MTV بين الاعتداء على جويس عقيقي..ومقدمة رياض طوق

الاتهامات الجاهزة لدى محور الممانعة في لبنان، والقائمة على أن الخصومة السياسية معه تعني "أنك ضد القضية الفلسطينية لا بل عميل صهيوني"، هي معادلة يحاول "حزب الله" تكريسها منذ سنوات لـ"تخوين" خصومه السياسيين في لبنان، وأخطر ما فيها، امتدادها لوسم مؤسسات إعلامية وتهديد صحافييها، وعلى رأسهم العاملون في قناة الـMTV  التي تم التعرض لمراسلتها جويس عقيقي عند الحدود الجنوبية اليوم الاحد من قبل "عنصر حزبي منفرد"، واجهها بعبارة "يللي بيمثل قناة الصهاينة مش مرحب فيه عنا"، فقابلته بدورها بعبارة "كلنا لبنانيين... لا للتخوين".

وعلى الرغم من حصر "حزب الله" ما جرى بـ"التصرف الفرديّ"، إلا أنه أتى كنتيجة طبيعية للتحريض على المؤسسات الاعلامية المناهضة لسلاحه، ووضعها في خانة العمالة. ولعلّ أقوى رد على هذه التهمة، هو ما تجلى بمقدمة برنامج "باسم الشعب" في حلقته الأخيرة التي عرضت الاثنين الماضي عبر الـMTV، والتي كرس فيها مقدم ومعد البرنامج رياض طوق معادلة نصرة القضية الفلسطينية وإدانة الإبادة الجماعية التي تحضر لها اسرائيل في غزة، ورفض زج "حزب الله" للبنان في الحرب الدائرة.

هذا الخطاب الذي تجرأ على طرح القضية الفلسطينية في سياقها التاريخي بدءاً من "طرد اسرائيل لأهل الارض وسكانها"، وصولا لتوصيف جرائم الحرب الاسرائيلية، والاستيطان، وقضم الاراضي والعنصرية وقتل الاطفال والنساء والمدنيين العزّل وتدمير القرى، يأتي في وقت تقف وكالات ومؤسسات اعلامية دولية إلى جانب إسرائيل رغم شناعة جرائمها في غزة.

طوق، في مقدمته، ناصر بجرأة كبيرة حق الشعب الفلسطيني بدولة مستقلة من جهة، ولم يهادن سلاح "حزب الله" وتمسكه بحق اللبنانيين كذلك بدولة تقرر وحدها قرار السلم والحرب، من جهة أخرى. 

ضد الظلم أينما وجد

مقدمة البرنامج التي لاقت تفاعلا كبيرا عبر مواقع التواصل، يضعها طوق في حديثه لـ"المدن"، في صلب مقاربة محطة الـMTV  للقضية الفلسطينية عموماً، فالمحطة تاريخياً "ضد الظلم أينما وجد وتناصر المظلوم انطلاقاً من موقفها الثابت مع حقوق الانسان وكسلطة رابعة تسعى لتكوين الرأي العام المناصر لتلك الحقوق"، وهي وقفت صراحة ضد قتل المدنيين في سوريا، والإبادات الجماعية للشعب السوري من قبل النظام السوري، والموقف البديهي اليوم أن تقف ضد الدمار الممنهج والإبادة الجماعية التي تحضر لأهل غزة من قبل اسرائيل، وهذا موقف إنساني وسياسي ثابت، انطلاقاً من أن لبنان لن ينعم بالسلام دون مبادرة عربية شاملة لقيام دولة فلسطينية مستقلة.

"استغراب" انحياز تلك المقدمة للقضية الفلسطينية، يأتي بعد سنوات من اتهامات للـMTV بأنها "قناة صهيونية" من قبل ناشطين في بيئة حزب الله، ما انعكس حجباً للقناة في عدد من المناطق اللبنانية ذات البيئة الحاضنة للحزب، وهذا مرده لسرديتين اثنتين روج لهما.

السردية الأولى تتمثل في ربط مواقف القناة بمواقف الأحزاب اليمينية المسيحية في لبنان في تجاربها السابقة في فترة الحرب. أما السردية الثانية، فتتمثل في المعادلة المعتمدة لدى الحزب ضد خصومه، أي استسهال رمي القناة بتهم من قبيل أنها "عميلة وصهيونية" لمجرد أنها تعبّر صراحة عن رفضها لسلاح "حزب الله" على حساب سيادة الدولة اللبنانية. 

في السياق، يشدد طوق على أن الـMTV  ليست ناطقة بإسم أي حزب في لبنان، فالقناة ملتزمة بنهج الصحافة الملتزمة بحقوق الانسان، وهي بالتالي ضد قتل المدنيين، والاستيطان، وطرد الناس من بيوتها، وضد العنصرية والتمييز.

من هنا، يرفض "فحص الهوية" و"فحص الوطنية" الذي "نتعرّض له"، مشدداً على "اننا لا ننتظر "براءة ذمة" من أحد أو حتى إشادة بمقدمتنا للقول إن موقفنا من القضية بات مقبولاً اليوم، فموقفنا لم يتغير تاريخياً، لناحية حق الشعوب بتقرير مصيرها، وهذا يتماهى تماماً مع موقفنا من سلاح حزب الله الذي يصادر قرار الحرب والسلم في لبنان". 

"فحوص الدم" التي يضعها طوق في خانة تمكن حزب الله في السنوات الـ15 الأخيرة من تطويع احزاب سياسية ومؤسسات اعلامية ورأي عام، "لا تنطبق علينا، فنحن دفعنا أثماناً لمواجهة التطويع أبرزها عام 2002 عند إقفال المحطة بسبب مواقفها الحرة الداعمة لسيادة لبنان بوجه الوصاية السورية، واليوم لم ولن ننجر لحفلة التطبيل لحزب الله وتطويعه، ولن نألو جهداً للدفاع عن سيادة لبنان بوجه السلاح غير الشرعي وزج البلاد في الحرب الدائرة، وإشعال الساحة اللبنانية لصالح نزاع المحاور الإقليمية".

ويرى طوق أن مقدمته تتماهى كلياً مع ركائز برنامجه الثلاث، فبرنامج "بإسم الشعب" انطلق من رحم انتفاضة 17 تشرين ليدافع عن حق الناس بالتساوي بالحقوق والواجبات والتمتع بعيش كريم ضد الفساد، وللتأكيد أن حقوق الانسان لا تتجزأ، وهو ما يدفعنا لنصرة القضية الفلسطينية.. ويرتكز أيضاً على التمسك بسيادة لبنان وإرساء دولة لبنانية مستقلة عن أي محور، وهو ما يترجم معارضتنا الشرسة للحزب، وأهمية التوازن في موقفنا الداعم للقضايا الوطنية أينما وجدت، دون الانجرار بشكل أعمى لأجندات سياسية ومصالح المحاور المتصارعة، تكمن بحماية لبنان المنهار بمؤسساته وبناه التحتية من حرب مدمرة، ينخرط فيها وفقا لمصالح إقليمية.

وإذ يستنكر طوق جريمة قتل المصور في "رويترز" عصام عبد الله، يرى أن عدائية اسرائيل المفرطة واستهدافها بل اغتيالها المتعمد لعبدلله، "يجعلنا كصحافة لبنانية معنيين أكثر من أي وقت مضى بتكوين رأي عام ضد جرائم اسرائيل اليوم، إذ كان يمكن لطواقمنا ومصورينا أن يكونوا في ساحة الجريمة ويتعرضوا للخطر نفسه". 

وظهر مقطع فيديو يظهر شاباً يُعتقد أنه من "حزب الله" يمنع مراسلة "أم تي في" جويس عقيقي من التغطية في الجنوب اليوم، ويطردها من موقعها، ويوجه لها الاتهامات بأنها تنتمي الى قناة معادية للحزب.

ولاحقاً، أوضحت عقيقي أن فريق mtv لم يُطرد، موضحة أن ما حصل هو أنه "طُلب من الفريق عدم بث رسالة الساعة الثانية من بعد الظهر ولكنه بث الرسالة، وعندما أراد الانتقال الى موقع آخر"، حصل التهجم من قبل الرجل الذي ظهر في الفيديو. 

وأكدت عقيقي أن "حزب الله استنكر ما حصل موضحاً أن من تلاسن مع فريق mtv هو عنصر فردي لا يمثل الحزب، وتصرف من تلقاء نفسه ولم يكن التصرف من قبل القيادة". 

وأثار ظهور الفيديو استياء واسعاً في صفوف ناشطين، رفضوا التعرض للصحافيين، ومنعهم من الاداء بواجبهم.