الخميس 2023/08/31

آخر تحديث: 20:50 (بيروت)

الانتصار لطفلة مغتصبة.. نقطة مضيئة في عتمة القضاء اللبناني

المدن - ميديا
الخميس 2023/08/31
الانتصار لطفلة مغتصبة.. نقطة مضيئة في عتمة القضاء اللبناني
increase حجم الخط decrease
لعلها من المرات النادرة التي يحتفل فيها اللبنانيون بإنجاز قضائي. حجم الخيبات تجاوزوه اليوم الخميس، إثر القرار الظني الذي اتخذته القاضية سمرندا نصار، في قضية اغتصاب ومقتل الطفلة لين طالب، حيث طالبت بإعدام خال الطفلة ووالدتها وجدّها وجدتها لأمها. 
يمثل هذا القرار، طاقة ضوء في عتمة الخيبات القضائية.
ففي جريمة المرفأ، تعطلت التحقيقات، وفي ملف رياض سلامة، عُلقت.
أما اليوم، فإن هذا القرار الذي اتخذته القاضية نصار، يعتبر قراراً جريئاً، منصفاً، يعادل حجم الغضب جراء ارتكاب جريمة بحق الطفلة، مرة باغتصابها، وأخرى بالسكوت عن الاغتصاب، ومرة ثالثة بموتها. 

وليس الضغط الاعلامي والغضب العام، هو وحده ما يحدد قرارات بهذا المستوى. لطالما تمت مواكبة الملفات بالضغط الاعلامي والسياسي وضغط النائشطين. ما زالت قضية ملف انفجار المرفأ أبرز مثال على الضغط، كذلك ملف رياض سلامة. 

ثمة ما هو اقوى من التفسير السطحي لهذا الاجراء. في القضايا الفردية، غالباً لا أغطية سياسية ولا موانع طائفية. يستطيع القضاء أن يتحرك بلا قيود ولا ضغوط. يُترك له استنباط الاحكام والاجراءات، بما يتوافق مع توجهه وهواجسه وهواجس المحيطين به. لا نصوص جامدة في القضاء، بل تأويلات. كل قضية لها قياسها وحساباتها، ضمن اطار النصوص المرعية الاجراء.
 
تعبر القاضية نصار عن هواجس جميع اللبنانيين. جريمة بهذا الحجم، يجب أن تُعالج بالعقوبة المشددة أولاً، لينال الجاني حساباً ذا وزن. وثانياً، يجب أن تكون رادعاً منعاً لتكرارها. أي تساهل في هذا الجانب، سيخلق تطبيعاً مع الاغتصاب والقتل، وهي هواجس جميع العائلات في لبنان. تنطق القاضية، في هذا الحكم، باسمهم. تعالج مخاوفهم، وتطمئنهم الى ان جرائم من هذا النوع، ستواجه بالعقوبات القاسية، على الاقل في القرار الظني، بانتظار محاكمات عادلة. 
يواكب اللبنانيون القرار بتفاصيله الموجعة. كيف استغل القاتل غياب عائلته من المنزل، وماذا فعل بالطفلة. الكدمات التي تركها على جسدها، اقفال فمها، اغتصابها.. كيف خطط، ونفذ، وكيف سكتت العائلة. 

يذهب هؤلاء الى تفكيك المعطيات المجتمعية. "ما حصل يتجاوز القتل المُتعمّد والجريمة"، يقول أحد المغردين، بالنظر الى ان "الأفكار المجتمعية البالية والرجعية توصّل لنتائج مشابهة، لا سيما التغطية على المُغتصب والخوف من الفضيحة.. وصولاً الى قبول الأم بالتضحية بابنتها مقابل التستّر على المُغتصب!"

استندت القاضية الى تلك الوقائع، واعتُبِر فعل خالها ينطبق على جنايتي المادتين 503 و504 في قانون العقوبات. كما اعتبرت أنّ وفاة الطفلة لين ينطبق على جريمة القتل عمداً وفق المادة 549 من هذا القانون، وطلبت محاكمة الخال ووالدتها وجدها وجدتها لأمها بهذه الجناية التي تنصّ على عقوبة الإعدام.

يحتفل اللبنانيون بهذه الجرأة في القرارات التي من شأنها أن تزيح عن صدورهم بعضاً من ثقل الخيبات الاخرى، وتضيئ نقطة في نفق مظلم. جرأة هنا، يمكن أن تؤسس لجرأة في الملفات الكبرى، وتكسر الطوق السياسي والمحاذير الطائفية عن أي اجراءات. تعيد الى القضاء سمعته كمرجع للعدل، وساحة لإحقاق الحق، وليس كطرف يراعي التوازنات، أو يهاب التدخلات السياسية. 
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها

الكاتب

المدن - ميديا
المدن - ميديا
مقالات أخرى للكاتب