السبت 2024/01/20

آخر تحديث: 13:42 (بيروت)

الضفة الغربية في مواجهة التطهير العرقي بواسطة "كتائب مستوطنين"

السبت 2024/01/20
الضفة الغربية في مواجهة التطهير العرقي بواسطة "كتائب مستوطنين"
مستوطنون إسرائيليون بالزي العسكري (غيتي)
increase حجم الخط decrease
عزز العدوان الإسرائيلي على غزة، حقيقة أن الخط الفاصل بين المستوطن والجندي الإسرائيلي ليس أكثر من وهم، خصوصاً أن المستوطنين ارتدوا الزي العسكري للجيش في الأشهر الأربعة الأخيرة، ضمن مرحلة جديدة لترهيب الفلسطينيين، وتهجيرهم من الضفة الغربية والقطاع، برعاية رسمية إسرائيلية.

وبرزت شواهد وأمثلة متعددة دلت على تعرية حرب غزة لدعاية سوّق الجيش الإسرائيلي لها على مدار سنوات وتفيد بـ"عدم السيطرة" على المستوطنين المعتدين ضد فلسطينيي الضفة. ومن بينها حوار عنيف فرضه جنود إسرائيليون على سكان فلسطينيين بعد اقتحام منازلهم في طولكرم شمالي الضفة، خلال عملية عسكرية استمرت ساعات مطولة.



وفي كلامهم التهديدي، يصرخ الجنود المقتحمون على فلسطينيين من طولكرم، مطالبينهم بالرحيل عن منازلهم وأرضهم، وأن يتوجهوا للعيش في دول عربية كالأردن، لترد عليهم امرأة فلسطينية: "هذه أرضنا غصباً عنك"، علماً أن هذا التهديد بالتهجير يختزل مرحلة أشد خطورة في الضفة، حذر منها وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني خلال مشاركته في مؤتمر "دافوس" الاقتصادي، بالقول أن "ما يحدث في الضفة ليس أفضل مما يحدث في غزة".

ونشرت صحيفة "هآرتس" العبرية تقريراً خلص إلى تراكم الروايات الفلسطينية عن عنف المستوطنين بعدما قام الجيش الإسرائيلي بتجنيد وتسليح آلاف منهم منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر الماضي. وفيما عزز الجيش الإسرائيلي "كتائب الدفاع الإقليمي" المُشكلة من المستوطنين بحجة "تأمين" مستوطنات الضفة، تعالت شهادات متزايدة من فلسطينيين عن تعرضهم لاعتداءات وتهديدات من مستوطنين يخدمون في هذه الكتائب.

وبهذا، تُضاف كتائب المستوطنين إلى ألوية الجيش وفرقه التي جندت مستوطنين من مستوطنات جاثمة على أرض الضفة المحتلة، بوصفهم "جنودَ احتياط". وأقرت "هآرتس" أنه منذ بدء هؤلاء المستوطنين في أداء الخدمة الاحتياطية في الجيش الإسرائيلي في الضفة، تراكمت مقاطع الفيديو والروايات المباشرة عن مشاركتهم النشطة في أعمال العنف والتهديد، وتدمير الممتلكات الفلسطينية.

ورغم ذلك، مازال الجيش الإسرائيلي يتهرب من المسؤولية بقوله: "لا نعرف، نحقق، ونشدد اللوائح"، مع الإشارة إلى أن "هآرتس"  التي نشرت صوراً وإفادات توثق تعرض فلسطينيين لإرهاب المستوطنين وهم يرتدون الزي العسكري، لم تجرؤ على توصيف كل ذلك بـ"الدلائل"، بل ارتأت أن تطلق عليها اسم "روايات فلسطينية" فقط.

وسلطت الصحيفة العبرية الضوء على واقعة تهديد تعرضت لها الفلسطينية عائشة العزة (19 عاماً) من سكان مدينة الخليل جنوبي الضفة، حينما صعدت إلى سطح منزلها بعد نحو أسبوع من هجوم كتائب "القسام" على منطقة غلاف غزة، حيث وقف أمامها مستوطن يحتل منزلاً مجاوراً، مرتدياً زي الجيش الإسرائيلي، وشتمها، وملأ بندقيته لتهديد حياتها، ورشقها بالحجارة.

وروت العزة تعرضها أيضاً قبل نحو شهر لترهيب من مستوطن آخر يقيم في حي استيطاني قريب من منزلها، هددها بالاعتقال بصفته جندياً يخدم على حاجز عسكري عند مرورها عبره إلى منزلها. وأضافت العزة: "طالبني بإظهار بطاقة هويتي، ثم هاتفي، وعندما رفضت تسليم هاتفي هددني بالاعتقال". وأشارت إلى أن "هؤلاء المستوطنين باتوا الآن الآمر الناهي هنا".

وبحسب تقديرات الإعلام العبري، تم تجنيد نحو 5500 من سكان مستوطنات الضفة في صفوف كتائب المستوطنين تحت اسم "الدفاع الإقليمي"، ما يعني مضاعفة الكتائب بواقع 5 مرات، ليصبح عدد عناصرها الكلي نحو 7 آلاف مستوطن يخدمون الآن كجزء من الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية.

واللافت أن "هآرتس" حرصت أن تمنح رواية الجيش الإسرائيلي مساحة كبيرة في تقريرها، لمنحه فرصة التبرير وتضليل الحقيقة وتبرئة نفسه من عملية التطهير العرقي المنظمة التي تتصاعد في الضفة. ونقلت الصحيفة عن الجيش زعمه أن التعبئة واسعة النطاق "ضرورية لحراسة المستوطنات" بعد انتقال القوات النظامية إلى الجبهتين الشمالية مع لبنان، والجنوبية مع غزة.

والحال أن دليل كذب الجيش الإسرائيلي يتجلى في تقرير "هآرتس"، لمجرد إشارته إلى أن الجيش ليس لديه "قلق كبير" بشأن العملية المتسارعة في تجنيد المستوطنين وتسليحهم. و"عدم القلق" هنا بمثابة تأكيد على تورط الجيش في عنف المستوطنين المنظم في الضفة.

وأشار إلى ذلك أيضاً، المراسل العسكري لتلفزيون "مكان" العبري سابقاً، عندما كشف عن رسالة سرية بعثتها الإدارة الأميركية إلى الحكومة الإسرائيلية، تحذر من مغبة تحول السلطة في الضفة للمستوطنين. واستخدمت الرسالة الأميركية تعبير "تطهير عرقي" يستهدف السكان الفلسطينيين، جراء اعتداء المستوطنين عليهم، واستيلائهم على شوارع وأراض جديدة.

ونشرت "هآرتس" شهادات أخرى عن أفعال المستوطنين المجندين في الجيش، وأن أحدهم اعترف بالاعتداء على فلسطيني وناشط يساري إسرائيلي. وفي حالة أخرى، سلم الجيش سلاحاً لمستوطن معروف بمهاجمته لفلسطينيين وسرقة ممتلكاتهم.

وأشارت الصحيفة، إلى ما جرى مع الناشط من الخليل عيسى عمرو، الذي تعرض للاعتقال على أيدي جنود إسرائيليين عرف أنهم مستوطنون يقيمون في البؤرة الاستيطانية الواقعة بجوار منزله، وقيدوا يديه بإحكام، وأغمضوا عينيه، وضربوه، وهددوه لمدة 10 ساعات تقريباً. وقال عمرو: "اعتقدت أنهم سيقتلوني، إنها أسوأ تجربة في حياتي".

وبينما أسس الجيش الإسرائيلي كتائب "الدفاع الإقليمية" بذريعة أن مهمتها مقتصرة على "المنطقة الأمنية للمستوطنات"، رأت "هآرتس" أنه مصطلح غامض يطبق بشكل مختلف من مكان إلى آخر، موضحة أنه منذ توسيع كتائب المستوطنين، فإن "سلوكها الإشكالي آخذ بالارتفاع". على سبيل المثال، دخل جنود من القوة الاستيطانية العسكرية على متن جرافة إلى قرية سوسيا في منطقة يطا بالخليل، وهدموا المباني والبنى التحتية الفلسطينية فيها، ودمروا محاصيلهم الزراعية، وأغلقوا الطرق المؤدية إليها.

وبحسب أرقام "هآرتس"، اضطر سكان 16 قرية فلسطينية في المنطقة المصنفة "ج" بالضفة إلى التهجير، نتيجة ما تعرضوا له من تطهير عرقي على أيدي المستوطنين "الجنود".

ورصدت "المدن" تعليقات إسرائيلية يسارية على تقرير "هآرتس" أفاد بعضها بأن أكثر من 60 ألف مستوطن في الضفة يحملون الجنسية الأميركية إضافة إلى الإسرائيلية، فيما اعتبرت أخرى أن الجيش الإسرائيلي بدأ حرباً على الضفة، تتجاوز الحرب على "حماس".

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها