الإثنين 2022/09/26

آخر تحديث: 15:25 (بيروت)

OTV تحشد لبدري ضاهر: "بريء" وتوقيفه استهداف للرئيس عون!

الإثنين 2022/09/26
OTV تحشد لبدري ضاهر: "بريء" وتوقيفه استهداف للرئيس عون!
increase حجم الخط decrease
لم يكن توقيف مدير عام الجمارك بدري ضاهر في ملف انفجار المرفأ عام 2020، أمراً عادياً بالنسبة لـ"التيار الوطني الحر"، الذي تعامل مع الأمر على أنه مرتبط بـ"توقيف تعسفي وغير قانوني" لشخص "بريء".
وبينما كان وزير العدل المقرب من التيار يطرح فكرة "القاضي الرديف" بحجّة "تسريع إخلاءات سبيل الموقوفين في القضية"، كانت محطة OTV بدورها تحشد تأييداً جماهيرياً حول هذا الطرح، سواء عبر تقارير إخبارية داعمة له بالمباشر، أو عبر سلسلة تقارير غير مباشرة عنوانها "الإضطهاد - بدري ضاهر"، أصدرت من خلالها القناة حكماً مبرماً ببراءة ضاهر، في استباق واضح لمسار التحقيق لغايات سياسية مكشوفة. 


جزء من دعاية سياسية
"عامان كاملان مسروقان من عمر مدير الجمارك وعائلته، إذا كان واقعه يسمى توقيفاً، فالقوانين تثبت ان ضاهر ليس موقوفاً بل مخطوفاً ومضطهداً"... هكذا عرّفت القناة توقيف الأخير. فهو برأيها "مؤامرة استهدفته، ربما بقصد الوصول للعماد ميشال عون، تحت شعار كان يعلَم"، كما ورد في الحلقة الأولى من السلسلة. 
والمحطة العونية، جنحت نحو محاكمة تلفزيونية، فمنحت ضاهر حكماً بالبراءة، معتبرة أنه تعرض للاستدراج يوم توقيفه، متخطيةً صلاحية القضاء الحصرية بالفصل في قضية إنسانية راح ضحيتها أكثر من 200 ضحية، عدا عن آلاف الجرحى والمشردين وتدمير ثلث العاصمة.

لكنّ هذه الدعاية الإعلامية لمحطة محسوبة على "التيار الوطني الحر"، والتي رسمت فيها معالم شخص "مضهد" على مدى قرابة 40 تقريراً، ما هي إلا تكملة لفصول دعاية سياسية أطلقها التيار بعنوان "ما منترك ناسنا". هي عبارة قالها رئيس "التيار" النائب جبران باسيل، معتبراً أن كل يوم سجن لضاهر هو "ظلم... والظلم أقسى من القتل".

مسارات ثلاثة 
"تلقّى معاملة الإرهابيين، وخضع لسوء المعاملة والتعذيب، إذ أرغم على انتظار المحقق العدلي 3 ساعات في القفص الحديدي في لهيب شمس آب، في انتهاك صارخ لحقوق الانسان...". 
هذا نموذج عن توصيف إحدى مراحل استجواب ضاهر لدى القاضي فادي صوان (الاضهاد-الحلقة 32)، وهو استجواب جاء ضمن مسارات توقيف وادعاء، رأتها القناة جميعها "اضهاداً مستمراً" لضاهر منذ لحظة توقيفه.

وارتكزت التقارير على مسارات ثلاثة: حشد أدبيات المظلومية، التي ترددت على مدار 5 أسابيع على مسامع المشاهدين، فـ"ضاهر مخطوف"، وتعرّض لـ"مؤامرة" وعومل بـ"لاإنسانية"، اضافة لسردية المخالفات القانونية، فالإدعاء عليه "باطل والمخالفات جوهرية"، حسبما ورد في الحلقة 30، وصولاً لسردية تهديد أمنه الشخصي، فـ"صوان يخاطر بحياة ضاهر"، حسبما ورد في الحلقة 29. 


هي دعاية إعلامية بنَت ملامح شخصية "مضطهدة" من جهة، وشككت في مسار قضائي من جهة ثانية، ورفعت المخاوف حول أمنه من جهة ثالثة، وكلها شروط نموذجية لاستعطاف المشاهدين وصولاً لتبني براءة ضاهر بمعزل عن مسار التحقيق.

غطاء شعبي لطرح سياسي
وما زالت الحلقات تدور في فترة تحقيقات القاضي فادي صوان... في إيقاع بطيء يضمن إطالة فترة العرض، وتالياً حجم التأثير. 

وإذا كان توقيت العرض هو النشرة الإخبارية المسائية، فيمكن الاستنتاج بأن الجمهور المستهدف بالدرجة الأولى هم مؤيدو التيار، وإذا كان هدف الدعاية السياسية هو "توليد تصرّفات لدى الجماعات أو الأشخاص الذين تتوجه إليهم" وفق مؤسس "علم البروباغندا" إدورد بيرنيز، فهي إذاً دعاية تهدف لتأمين غطاء جماهيري لمقاربة التيار السياسية لهذا الملف، في أدنى تقدير.

فجهد القناة من أجل بناء صورة كاملة لإنسان مضطهد، يستحيل دعاية إعلامية لدعاية سياسية، تتكامل فصولها مع تقرير منفصل يدعم طرح "القاضي الرديف" بعنوان "المحقق العدلي الرديف -تحقيق للعدالة"، كمخرج لتسريع محاكمات الموقوفين، عوضاً عن المخرج الطبيعي عبر المحقق العدلي الأصيل طارق البيطار، وهي المقاربة السياسية للتيار في هذا الملف.

تحييد ضاهر عن قضية المرفأ
وبدري ضاهر، انضم للائحة الموقوفين الذين رفعوا دعاوى ضد المحقق العدلي طارق البيطار تتعلق بنقل الدعوى من يده، في خطوة تؤكد على أن تسريع المحاكمات من ضمن المسار الطبيعي، المتوقف قسراً، ليس حلاً مُرضياً لضاهر وفريقه السياسي، بل نقلها الى قاض آخر غير بيطار، وهو ما تجلى في الحلقة 39 بعنوان "ظلم بدري ضاهر يستمر أمام القاضي البيطار".

والحال أنّ علاقة التيار بضاهر، هي علاقة في صلب النظام اللبناني الذي يُعيَّن فيه موظفو الفئة الأولى وفق تسمية حزبية، وهو ما يعيدنا إلى التقرير الأول الذي يحذر من أنها "مؤامرة... كأن المطلوب فيها هو الرئيس عون"، لتصبح براءة هؤلاء الموظفين من براءة أحزابهم، لا يُرفع عنهم غطاء الحماية السياسية، حتى ولو دخلت القضية مساراً قضائياً، على قاعدة أن سياسيي لبنان، هم أول من لا يثق في السلطة القضائية، وهم أول من يتدخل فيها.

أهالي الضحايا: القاضي الرديف غير قانوني
ترفض ساسيل روكز، شقيقة ضحية انفجار المرفأ جوزف روكز، التعليق على أي تقرير أو مستند عُرض في الإعلام، فأهالي الضحايا "يعتبرون أن ملف تفجير المرفأ هو ملف إنساني بامتياز وهم يبحثون عمّن قتل شهداءهم عبر المسار القضائي توصلاً لمعرفة الحقيقة للمحاسبة والعدالة للضحايا، وهم بالتالي ليسوا في مواجهة مع أحد سوى من يثبت بالقرار الاتهامي بأنه مرتكب لأفعال جُرمية أدت إلى مقتل ذويهم".

وفي السياق، تذكّر روكز بأن أهالي الضحايا "لا يوفرون اي مجهود للضغط على من يقوم بعرقلة التحقيق او من يمتنع عن القيام بواجباته، كوزير المال الذي يمتنع عن توقيع مرسوم التشكيلات القضائية الجزئية". 

وعن طرح القاضي الرديف، تشدد على أنه أمر غير قانوني لمخالفته أحكام الفقرة 2 من المادة 360 من قانون أصول المحاكمات الجزائية"، فيما اتخاذ هكذا قرار، خلافاً لأحكام القانون والدستور تحت أي ذريعة، يشكل خرقاً لمبدأ فصل السلطات واستقلالية القضاء، كون السلطة التنفيذية تتدخل وبشكل سافر في المسار القضائي، مُلتفةً على صلاحية محكمة التمييز بالبت بطلبات الرد المقدمة بوجه المحقق العدلي. علماً ان الهيئة العامة لمحكمة التمييز، وسندا للمادة 30 من قانون القضاء العدلي، يمكنها أن تتشكل أو تنعقد من قضاة أصيلين أو منتدبين أو بالتكليف، ما يُمكّن السلطة القضائية الضرب بيد من حديد، والخروج من براثن السلطة السياسية عبر الضغط بعدم توقيع مرسوم التشكيلات الجزئية الذي يمتنع وزير المال عن توقيعه منذ آذار/مارس الماضي.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها