الأحد 2015/06/28

آخر تحديث: 13:55 (بيروت)

البغدادي: من الحب ما ينتصر

الأحد 2015/06/28
البغدادي: من الحب ما ينتصر
الشكّ الصباحي، هو أكثر ما يؤرق أبا بكر (الصورة لـ: خالد بركة)
increase حجم الخط decrease

استيقظ خليفة المسلمين الشيخ أبو بكر البغدادي، على صوت انفجار قريب. انسلّ خيط رفيع من غبار السقف على لحيته الموشاة بالشيب. زكم أنفه فعطس مراراً. في العطسة الثالثة، دخل عليه حاجبه ملهوفاً: "مولاي..القصف بعيد، لا شيء نقلق منه، ولكن علينا أن نتحضر لمغادرة المقر".

تململ البغدادي. متى سيكف عن لعبة الهرب والاختفاء. لا بد من انهاء هذا الفصل من تاريخ "الدولة الإسلامية". وأضاءه فجأة تذكُّرُ أحاديث مع مقاتل إفرنسي له وجه فتاة، أخبره أن بمقدورهم صنعَ منظومة قبة حديدية وفق شرع الله، تحمي "قاعدة الجهاد في بلاد الرافدين" من الغارات... كان ذلك قبل دهرٍ من التمكين، وإعلان الخلافة.

المقاتل الفرنسي، أبو محمد الإفرنجي، ضُبط لاحقاً، بجرم اللواط، مع أخ إفريقي. ويوم رموهما عن الطابق السابع، تسرب الشك إلى قلب الخليفة. أيكون من حيث لا يدري، استطاب الجلوس مع الإفرنجي، واستحب حديثه، وطريقته في ادخال خصلة شعره الشقراء تحت عمامته؟ الشكّ الصباحي، هو أكثر ما يؤرق أبا بكر. لا نهاية لعذابات الخليفة الصباحية.

استعاد ذلك الوجه الحبيب، الدامي. لم يفهم أبو بكر، أبداً، إصراراً عاجله لحضور تنفيذ الحدّ بالإفرنسي وصاحبه. أراد أن يتأكد من موت شهوة غامضة، لامسته سراً. يعود الشك، مرة أخرى، نقاقاً كضفدع في جلباب.

ينهض متثاقلاً، يغسل وجهه، بعنف، ثم يحدق في المرآة.
"الفجر.. لنُقم الصلاة". يقول همساً لحاجبه.

منذ بدأ سكنى الأنفاق، لم يعد يتعرف الجهات. لا بأس، فحاجبه أبو سعيد الحضرمي، يعتني بكل تلك التفاصيل؛ يوجّهُ له السجادة بالاستناد لتطبيق على الهاتف المحمول طوره الأخوة في وحدة "الإبداع الإسلامية". الحضرمي اعتاد وضع الكتاب الكريم على شراشيب السجادة من جهة القِبْل، محمولاً على تحفة خشبية، غنمها أُسود الخلافة من مسجد الكوفة الكبير.

استغرق أبو بكر في صلاته، هذه المرة. كاد في نهاية الركعة الثالثة، أن يرى ضوءاً منسكباً على هيئة طائر أبيض. ابتسم لنفسه، وغمره شعور منعش.. لقد عادت الرؤى.

في الواقع، لم تجدِ محاولاته الحثيثة السابقة، مناجاةً لله، كي يرسل له إشارة، تطمئن روحه التي تنهشها الشكوك. فقد شعر مؤخراً بأن الله تخلى عنه.

طائر من نور، خفق أمامه، وغاب من جهة القِبْل. وضع القرآن بين يديه، وتركه ينفتح لوحده. مغمض العينين، وضع اصبعه كيفما اتفق: "ألكم الذكر وله الأنثى تلك إذا قسمة ضيزى". أغلق الكتاب.

رفع نفسه بهدوء، ومضى خفيفاً كضوء، في إثر حمامة بيضاء.  

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها