الأحد 2023/10/01

آخر تحديث: 14:57 (بيروت)

"التنظيم الذاتي لوسائل الإعلام اللبنانية":استقلالية لرفع سقف الحريات

الأحد 2023/10/01
"التنظيم الذاتي لوسائل الإعلام اللبنانية":استقلالية لرفع سقف الحريات
increase حجم الخط decrease
اخترق النقاش حول الحق بالوصول الى المعلومات، تقييم تجربة "التنظيم الذاتي" في وسائل الاعلام اللبنانية، وهو مشروع امتد على ثلاث سنوات، وشاركت فيه "المدن" في الدورتين الثانية والثالثة الى جانب وسائل إعلام عربية ودولية، ويهدف الى تكريس استقلالية الاعلام، وتنظيم عمله وفق المعايير والضوابط المهنية والاخلاقية.   

كان لافتاً التذكير بأن "الحق بالوصول الى المعلومات" يساوي في دستور الهند، "الحق في الحياة"، وذلك لاعتباره ركناً أساسياً في عملية تعزيز الديموقراطية حول العالم، فيما نجده في لبنان، محجوباً من قبل من هم في موقع السلطة وتحت المساءلة، مما يجعل الصحافي يلجأ الى المؤسسات القضائية أحياناً لانتزاع حكم يقضي بتزويده بوثائق وبيانات وزارية، من المفترض أن تتاح للعموم دون أدنى معركة.

إلا أن هذه المعركة لانتزاع "المعلومة"، ليست غريبة في بلد يحتل المرتبة 150 من اصل 180 في مؤشر مدركات الفساد، ما يزيد من التحدي على وسائل الإعلام في لبنان، لناحية دورها بالمساءلة وكشف الفساد. هو تحدّ، يتطلب تحصينه عبر تنظيمه ذاتياً بوجه القوانين وممارسات السلطة، بما يلبي التحديات العالمية من جهة، والتحديات اللبنانية الأكثر صعوبة من جهة ثانية، والتي تبدأ بالتمويل السياسي للإعلام ولا تنتهي بالتضييق على الحريات العامة والصحافة تهربا من المحاسبة.

وفي اليوم العالمي لحق الوصول للمعلومات، ما زالت الآمال معقودة على لبنان للعب دور محوري في الشرق الأوسط على صعيد الديموقراطية من بوابة السلطة الرابعة، كسلطة قادرة على هز مداميك السلطتين المالية والسياسية في البلاد، والتغيير، وذلك من خلال حث اللبنانيين على اختيار ممثليهم الأمثل في صناديق الاقتراع.

هذه الأهداف المثلى، عبّر عنها القائمون على برنامج الزمالة الدولي ( ITP ) بدورته الثالثة، والتي شاركت "المدن" في الدورتين الثانية والثالثة منه، وذلك خلال جلسة نقاش بعنوان "حماية حرية التعبير من خلال التنظيم الذاتي للإعلام في لبنان" وذلك في الجامعة اليسوعية الخميس، فشارك  متحدثون/ات من قنوات تلفزيونية محلية وممثلون/ات عن منظمات المجتمع المدني، حيث كانت فرصة للبحث في التجربة اللبنانية للإعلام. 
التنظيم الذاتي
مدير برنامج الزمالة الدولية خليل عنصرة متحدثاً في الجلسة (مصطفى جمال الدين)

تنظيم قيد "المأسسة"
لعل النفس الجديد للصحافيين والزمالات الدولية والإقليمية التي قامت على تبادل الخبرات محلياً ودولياً، وآخرها مع السويد في برنامج الزمالة الدولي للصحافيين... كلها عوامل دفعت لتطوير الأطر التنظييمية الذاتية للمؤسسات بشكل ممؤسس، بعد أن كان هذا التطوير لعقود، خارج المأسسة. 

عدم مأسسة تجربة التنظيم الذاتي، أكدتها مديرة الأخبار في "المؤسسة اللبنانية للإرسال انترناشيونال" لارا زلعوم، التي تحدثت خلال الندوة عن تجربتها في الزمالة، "فالتنظيم في مؤسساتنا لطالما كان موجودا، لكن دون أطر واضحة معلنة له". 

وعن مستويات التنظيم فتختصرها باحترام الصحافي لنفسه ومعايير المهنة من جهة، ما يؤدي لحماية حرية التعبير، واحترامه للمؤسسة من جهة ثانية، وهو ما يقلص هامش الخطأ المهني، ويبني مصداقية للصحافي والمؤسسة الاعلامية. 

تنظيم ما بعد الحرب: الأخبار لكل لبنان
وترجع زلعوم التغيير المحوري في مسيرة الـ LBCI  الى "القرار الذي اتخذته الإدارة بكسر حدية الانتماء السياسي" للمحطة بعد الحرب، فكان هدفها واضحاً: "لبنان ليس لجزء من اللبنانيين، بل لكل اللبنانيين. وجاءت ترجمة هذا القرارعلى مستويين اثنين يبرزان دور التنظيم الذاتي في عملية التغيير، "بدءاً من مساحة الديموقراطية والتنوع في المؤسسات وصولا لسياساتها". وتشير الى ان "المؤسسة حرصت بعد الحرب على جعل غرفة الأخبار مكونة من مراسلين/ات واداريين/ات ومنتجي/ات من جميع الطوائف والانتماءات السياسية". أما على مستوى تطوير الرسالة الإعلامية، "فكانت صدقية الخبر أولوية لدينا". 

تحدي الانتماء السياسي
قناة الـOTV  ما زالت عالقة في تمثيل "التيار الوطني الحر"، انطلاقا من أن سبب انشائها الأساسي كان الوصول للقاعدة الشعبية العونية. وإذ أشار مدير الاخبار والبرامج السياسية في قناة الـOTV جاد أبو جودة الى ان القناة تم تأسيسها لتجاوز كتم صوت "التيار" في وسائل إعلام مرئية لبنانية، قال إن القناة "نالت نصيبها من مقاطعة المعلنين نظرا لخطها السياسي"، ولو أنه يرفض توصيفها بالقناة الحزبية الملتزمة بالمعنى الضيق، غامزاً من قناة محطات إعلامية ذات "سياسات تحريرية حزبية تسيّرها، دون ان تكون محسوبة عليها في العلن"، معتبرا أن هامش الحرية في تغطية قناة الـ OTV للأخبار، كبير. ويجزم أبو جودة بأنه "لم يتدخل أحد بسياستنا التحريرية"، لكنه في المقابل لا ينفي أنه يطبق "الموازنة بين السياسة التحريرية للقناة والخبر". 

الوصول للمعلومات: المجتمع المدني شريكاً
حاجز آخر عدا التمويل، كان يواجه المؤسسات الاعلامية منذ 17 تشرين، ويتجلى بصعوبة الوصول للمعلومات رغم إقرار لبنان قانون حق الوصول للمعلومات عام 2017. 

في السياق، ذكّر المدير التنفيذي لجمعية الشفافية الدولية في لبنان جوليان كورسون، بأن الشعب مصدر السلطات، والديموقراطية تكرس في الانتخاب كمحطة للمساءلة وفرصة للمحاسبة على الحكم وكيفية صرف اموال الضرائب، لكن ليتمكن الشعب من المساءلة، يحتاج لسلطة رابعة تصله بالمعلومة، ومن هنا، فإن الحق بالوصول للمعلومات للديموقراطية هو كالمياه في جسم الانسان.

وعن الشراكة بين المنظمة ومنظمات الشفافية عموماً، مع وسائل الاعلام في معركة حق الوصول للمعلومات، نوه الى أنه "بلا إعلام لا يمكننا تحقيق أهدافنا، فالمساهمة بمكافحة الفساد موضوع معقد جدا". 

التنظيم الذاتي وحقوق العمل
والتنظيم الذاتي يحمي المؤسسة أيضاً من دعاوى بحقها من قبل موظفين ومستخدمين. هذا ما لفت إليه المدير التنفيذي للمركز اللبناني لحقوق الإنسان فضل فقيه. فالمركز الذي كانت له إسهامات في تحرير أكثر من 100 لبناني معتقل في السجون السورية عام  2000، والذي نظم برامج إعادة تأهيل لهؤلاء بعد تعذر استئناف حياتهم دون مرحلة التعافي من السجن، في أبرز تجليات دور المجتمع المدني كشريك في تعزيز الديموقراطية والدفاع عن الحريات.

تضامن وسائل الاعلام
الجلسة التي أدارتها الإعلامية دانيال عبيد، وأتت مداخلات المتحدثين/ات كرد على أسئلتها، تلتها مداخلات من الحضور والمنظمين، واعتبرتها عبيد بمثابة "مسيرة علمية عملية" تسهم في وضع التنظيم الذاتي كأولوية لوسائل الإعلام.

وربما لم يعد خروج المؤسسات الاعلامية في لبنان بمواثيق مشتركة وتضامنها في معركة حرية التعبير والوصول للمعلومة، كافياً في زمن الانهيار، فلطالما اعتبرت العقود والصفقات في لبنان باباً للفساد والهدر، ولعل دور القضاء في الحكم لصالح وصول الصحافة للمعلومات هو آخر ما يعول عليه اليوم في ظل وقوف السلطة بوجه حق اللبنانيين بصحافة تصلهم بالمعلومات، وتاليا، حقهم بالمحاسبة!
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها