الجمعة 2023/10/13

آخر تحديث: 23:25 (بيروت)

لوداع الشهيد عصام عبدالله...صحافيو لبنان في اعتصام دموع وغضب

الجمعة 2023/10/13
لوداع الشهيد عصام عبدالله...صحافيو لبنان في اعتصام دموع وغضب
الحزن يلف الصحافيين في تحرك ميداني استنكاراً لاغتيال زميلهم عصام عبد الله أمام المتحف الوطني (عباس سلمان)
increase حجم الخط decrease
على درج المتحف الوطني في بيروت، يتدفّقون الصحافيون، ويعلو صوت البكاء. "راح عصام"، يقول صحافي أثناء عناق زميل له. "الخسارة كبيرة"، حتماً، ومزدوجة. عصام، الشاب الحيوي، الضاحك، الثائر، المثقف.. الشاب المندفع الذي خبره الجميع في ساحات الانتفاضة في بيروت، مصوراً وموثقاً للاحتجاجات، اتجه الى الجنوب لتوثيق الاعتداءات الاسرائيلية. المهمتان وطنيتان، وقضى أخيراً باستهداف اسرائيلي. 

وقع الخبر كالصاعقة على رؤوس الجميع. قبل نصف ساعة، كان العارفون بأن عصام استشهد، يوارون الخبر، يحاولون تكذيبه، لا يصدقون. لم يستطع هؤلاء استيعاب أن زميلهم، الفاعل في الأنشطة، والحاضر في المناسبات، اغتالته قوات الاحتلال. لماذا؟ ألم يكن عصام وزملاؤه قد عرفوا عن أنفسهم بالكاميرات والعدة والسترات والخوذات؟ 

بلى.. كانوا مستعدين، وقد اختارت قوات "اليونيفيل" أصلاً موقعاً آمناً للصحافيين ليغطوا منه الاعتداءات.. لكن الاحتلال أراد طمس جريمته. حين يبدأ عملية عسكرية، يقتل الشهود عليها. يغتالهم. يطمس معالمها، ويمارس رقابة عسكرية، هذه المرة، بالنار، بالترهيب.. سبق أن فعل ذلك مع شيرين أبو عاقلة، ومع ثمانية صحافيين على الأقل في غزة، وفي السابق في لبنان حين قتل عساف أبو رحال في العام 2010، ويكررها اليوم. الرسالة واضحة: "اسكتوا ولا توثقوا.. أنا ماضٍ في تنفيذ الجريمة". 


ولم تكن الوسائل الإعلامية اللبنانية والوكلات الأجنبية أيضاً، تدرك أنها ستكون هدفاً مباشراً لاستهداف إسرائيلي من دون أي إنذار. ولم تكن تعلم أيضاً، أن المصور اللبناني عصام عبدلله، الذي سعى خلال الساعات الماضية لتوثيق الأحداث الأمنية وتصويرها، سيرمى جثة هامدة على الأرض، إثر تعرضه لقنبلة إسرائيلية أودت بحياته، وأصابت مجموعة أخرى من الجسم الصحافي في بلدة علما الشعب جنوبي لبنان.

الآلة الحربية الإسرائيلية، باغتت الطواقم الإعلامية العائدة لوكالتين أجنبيتن (رويترز وفرانس برس) وقناة "الجزيرة" خلال تغطيتهم الإعلامية للأحداث الأمنية الحاصلة على الحدود اللبنانية-الفلسطينية، بالتوازي مع معركة "طوفان الأقصى". 

والى جانب استشهاد عصام، تعرضت مراسلة وكالة "فرانس برس" كريستين مصطفى عاصي لإصابة بليغة في القدمين واليدين. كما أصيبت مراسلة "الجزيرة" كارمن جوخدار، ومراسل "رويترز" العراقي ثائر زهير كاظم، ومراسل "رويترز" العراقي ماهر نزيه عبد اللطيف، ومصور "الجزيرة" إيلي برخيا، ومراسل "فرانس برس" ديلن كولينز.
 

على درج المتحف، يعزي الصحافيون بعضهم البعض. بالبكاء، يتذكر الجميع عصام، ذلك المبتسم، الباحث عن لحظة سعادة في الأحياء وبين الاصدقاء. المندفع الى الفرح، كما اندفاعه الى المهنة. الانسانيّ، المحب.. يبكي الصحافيون عصام ويبكون أنفسهم أيضاً. كل منهم خاضع لاختبار القسوة في الساحات، وفي الميادين، وفي مواجهة عدو قاتل لا يشبع من دماء الابرياء، ولا يميز بين صحافي ومدني، أو عسكري ومقاتل. 

يتقاطر الصحافيون الى المتحف. خلال أقل من نصف ساعة، يمتلئ الدرج بالصحافيين، وتتثبت الكاميرات. كانت الدعوة موجهة من تجمع "نقابة الصحافة البديلة"، استنكاراً للاستهداف الإسرائيلي المباشر للطواقم الإعلامية في بلدة علما الشعب.
 

نعي تجمع نقابة الصحافة البديلة
ونعى تجمّع "نقابة الصحافة البديلة" الزميل عصام عبد الله، مصور وكالة رويترز وعضو التجمع، كما دان التجمع "جريمة الحرب المروّعة التي ارتبكها جيش الاحتلال الاسرائيلي باستهدافه المباشر للصحافيين، وأدت إلى استشهاد الزميل عصام، وإصابة عدد من الزملاء الذين نُقلوا إلى المستشفيات للعلاج، من بينهم الطواقم الصحافية التابعة لوكالة رويترز ووكالة الصحافة الفرنسية والجزيرة وسواهم، حيث لم تُعرف الحصيلة النهائية حتى الساعة". 
وقال التجمع "إن مُصابنا كبير جداً بخسارتك يا عصام، الشاب المندفع المحبوب من زملائه، والمصور المحترف الذي شارك في تغطية نزاعات دولية عدة، فكانت عدستك تنقل أحداث العالم لتكون أنت الخبر المفجع للجميع من جنوبي لبنان".
ويُشيّع عصام يوم غد السبت بعد صلاة الظهر في جبانة بلدة الخيام.
 
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها