الخميس 2023/09/14

آخر تحديث: 12:07 (بيروت)

اللبنانيون يتّحدون دعماً لعامل نظافة.. أهانه "تيكتوكر"

الخميس 2023/09/14
اللبنانيون يتّحدون دعماً لعامل نظافة.. أهانه "تيكتوكر"
increase حجم الخط decrease
موجة عارمة من الغضب، عبّر عنها اللبنانيون بكل أطيافهم، رفضاً لمقطع فيديو مهين أنتجه ونشره التيكتوكر أحمد شحيمي وزميله عيد حمود، يظهرهما يسيئان لعامل نظافة في الشارع. قوبل الفيديو بالسخط، وشجب اللبنانيون هذا الفعل بأقسى العبارات، كون المقطع يسيء للكرامة الإنسانية.


في الفيديو، يقوم أحمد شحيمي بوضع سلّة نفايات في رأس أحد عمّال النظافة بطريقة مُهينة، وذلك على سبيل تنفيذ "مقلب" بصري ونشره في "تيك توك". وبالطبع يهدف أحمد من خلال الفيديو لتحصيل مشاهدات في المنصة لجني الأموال منها، على حساب كرامة العامل الفقير وعزّة نفسه.

ورغم أن العامل لم يتجاوب مع "التيكتوكر" في المقلب، وبدت على وجهه علامات الحزن وكسر الخاطر، لم يتأثّر أحمد بذلك، وإستمر في تصوير الفيديو المسيء من دون أي رادع، وهو ما ضاعف الانتقادات للتيكتوكر، حيث اجتمع اللبنانيون في مشهد نادر خارج الإصطفافات السياسية والدينية المُعتادة، على إدانة إهانة الكرامة الانسانية.
 

ولا شك في أن الفيديو يتضمن محتوى مسيء، وتم تنفيذه على خلفية الاستقواء على عاملٍ فقير وإبتزازه بالكاميرا. وهو ما ظهر من خلال نظرات الحسرة التي بدت على وجه عامل النظافة، وهو فيديو وضيع ومُشين، لا يتقبله عقل، ونفذّه "عديم أخلاق"، كما قال كثيرون في مواقع التواصل، ومن غير المقبول أبداً أن يمر من دون محاسبة صانعيه، وهو مطلب اللبنانيين الأساسي، إذ أطلق ناشطون وإعلاميون وحقوقيون حملة ومناشدة للدولة اللبنانية لمحاسبة الشاب أحمد صانع المحتوى.
 

وفي سياق إعلامي وحقوقي، فإن مجموعة من الإنتهاكات تجتمع في فعل أحمد شحيمي وزميله، تبدأ من التعدّي والإساءة لعامل النظافة وهتك حرمته من خلال وضع سلّة النفايات في رأسه. وهذا الفعل لا يبرره أبداً إنشاء محتوى "فكاهي" يجب أن يخضع لضوابط وأخلاقيات مهنية. ومن جانب آخر يُمثّل المحتوى إنتهاكاً لخصوصية الشاب الذي من الواضح انّه لا يريد أن يظهر في الفيديوـ فمن يُجيز لأحمد شحيمي نشر الفيديو دون إذنه، وبالتالي إنتهاك خصوصيته الرقمية؟ 

والواقع أن بعض البرامج الفكاهية التي تبثها مؤسسات إعلامية، تحصل على تصريح بالعمل وفق الضوابط المرعية الإجراء، وبالتالي فإنها تخضع لرقابة وتنظيم. وتعد "الكاميرا الخفية" نوعاً من البرامج المُصنّفة بأنها ساخرة أو مضحكة، وتعرض عادة في سياق مقالب يتعرض لها الضيف من مقدم البرنامج، وتحمل غالباً رسائل وتعالج قضايا مجتمعية مهمة في سياق كوميدي. 


أما في ما يخص نشر صور الشخص الذي يتم إستهدافه بالمزاح أو المقلب، فيتم ذلك بعد موافقة الأخير. لكن في حالة المؤثرين نحن أمام إشكالية الضبط، فمن يضبط هؤلاء ومن يُحدد قواعد عملهم ويراقب محتواهم؟


برامج خارج الرقابة
يستنكر ناشطون وحقوقيون غياب أجهزة الدولة عن رقابة هكذا نوع من المحتوى، فضلاً عن نتائجه الاجتماعية وتأثّر المشاهدين به، لا سيّما الفئات العمرية اليافعة، في حين تمارس الأجهزة المُختصة أعلى درجات الرقابة في الساحة الرقمية على الناشطين جرّاء بعض التغريدات أو المنشورات المُعارضة للسلطة، ما يؤدي إلى ملاحقتهم وتوقيفهم في أحيانٍ كثيرة.

وفي السياق يتحدث الإعلامي والمتخصّص بوسائل التواصل الاجتماعي، أمين أبو يحيى لـ"المدن" قائلاً: "نعيش في زمن مليء بالتحديات والمشكلات الأخلاقية التي باتت تتجاوز حدود الرقابة والقوانين الموجودة في وسائل التواصل الاجتماعي، وبشكل خاص في منصات الفيديو القصيرة التي تشهد تدهوراً أخلاقياً غير مسبوق نتيجة لغياب الرقابة والتوجيه الأخلاقي". 

ويشير الى انه "في الآونة الأخيرة، شهدنا حالات متزايدة من نشر مقاطع فيديو مهينة لأشخاص وحيوانات، بلا أي إحساس بالمسؤولية أو تفكير في الآثار السلبية لمثل هذا السلوك، وهي مخالفة لحقوق الإنسان".

ويعتبر أبو يحيى "أنّ هذه المشكلة أكثر تعقيداً حيث أن منصات الفيديو القصيرة تستفيد من تداول مثل هذه المقاطع، ليتم توليد الإعلانات والإيرادات من خلال زيادة عدد المشاهدات"، مشيراً الى ان ذلك "يثير الكثير من تساؤلات حول دور هذه الشركات في تشجيع المحتوى الضار، فالجميع بحاجة إلى إعادة التفكير في ما يجري في وسائل التواصل سواء من قبل الأفراد والحكومات الى وسائل الإعلام والجمعيات المعنية وإعلان حملات توعية بهدف إعادة الاعتبار إلى قيم المجتمع الحقيقية من اجل بناء عالم رقمي ومجتمع سليم يستند إلى الأخلاق والمسؤولية".
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها