الجمعة 2024/01/19

آخر تحديث: 18:11 (بيروت)

اتصالات مشبوهة تسبق ضربات إسرائيلية على لبنان...قصة أمّ حسين

الجمعة 2024/01/19
اتصالات مشبوهة تسبق ضربات إسرائيلية على لبنان...قصة أمّ حسين
increase حجم الخط decrease
قبل أيام، تلقت أم حسين اتصالاً زعم فيه المتصل أنه من مصرف، وطلب حضور أحد أفراد العائلة لقبض مبلغ مالي، لكنها أبلغته أنهم نزحوا من جنوب لبنان الى بيروت. بعد وقت قصير، تعرض الحي حيث منزلها في البلدة لقصف إسرائيلي.

فبعد أكثر من ثلاثة أشهر على المواجهات المستمرة عند الحدود بين "حزب الله" وإسرائيل، على وقع الحرب في غزة، يتلقى سكان من بلدات جنوبية عديدة، اتصالات مشبوهة من متحدثين بلهجة لبنانية، يدّعون خلالها أنهم من مؤسسات رسمية أو يقدمون مساعدات أو يجرون احصاءات للاستعلام حول عدد أفراد العائلة وأماكن تواجدهم.

وكانت "المدن" أول من كشف هذا الموضوع، منذ أشهر، من خلال رصد استخدام إسرائيل لداتا اللبنانيين وهواتفهم، إضافة إلى كاميرات المراقبة المنزلية المُخترقة

وفي بعض الأحيان، تعرضت منازل عديدة، إثر هذه المكالمات لقصف إسرائيلي، حسبما أكد سكان ومصدر أمني و"حزب الله" لوكالة "فرانس برس". وروى حسن شقير، حفيد أم حسين، أن اتصالاً ورد الى هاتف جده، من رقم لبناني بينما كان يأخذ قيلولة في 11 كانون الثاني/يناير الحالي في بيروت، بعد نزوحهم من مسقط رأسهم في بلدة الخيام على وقع استمرار القصف الإسرائيلي.

وقال شقير: "ردت جدتي على الاتصال، فسألها إذا كان هذا رقم جدي"، مضيفاً "أبلغها المتصل انه من مصرف وأن ثمة مبلغ مالي يتعين عليهم قبضه، ثم سألها: أنتم في الخيام أم في بيروت؟، لينتهي الاتصال بعدما أخبرته أنهم في بيروت، من دون أن يخطر في بالها فوراً ألا حساب مصرفي لديهم أساساً".

وبعد وقت قصير، تعرضت بلدة الخيام لضربات إسرائيلية، طاول أحدها الحي حيث منزل العائلة، بحسب شقير، فيما تكررت حوادث مماثلة خلال الأسابيع الأخيرة في جنوب لبنان، ما دفع "حزب الله" إلى التحذير من سعي إسرائيل الى "تحصيل معلومات عن المقاومة وأماكن وجود مجاهديها في قرى الجنوب" عبر الاتصال بالسكان.

ونبه الحزب الى أن المتصل يحاول "استقاء معلومات حول أفراد عائلة المتصل به وأماكن وجودهم، أو معطيات مختلفة تتعلق بالمحيط"، وأكمل: "يستغل العدو هذه المعلومات للتثبت من وضعية وجود الإخوة المجاهدين في بعض البيوت التي يعتزم استهدافها".

ولدى سؤالها عن الاتصالات، قالت متحدثة باسم الجيش الإسرائيلي إنها "غير قادرة على الإجابة"، فيما قال مصدر أمني لبناني أن مخابرات الجيش اللبناني وفرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي يتوليان التحقيق في الاتصالات المشبوهة التي ترد الى لبنانيين من متصلين إسرائيليين يتمكنون من اختراق شبكة الاتصالات اللبنانية.

وبحسب المصدر، استخدمت إسرائيل هذا التكتيك مرات عديدة قبل استهداف منازل يتحصن فيها مقاتلون من "حزب الله"، ما أوقع قتلى في صفوفهم. وأشار إلى ضربة طاولت منزلاً في قرية بيت ياحون في 22 تشرين الثاني/نوفمبر وأودت بخمسة مقاتلين من "حزب الله"، من بينهم ابن رئيس كتلته البرلمانية محمد رعد. وأوضح المصدر أن صاحبة المنزل تلقت اتصالاً استفسر فيه المتصل عما اذا كانت العائلة في المنزل، ليتم استهدافه بعدها.

وإلى جانب تحذيره السكان من مغبة التجاوب مع الاتصالات المشبوهة والمبادرة الى الإبلاغ عنها، نبه "حزب الله" في بيان آخر من اختراق إسرائيل كاميرات مدنية مثبتة أمام المنازل والمتاجر والمؤسسات في القرى الحدودية "للاستفادة من المادة البصرية التي تؤمنها في جمع معلومات تتعلق بالمقاومة وحركة الإخوة المجاهدين لاستهدافهم". ودعاهم الى فصلها عن الانترنت "والمساهمة في إعماء العدو" عما يقوم به مقاتلوه في المنطقة.

وروى أحد أبناء بلدة جنوبية، مقيم في بيروت، رفض الكشف عن هويته لأسباب أمنية، أنه تلقى اتصالاً من مسؤول محلي في "حزب الله" طلب منه إطفاء كاميرات مثبتة في محيط منزله وفصلها عن شبكة الانترنت للسبب ذاته. وقال إنه امتثل لطلبه.

وأفاد "حزب الله" بأن إسرائيل تلجأ الى الاتصالات واختراق الكاميرات المدنية، بعدما تمكن مقاتلوه من استهداف عشرات أجهزة التجسس وكاميرات المراقبة المثبتة على أبراج وفي مراكز عسكرية إسرائيلية على طول الحدود مع لبنان، منذ بدء التصعيد.

توازياً، أوقفت القوى الأمنية ثلاثة لبنانيين بشبهات تجسس لعملهم لصالح شركات أميركية يُشتبه بارتباطها بإسرائيل. وتبين أن أحدهم أجرى "مسحاً لشبكات الانترنت المنزلي" في الضاحية الجنوبية، معقل "حزب الله" قرب بيروت، وفق المصدر الأمني. وضُبط بحوزة الموقوفين جهاز متطور بالغة الدقة.

وشرح مدير المحتوى الرقمي لدى منظمة "سمكس" التي تُعنى بالحقوق الرقمية، عبد قطايا، أن اختراق الاتصالات والكاميرات المدنية مرده إلى أن البنية التحتية للاتصالات في لبنان تفتقر أدنى مقومات الحماية.

وأوضح قطايا أن كاميرات المراقبة الخاصة، المستوردة في غالبيتها من الصين، تكون موصولة عبر الانترنت ليتمكن مالكها من مراقبتها عبر تطبيق يحمله على هاتفه الخلوي. وغالباً ما يكون الاتصال بالانترنت والاتصالات الداخلية عبر الأرقام العادية والخلوية "غير مشفر وبالتالي تسهل عملية الاختراق".

وتمتلك إسرائيل، بحسب قطايا "باعاً طويلاً في تقنيات التجسس ومعروف أن لديهم قدرات اختراق كبيرة في لبنان، تتخطى الاتصالات لتشمل أجهزة ومناطيد وأعمدة استشعار".

وتعرضت شاشات المغادرة والوصول في مطار بيروت الدولي وجرارات الحقائب في 7 كانون الثاني/يناير الجاري، لاختراق سيبراني لم تتضح هوية الجهة التي نفذته. وقال وزير الأشغال العامة والنقل حسن حمية حينها: "العمل جار مع الأجهزة الأمنية لأن الخبرات في الأمن السيبراني لا تملكها أي مؤسسة في الدولة اللبنانية".

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها