الإثنين 2023/08/28

آخر تحديث: 16:39 (بيروت)

"يافا" تغتال وزير السياحة الإسرائيلي.. في الفيلم العبري "المستقبل"

الإثنين 2023/08/28
"يافا" تغتال وزير السياحة الإسرائيلي.. في الفيلم العبري "المستقبل"
increase حجم الخط decrease
لا جدال في أنّ المحتوى السينمائي الإسرائيلي، كأي محتوى آخر صادر عن دولة الاحتلال طيلة عقودها نشوئها السّبع، شكل سلاحاً دعائياً لتضليل العالم وتزوير الحقائق على الأرض الفلسطينية المحتلة، حتى تلك الأفلام التي حاولت ادعاء "الحياد"، أو "الجرأة" في الاعتراف بأن الاحتلال وممارساته ضد الفلسطينيين سبب رئيس لكل ما يجري في المنطقة، إذ أن الأخيرة تكتفي بانتقاد الاحتلال وتدعو إلى "تحسينه" بأفضل الأحوال، لكنها لا تتكلم عن إنهائه.

بيد أنّ هذا الاستنتاج لا يمنع التوقف عند أفلام محددة لتحليل الرسائل المباشرة أو الضمنية؛ بغية فهم المُراد من صناعة الأفلام الإسرائيلية التي تبدو متباينة في فحوى الرسالة وطريقة البعث بها، خاصة في توقيت مُحمّل بالتغييرات السياسية المتسارعة.. مستعينة بممثلين من فلسطينيي-48 لديهم كفاءة فنية عالية.

سمر قُبطي.. بطلة في "المستقبل"
ولعلّ "عتيد" هو أحدث الأفلام الإسرائيلية المُنتجة في هذا السياق، فالإسم عبري لفيلم سينمائي إسرائيلي يعني بالعربية "المستقبل"، يُعرض حالياً في دور السينما داخل الخط الأخضر، بعدما عُرض في مهرجان "تريبيكا" بنيويورك، وأيضاً مهرجان "الأفلام" بالقدس المحتلة، أخرجه نوعام كابلان، وإحدى بطلاته سمر قُبطي المتحدرة من مدينة الناصرة.

وتؤدي قبطي دوراً رئيسياً لفتاة اسمها يافا تنفذ عملية تفجيرية تسفر عن اغتيال وزير السياحة الإسرائيلي، ويستعرض الفيلم جوانب من الظلم والقهر الذي يتعرض له الفلسطينيون بسبب الاحتلال.

وتتطور أحداث الفيلم، وتدور الأقدار لتلتقي يافا بامرأة إسرائيلية بدرجة بروفيسور، حيث تستعد الأخيرة لإنجاب مولودها الجديد، فجاءت لتساعدها في عملية الولادة.. وُهنا، تجد الشخصيتان نفسيهما أمام حوار مستمر خلال لقاءات متتالية، إذ تحاول الإسرائيلية أن تفهم دوافع يافا من وراء التفكير باغتيال وزير إسرائيلي.

سمر قبطي

"جهل إسرائيليين بوجع الفلسطينيين"!
الحال أن الفيلم اشتمل على أبرز تضليل، عبر مساعيه لتبرئة شريحة إسرائيلية تمثلها المرأة البروفيسور، وذلك في الزعم أنها "لا تفهم حقيقة الظلم الواقع على الفلسطينيين"، وهو ما يُعد التفافاً على الحقيقة القائلة "إنهم يعرفون كل شيء، لكنهم يتجاهلون أفعالاً طالما تضمن احتلالهم لفلسطين والعيش فيها برخاء، حتى هؤلاء الذين فضلوا عدم الاشتباك اليومي المباشر مع الفلسطينيين". 

وتقول سمر قبطي، التي تؤدي دور "يافا"، في لقاء مع التلفزيون الإسرائيلي، إن المرأة الإسرائيلية في الفيلم جاءت من واقع وخلفية مختلفين، وهو ما جعلها معنية بالحصول على إجابة على تساؤلها: "ماذا يعني أن تكوني فلسطينية تحت الاحتلال الإسرائيلي؟!"، فهي أرادت أن تتعرف أكثر على وجع الفلسطينيين والظلم المُمارس عليهم، بحسب قُبطي. 

وبناء على حبكة الفيلم، تنجح يافا من خلال لقاءاتها المتعددة مع البروفيسور الإسرائيلية أن تدفعها إلى إعادة تفكيرها من جديد بشأن "مستقبلها ومستقبل الفلسطينيين"، ليس فقط من ناحية سياسية، بل وأيضا شخصية عبر استدعاء تساؤلها "كيف تلد شخصاً جديداً لهذا العالَم والواقع المُعقّد؟!".

"عتيد" استخدم كلمات "الاحتلال والنكبة"
ورداً على سؤال مذيع "مكان" العبري لسمر قُبطي: مرة أخرى، دور لفلسطينية تنفذ عملية تفجيرية، لا أدوار أخرى؟

تجيب قُبطي أن الانتقادات ليست جديدة، لكنها تُعرّف نفسها بأنها "فنانة واعية سياسياً، ومواقفي معروفة"، انطلاقاً مما تتحدث به باللغتين العبرية والعربية في السوشال ميديا ومحافل مختلفة، سواء في الداخل أو الخارج، مشيرة إلى أنها "مخلصة جداً لمجتمعها وقضيتها وروايتها". 

وبحسب قُبطي، فإن ردها الأوليّ هو الرفض التام لتأدية أي دور لامرأة فلسطينية تفجر نفسها، أو تنفذ عملية محددة، لكنّها وافقت على الفكرة بعدما وجدت طريقة عرض الفيلم مختلفة، وأنه لا يخشى ذكر الكلمات المُعرّفة إسرائيلياً بـ"الصعبة"، من قبيل "الاحتلال" و"النكبة"، ولم يتردد في تحميل الاحتلال المسؤولية عن كل ما يجري، وهو أمر نادر في الأفلام الإسرائيلية.


دور رئيسي.. لفلسطينية
غير أن "ارتياح" سمر لسيناريو الفيلم لم يمنعها من خوض نقاشات مطولة وصعبة أحياناً مع مخرج السيناريو، إلا أنه أعطى مساحة لها ولروايتها، بمنظور قُبطي.

وثمة عامل فني قد شجع سمر على القبول بالدور، إذ أنها دورها رئيسي وليس ثانوياً، استطاعت من خلاله أن تتحدث عن روايتها الفلسطينية وتوصل فكرة معينة، لتغيير مشاعر المشاهد. وتابعت: "أعطاني الفيلم دفعة لأكون في المركز كامرأة عربية فلسطينية، للتحدث بروايتي، وعن قضيتي بلساني، وليس من محل خارجي وعيون خارجية".

فيلم بلا ذكور
اللافت أن الفيلم الإسرائيلي "المستقبل"، يُعدّ فيلماً نسائياً لا وجود للذكور فيه تقريباً، تتشارك سمر قبطي البطولة فيه مع ممثلة أخرى هي ريمون مسلّم، فيما تمثل الفنانة سلوى نقارة دور أمها، فالرواية الفلسطينية تحكيها امرأة، بكل ما تحمل من عاطفة وحزن وانتقام من المحتل.

موضوعياً، ثمة واقع مُركّب ومُعقّد يعايشه الفلسطيني عموماً، وفلسطينيو-48 خصوصاً، وهو ما أكدته الممثلة والمخرجة الشابة سمر قبطي (34 عاماً)، إذ شددت في لقاءات سابقة مع التلفزيون الإسرائيلي على أن المساحات الممنوحة للفلسطينيين للتعبير عن رأيهم وواقعهم في مجال الفن هي في حدود ضيقة ومحددة جداً في الأفلام السينمائية الإسرائيلية، وهو ما يُعد تبريراً ضمنياً منها، بالقول إنها تحاول أن تضيئ على الرواية الفلسطينية كلما سنحت الفرصة، من خلال مشاركتها بأفلام من إخراج إسرائيلي، وقد "تنجح حيناً، أو تفشل حيناً آخر".

لم يكن دور "يافا" سهلاً على سمر قُبطي، كانت تنام وتفيق متوترة، لدرجة أنها تنفست الصعداء حينما أنهت الدور، بحسب الممثلة الفلسطينية.

مشاركة في أفلام إسرائيلية أخرى
وسبق أن شاركت قُبطي في أفلام إسرائيلية أخرى، أولها العام 2006 من خلال فيلم "مفرق 48"، يتحدث عن معاناة شابين مولعين بغناء الراب من عنصرية الاحتلال والتضييق على الفلسطينيين في أراضي-48، عبر هدم المنازل، والبطالة، وغيرهما.. وأيضاً من ضغط اجتماعي من بيئة محافظة في اللد، شكل عقبة في طريق "منار" التي تجسد دورها سمر قبطي؛ عبر رفض فكرة أن تغني. كما أدت دورا في إحدى أجزاء الفيلم الإسرائيلي المثير للجدل "فوضى".

كما أخرجت قُبطي فيلم "هش" الذي بدأ عرضه أوائل العام الحالي، ويتحدث عن الضغوط الاجتماعية، وقد عُرض في مهرجان تريبيكا بالولايات المتحدة، وأماكن أخرى في العالم، ويُعرض في لندن هذه الأيام. وكشفت قُبطي أنها تؤدي دور "ميرفت" في فيلم مصري أميركي قصير لمدة ثلاثين دقيقة، ويحمل الاسم نفسه، من إخراج المصري الشهير محمد عبد الخالق. 
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها