الجمعة 2024/02/09

آخر تحديث: 11:31 (بيروت)

فيديوهات الجنود الإسرائيليين تكشف الوجه الحقيقي للحرب

الجمعة 2024/02/09
فيديوهات الجنود الإسرائيليين تكشف الوجه الحقيقي للحرب
جنود إسرائيليون يعزفون الغيتار خلال عمليات قصف في غزة (غيتي)
increase حجم الخط decrease
تحققت صحيفة "نيويورك تايمز" من صحة مقاطع فيديو لجنود إسرائيليين قاموا بعمليات تدمير واسعة للمنازل وعمليات تخريب في قطاع غزة، ضمن حملة انتقامية ممنهجة تخالف الاتفاقيات والأعراف الدولية.

ونشرت الصحيفة تقريراً بشأن مقاطع الفيديو التي ينشرها الجنود الإسرائيليون أثناء العمليات في غزة، وأوضحت أنها تمكنت من جمع وتحليل عدد كبير من هذه المقاطع لتتأكد من صحتها وتستنتج ما تكشفه من تدمير واسع النطاق للمباني المدنية والسخرية من سكان القطاع، في ما اعتبره خبراء قانونيون دليلاً محتملاً على ارتكاب انتهاكات لاتفاقيات جنيف.

وتوفر مقاطع الفيديو فرصة نادرة لعرض سلوك الجنود وما يحدث في قطاع غزة بعيداً من القنوات الرسمية. وفي أحدها يظهر جندي يرفع إبهامه أمام الكاميرا بينما يقود جرافة في بيت لاهيا، شمالي القطاع، دافعاً سيارة محطمة أمامه نحو مبنى نصف مدمر. وكُتب على الفيديو المنشور في "تيك توك": "لقد توقفتُ عن احتساب عدد الأحياء التي مسحتها".


وتضيف الصحيفة أنها تمكنت من مراجعة مئات مقاطع الفيديو، وبعضها يعرض جوانب من حياة الجنود، مثل الأكل والغناء والتنزه وتوجيه الرسائل لأحبائهم. فيما تكشف أخرى عن عمليات تخريب لمحلات وفصول داخل المدارس، وإطلاق تعليقات مسيئة ضد الفلسطينيين، وتجريف مناطق مدنية، والدعوة لبناء مستوطنات إسرائيلية في غزة، وهي الفكرة المثيرة للجدل التي يروج لها سياسيون من اليمين المتطرف.

وبعض هذه المنشورات تعد خرقاً لقواعد الجيش الإسرائيلي التي تقيد استخدام الجنود لوسائل التواصل الاجتماعي، وتمنع بشكل خاص نشر محتوى يمكن أن "يؤثر سلباً في صورة الجيش ونظرة الرأي العام له"، أو يعرض سلوكيات تسيء للكرامة الإنسانية. فيما أصدر الجيش بياناً استنكر فيه هذه النوعية من المقاطع التي ينشرها جنوده.

على أن نشر مثل هذه الفيديوهات يبقى مستمراً، في تذكير بأن شبكات التواصل الاجتماعي غيّرت طبيعة الحروب المعاصرة. حتى في روسيا وأوكرانيا، ينشر الجنود الآن مقاطع مصورة مباشرة من الجبهة، منها مقاطع لعمليات قتالية، ومنها ما تم تصويره من كاميرات مثبتة على خوذات الجنود، إلى جانب مقاطع تكشف عمليات تعذيب وإعدامات.

وفي ظل المراقبة المكثفة لحرب إسرائيل في غزة، تعرض العديد من مقاطع الفيديو التي ينشرها الجنود الإسرائيليون لانتقادات حادة. حتى أن أحدها عُرض كدليل مع خمسة مقاطع أخرى تمت الإشارة إليها، خلال الدعوى التي تقدمت بها جنوب أفريقيا أمام محكمة العدل الدولية ضد إسرائيل بتهمة ارتكاب إبادة جماعية.


وتمكنت "نيويورك تايمز" من تتبع أكثر من خمسين مقطع فيديو، وصولاً إلى مصدرها في الوحدات الهندسية للجيش الإسرائيلي، وتظهر استخدام جرافات وحفارات ومتفجرات لتدمير منازل ومدارس ومبان أخرى مدنية. وعبّر خبراء حقوقيون عن قلقهم بشأن حجم الدمار في مناطق يتقدم فيها الجيش الإسرائيلي، مشيرين إلى أن المعايير الدولية للحرب تنص على وجود ضرورة واضحة لتدمير الممتلكات المدنية.

وتأكدت الصحيفة من مقاطع الفيديو من خلال تحديد تاريخ تصويرها ومواقعها، أو التأكد من الجنود الذين يظهرون فيها ووجود الوحدات التي ينتمون لها في قطاع غزة، في وقت نشر الفيديو في الإنترنت. وطلبت تعقيباً من هؤلاء الجنود الذين صوروا ونشروا هذه المقاطع، لكنهم امتنعوا عن الإجابة.

وأقامت القوات الإسرائيلية، قواعد على طول الشاطئ شمالي غزة، وبات الجنود يسمون المنطقة "نوفا بيتش" (شاطئ نوفا)، نسبة إلى مهرجان الموسيقى الذي هاجمه مسلحو حركة "حماس" في 7 تشرين الأول/أكتوبر. وبات الجنود يصورون في المنطقة مقاطع فيديو، على غرار ما نشره في تشرين الثاني/نوفمبر مجند من الاحتياط يعمل أيضاً كمنسق أغان، وفيه يظهر منزل عائلة من غزة، مدمر تماماً، مع أغنية إسرائيلية ساخرة اسمها "هذا كان منزلي"، انتشرت بدورها بين الجنود خلال الأشهر الماضية للسخرية من الفلسطينيين.


وبعد تواصل "نيويورك تايمز" مع إدارة تطبيق "تيك توك" للاستفسار عن الموضوع، تم حذف المقاطع المعنية من المنصة. وقال مسؤول في "تيك توك" أن الشركة تعتبر تلك الفيديويهات خرقاً لقواعدها وسياستها ضد خطاب وسلوك الكراهية. فيما امتنعت شركة "ميتا" المالكة لتطبيقي "فايسبوك" و"إنستغرام" عن التعليق.

وفي مقاطع أخرى اطلعت عليها الصحيفة، تم تصويرها في محيط خان يونس، مطلع كانون الثاني/يناير الماضي، يمكن رؤية جنود الوحدات الهندسية وهم يدخنون قبل الانفجارات التي تهز مباني سكنية في الخلفية، ثم يرفع هؤلاء الجنود أكواب الشراب لتهنئة بعضهم.

واطلع أربعة خبراء قانونيين على مقاطع الفيديو، وبعد التثبت من صور الأقمار الاصطناعية، أكدوا أن هذه المعطيات يمكن استخدامها لإثبات ارتكاب عمليات تدمير غير قانوني لمنشآت مدنية، ما يرقى إلى مستوى انتهاكات لاتفاقيات جنيف.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها