيرانية على خط المواجهة اللبناني الأمامي، تثير الذهول كونها تتجاهل حقيقة أن تلك الصواريخ موجودة رسمياً على الاراضي اللبنانية منذ نحو أربعين عاماً، حتى صارت من معالم الطبيعة اللبنانية ومكوناتها وتضاريسها الظاهرة والمستترة.

 لا يمكن ان يكون المندهشون قد فوجئوا بوجود هذه الصواريخ، التي بات العدو الاسرائيلي يقدر أعدادها بمئات الالاف، ويزعم أنه يعرف الكثير عن أنواعها ومداها ودقتها، وربما أيضا أمكنة تخرينها. قد تكون المفاجأة من الطريقة الفظة التي أعلن فيها قائد سلاح الجو التابع للحرس الثوري الايراني علي حجي زادة، عن تلك الصواريخ، ودورها على خط المواجهة الامامي، والاستعداد لاستخدامها لتسوية حيفا وتل ابيب بالارض، حسب أوامر المرشد علي خامنئي..والرفض المطلق  لأي تفاوض مع الغرب حول تلك القدرة الصاروخية الايرانية، حسبما يطالب الاميركيون والاوروبيون جميعاً.

توقيت ذلك الاعلان الذي تكرر أكثر من مرة في السنوات الماضية، ليس له أي قيمة خاصة، حتى ولو إندرج في سياق التوتر الشديد بين أميركا وإيران في مناسبة ذكرى إغتيال الجنرال قاسم سليماني، التي كانت مناسبة للتوكيد على أن البلدين لم ولن يذهبا الى حرب تقليدية، وفرصة للتبادل رسائل التحذير من أن الظرف السياسي، الاميركي والايراني ، لا يسمح بأي خطأ في الحساب، أو بتعبير أدق، بأي عملية أمنية ينفذها أحد حلفاء إيران او وكلائها ضد أي هدف أميركي في المنطقة.

وقد شهدت الذكرى، إلتزاماً تاماً بعدم خرق "قواعد الإشتباك" التي إقتصرت على رفع الاصوات عالياً جداً في كل من واشنطن وطهران، وخفض حالات التعبئة الى الحدود الدنيا.. مع إستثناء وحيد، هو إعلان إيران أنها قررت رفع درجة تخصيب اليورانيوم الى 20 بالمئة، وهو ما يقربها قليلاً من إنتاج قنبلة نووية، ويقربها أكثر من طاولة التفاوض مع أميركا عندما تتسلم إدارة الرئيس جو بايدن السلطة، بعد أسبوعين.

صحيح أن الصخب الذي رافق الذكرى، كان مختلفاً عن تجارب كثيرة سابقة، لكن لبنان وحده، كان يعيش على أعصابه، وكان لبنانيون كثيرون يحسبون مواعيد إنطلاق الصواريخ الايرانية من الجبهة اللبنانية، وما يمكن ان تسببه من دمار وخراب داخل الاراضي اللبنانية المكشوفة للغارات الجوية والصاروخية الاسرائيلية الانتقامية.. بخلاف جبهات العراق واليمن وسوريا، التي سجلت إنضباطاً وهدوءاً نسبياً لافتاً طوال الايام القليلة الماضية.

لم يخرج ما قاله القائد الايراني ، ولو بأسلوب عسكري فظ (ومألوف جداً)، عن ذلك السياق، الذي لا يكشف سراً عمره اربعين عاماً ، ولا يوحي بأن طهران تستعيد حصرية قرار إستخدام تلك الصواريخ في الوقت المناسب لها وحدها. هو فقط يقول ان القاعدة الصاروخية الايرانية في لبنان كانت وستبقى خارج التفاوض.. وخارج العروض التي شرعت طهران بتقديمها أخيراً الى واشنطن، ومنها سحب بعض مليشياتها من سوريا، لاسيما مليشيا "فاطميون" الافغانية، التي يقدر عديدها بخمسة آلاف مقاتل، التي طلب وزير الخارجية الايرانية محمد جواد ظريف من الحكومة الافغانية استعادتها واستخدامها في بلادها.

ولم يخرج ما قاله الامين العام لحزب الله حسن نصر الله بالأمس عن هذا السياق أيضاً، الذي شدد ايضاً على ان إيران، والحزب طبعا ليسا في وارد القيام بعمل عسكري إنتقامي في ذكرى إغتيال سليماني.. لانهما راقبا جيداً الحشد العسكري الاميركي، والانذار الذي رافقه وحال حتى الآن دون اللجوء الى أي عمل أمني، ولو كان محدوداً، في المناسبة، التي جرى إحياؤها بجميع الطقوس التقليدية المألوفة، والضرورية للتأكيد على قوة النظام الايراني الذي فقَد قبل عام مضى واحداً من أهم رموزه الأمنية والسياسية.

..ما كان يمكن للبنان أن يصمت على كلام حجي زادة، "المتغطرس"، والذي يتنافى مع "قيمة" الجبهة الامامية اللبنانية، ومع سلوك طهران الملتزم بالقواعد الجديدة للصراع التي فرضها الاميركيون.. ولم يلاحظها كثيرون في لبنان.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها