الإثنين 2024/06/10

آخر تحديث: 23:26 (بيروت)

لبنانيون وسوريون يدعمون يمين أوروبا: عقدة الرجل الأبيض

الإثنين 2024/06/10
لبنانيون وسوريون يدعمون يمين أوروبا: عقدة الرجل الأبيض
انتخابات البرلمان الاوروبية (غيتي)
increase حجم الخط decrease
فيما تتوجس الدول الأوروبية من نتائج انتخابات البرلمان الأوروبي الاخيرة، وتتخوف من تداعياتها على سياسات الاتحاد ومبادئه، يحتفي لبنانيون وسوريون في لبنان وأوروبا، بفوز الأحزاب اليمينية الـوروبية بأكثر من 30% من المقاعد، للمرة الاولى من عقود، ويتقاسمون مع مناصري اليمين الأوروبي الفرحة بإنجاز "سيدفع المهاجرين واللاجئين الى خارج أوروبا".

يبدو الاحتفال اللبناني والسوري مفاجئاً، فيما حلّ الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، البرلمان، ويفكر المستشار الألماني أولاف شولتس بمستقبل بلاده ومستقبل الاتحاد وتداعيات التحولات على مسار الحرب في أوكرانيا، بموازاة تصدر أحزاب يمينية، على مسمياتها، في إسبانيا وهولندا والنمسا وايطاليا، لائحة المنافسة في الانتخابات.


ومثار التوجس الأوروبي من هذا التحول، لا يمكن أن يلتقي مع رغبات لبنانيين وسوريين، يقزمون المشهد الى مستوى كراهيتهم للاسلام السياسي، أو للاجئين ومهاجرين ربما يأخذون بعض التقديمات ممن سبقوهم. تفكر الدول الأوروبية في تجربة الحرب العالمية الثانية التي ما كانت لتشتعل، وتدمر قسماً كبيراً أوروبا وتقسمها، لولا صعود اليمين في ألمانيا النازية وإيطاليا الفاشية، بينما كانت إسبانيا غارقة في الحرب الأهلية.. 

تتوجس أوروبا من تداعيات الحرب العالمية الثانية، إثر صعود اليمين، ضد المكونات الشعبية، وفي مقدمتهم المسلمون واليهود، وما زالت تدفع حتى الآن ثمن "معاداة السامية"، وخلقت إرهاصاتها "إسلاموفوبيا" أوجدت شرخاً بين الأوروبي والمسلم، سواء كان من الشرق الأقصى أو الأدنى..
 

وتخاف أيضاً على قيم أوروبا الثقافية والإنسانية والحقوقية، تلك المتصلة بحرية التعبير، وبحقوق الأقليات والفئات المهمشة والمثليين والحريات الفردية المتصلة بالإجهاض وغيره... 

تتوجس أوروبا من الفشل في خطة التحول المناخي والانتقال إلى الاقتصاد الأخضر وسياسات خفض الانبعاثات بنسبة 90% بحلول 2040.. كما تتوجس من تداعيات تراجع عن دعم أوكرانيا في مواجهة روسيا المتهمة بتغذية المشاعر اليمينية في أوروبا.. ومن تأثير هذا التوجه في "الأمن القومي الأوروبي"، وتشريع الإنفاق الدفاعي المستقل في دول أوروبية، وتفكك الاتحاد الذي بقي صامداً، بفعل التدابير الفرنسية والألمانية لإبقائه تكتلاً سياسياً واقتصادياً...
 

قد تكون أوروبا، التي تطالب العالم بأن يتفهم هواجسها من صعود اليمين، ومن التأثير والتدخل الروسيين فيها، أخطأت حينما لم تتفهم هواجس العرب من اسرائيل، وخلقت هذا الشرخ في السنوات والعقود الماضية، وتعزز ذلك في الحرب الأخيرة على قطاع غزة... لكن وصول اليمين، سيعزز هذا السياق أيضاً، ويقود العالم الى مخاطر الصِّدام، على المستوى الشعبي على الأقل، وهو ما لا يتفهمه لبنانيون وسوريون لا يأخذون الهواجس الأوروبية بعين الاعتبار، ولا تداعياتها. 


يبدو هؤلاء المحتفلون بفوز اليمين في منصات التواصل الاجتماعي، عالقين في كراهيتهم لأبناء جنسهم من مهاجرين جدد، أو مهاجرين محتملين، أو لاجئين فرضت عليهم حروب سوريا والعراق واليمن وليبيا، الهرب إلى أوروبا لبناء مستقبل بلا توترات. من ينظر في دوافع الاحتفال الأعمى لآثار صعود اليمين، يستشف في هذا الاختزال أسباباً شخصية ربما، تتمثل في محاولة إبعاد المنافسة على التقديمات الاجتماعية في عصر الشح المالي الأوروبي تجاه المهاجرين.. كما تتمثل في عقدة إثبات التمايز عن مهاجرين جدد، علماً أن هؤلاء اللبنانيين والسوريين، كانوا من بين المهاجرين الى أوروبا قبل سنوات، أو عقود، ويتماهى هؤلاء مع عنصرية متشددين ما زالوا يرون العالم عبارة عن "رجل أبيض". 

وعقدة "الرجل الأبيض"، ليست تمييزاً على أساس اللون أو العرق أو حتى الدين. هي عقدة التفوّق والانصهار في سيستم كاره لآخر أدنى منه في المستوى اقتصادي، لا فرق ما إذا كان متوسطياً، أو إفريقياً، أو آسيوياً، أو حتى أوروبياً معتدلاً.. هي عقدة مالية واقتصادية في المقام الأول، يحاول لبنانيون وسوريون من أنصار الصعود الى طبقات النخبة المالية، إخفاءها خلف تورية، تأخذ شكل اللاجئين والمهاجرين وفئات مهمشة أخرى.. 

تلك هي العقدة الأساس. أما المحتفلون بصعود اليمين، مثل "جنود الرب" في لبنان، فليسوا أكثر من أبواق، يسقطون نظرتهم تجاه النازحين الى لبنان، على قضايا كبرى، لا يفقهون منها إلا الانتقام.  

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها