الجمعة 2023/12/01

آخر تحديث: 19:25 (بيروت)

إسرائيل تُحلّل شخصية السنوار.. ماذا وجدت؟

الجمعة 2023/12/01
إسرائيل تُحلّل شخصية السنوار.. ماذا وجدت؟
increase حجم الخط decrease
لم يفُت الإعلام العبري، في خضم المعركة الدعائية الإسرائيلية ضد حركة "حماس"، أن يخوض في تحليل جوانب نفسية وشخصية لقائد الحركة في غزة، يحيى السنوار، بعيون الأمن في تل أبيب.

فقد استضافت الإذاعة العبرية العامة، المسؤول الرفيع السابق في جهاز المخابرات الإسرائيلية "الشاباك"، ميخا كوبي، واصفة إياه بـ"المحقق مع السنوار لأيام طويلة قبل أكثر من 35 عاماً"، حينما كان الأخير معتقلاً ثم أسيراً في السجون الإسرائيلية خلال ثمانينيات القرن الماضي، حتى أطلق سراحه بموجب صفقة شاليط العام 2011.

دعاية.. أم تحليل؟
وبدا حديث كوبي عن السنوار مُوجهاً أكثر من كونه مهنياً، بالنظر إلى مضمون كلامه عنه، وأيضاً توقيته وسياقه الذي جاء في معرض التعليق على ما رواه محتجزون إسرائيليون فور إطلاق سراحهم من غزة بشأن لقاء السنوار ببعضهم خلال احتجازهم تحت الأرض؛ لطمأنتهم باللغة العبرية: "لا تخافوا، أنتم في أمان هنا". وقال محقق "الشاباك" السابق ميخا كوبي إنه "يصعب عليه تصديق الادعاءات بلقاء السنوار مع محتجزين إسرائيليين"؛ بدعوى أن "السنوار أكثر القادة قسوة، ويكره اليهود حتى النخاع". ويحاول المحقق الإسرائيلي بكلامه أن يُكذب المحتجزين الإسرائيليين المُفرج عنهم؛ لإظهار يحيى السنوار "مُعادياً للسامية"، سعياً منه لمواجهة الصورة التي نقلها أطفال ونساء إسرائيليون بعد عودتهم من غزة. فتبدو الصورة "مزعجة إسرائيلياً"، ولا يُراد أن تخرج إلى العالم.

لكنّ "تشكيك" المحقق كوبي في رواية "لقاء السنوار" تتعارض مع إفادة رصدتها "المدن" لمراسل هيئة البث الإسرائيلية للشؤون الفلسطينية حينما قال إن "لقاء السنوار أكّده أكثر من محتجز إسرائيلي للشاباك بعد الإفراج عنهم، وأنه جرى في أكثر من نفق".. معتبراً أن السنوار أراد من خطوته أن يوصل رسالة بأنه ما زال مسيطراً على الوضع في غزة، رغم الضربات الإسرائيلية الأعنف، والتوغل البري في شمالي القطاع. ولم تؤكد حركة "حماس" ما نشره الإعلام العبري بشأن "لقاء السنوار بالمحتجزين".

السنوار.. و"العبرية"
وأشار ضابط الشاباك السابق الى أنه سأل السنوار، حينما حقق معه في الماضي، عن سبب عدم زواجه حينها، ليجيبه بأنه "متزوج من حماس". وتابع أن السنوار اهتم خلال فترة أسره بتعلم اللغة العبرية، بوصفها الطريقة التي "ستمكنه من معرفة العدو بشكل أفضل".

وأقر ميخا كوبي في سياق إجابته على سؤال عن قدرة إسرائيل على الوصول إلى السنوار، بأن "الأمر لن يكون سهلاً، فهو لن يستسلم، بل سيقاتل حتى الرصاصة الأخيرة".. بيدَ أنّ كوبي استدرك قائلاً: "لكننا سنقبض عليه، أعتقد أننا قريبون جداً منه".

وختم محقق "الشاباك" السابق حديثه بشأن مفاوضات تبادل الأسرى مع السنوار، إذ وصف السنوار بـ"المُخادع، ومعه يمكن التوصل إلى صفقات حسب مطالبه". وقدر كوبي أنه لن يتم إطلاق سراح جميع الأسرى من خلال التعامل مع السنوار.

وكان المحقق نفسه اعتبر في حديث سابق أنّ السنوار رد على حكمه بالسجن أربع مؤبدات العام 1988، بدراسة اللغة "العبرية"، وأشار إلى أن السنوار "قرأ كل الكتب التي صدرت عن شخصيات إسرائيلية بارزة مثل فلاديمير جابوتنسكي ومناحيم بيغن وإسحاق رابين". كما وصفه سجانوه الإسرائيليون بأنه "كان مدمنًا على محطات التلفزة الإسرائيلية خلال سجنه"، ودأب أيضاً على التحدث مع سجّانيه الإسرائيليين بخصوص مطالب الحركة الأسيرة.

هجوم الغلاف
بدت إسرائيل غير قادرة على فهم شخصية السنوار جيداً؛ بدليل أنها لم تتنبأ بهجوم السابع من أكتوبر على منطقة الغلاف، ناهيك عن أن تحليلات إسرائيلية سابقة لشخصية السنوار ظهرت متضاربة مع ما قاله محقق الشاباك ميخا كوبي عنه.

ودفع هجوم الغلاف الأمن الإسرائيلي والإعلام العبري إلى العودة إلى لقاء أجرته الصحافية الإيطالية فرانشيسكا بوري، لصالح صحيفة "يديعوت أحرونوت"، مع يحيى السنوار العام 2018، ونُشر وقتها في صدر صفحتها الأولى. ولم يُعرف ما إذا كان السنوار قد ضُلّل، أم علم مُسبقاً بنشر اللقاء في الصحيفة العبرية لإيصال رسائله.. فهو بالمحصلة شخصية معروفة بخلفيتها الأمنية في "حماس"، لا تكتفي بتصديق ما يُقال لها بالضرورة.

اللافت أن السنوار قال في تلك المقابلة إن حركته لا تسعى إلى الحرب، وأنها ليست في مصلحة الفلسطينيين، لكنه حذر من أن استمرار "الوضع الحالي" سيؤدي إلى "حدوث انفجار".. وهو تحذير يستدعي سؤالاً ملحّاً ولو بعد حين: هل قصد السنوار بمصطلح "الانفجار" الذي حذر منه قبل 5 سنوات، هجوم السابع من أكتوبر؟

لعلّ الأمر المثير هنا أن تلك المقابلة التي عدّتها "يديعوت أحرونوت" حصرية مع السنوار، نُشرت مطلع تشرين الأول/أكتوبر2018، وهو الشهر نفسه الذي وقع فيه هجوم الغلاف في ما بعد، في العام 2023!

براغماتي
وضمن محاولات تحليل شخصية يحيى السنوار البالغ من العمر 61 عاماً، اعتبرت أقلام إسرائيلية أن قضية الأسرى الفلسطينيين طاردت السنوار منذ اليوم الأول لتوليه منصبه كقائد لـ"حماس" في غزة العام 2017، كونه "يَدين بحريته لصفقة شاليط قبل 12 عاماً". ووصل الأمر ببعض القراءات الإسرائيلية إلى اعتبار أن "براغماتية السنوار تجاه إسرائيل" قد أثارت أكثر من مرة انتقادات لاذعة ضده.

لعلّ هجوم الغلاف، دفع أصحاب هذا الرأي التحليلي الإسرائيلي إلى طرح تساؤلات من قبيل: ماذا حدث هذه المرة؟ ما الذي جعل السنوار يذهب أبعد من اللازم؟ ألم يصمد أمام ضغوط الذراع العسكري، خصوصاً أنه واجه صعوبة في الوقوف لفترة طويلة أمام أهالي الأسرى؟

والحال أن محاولات إسرائيل لتحليل شخصية السنوار تؤشر إلى أنها لم تحسم تقييمها وفهمها لشخصيّته كما يجب، ولم تتنبأ مسبقاً بما يجول في خاطره.


increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها