التغيير وإرث النظام السابق..في صورة واحدة

في زاوية "ستوريز" في انستغرام، نشر حساب Thawramap صورة جمعت النائب التغييري نعمة أفرام، بسياسيين ومصرفيين ينتمون إلى أحزاب السلطة الحاكمة. وجمعت الصورة التي التقطت في دارة الوزير الأسبق، رائد الخوري، كلاً من نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب، والنائبين ميشال ضاهر وآلان عون، والنائب الأول لحاكم مصرف لبنان وسيم منصوري، بالإضافة للمصرفي مروان خير الدين. يمثل هؤلاء كل الجهات التي انتفض بوجهها الشعب اللبناني منذ العام 2019، سواء في "التيار الوطني الحر" أو "مصرف لبنان" أو "حركة أمل". 

ويأتي اجتماع هؤلاء قبل أيام من انعقاد جلسات برلمانية لإقرار موازنة المالية العامة للعام 2022، وسط خلافات واقتراحات وتباينات بين كتل سياسية ومصرف لبنان وجمعية المصارف والهيئات الاقتصادية.. علماً أن المجتمعين يمثلون هؤلاء جميعاً. 

ولطالما تناهت إلى مسامع اللبنانيين أخبار عن العلاقات الخاصة التي تجمع سياسيين من أحزاب متخاصمة. تحدث اللبنانيون في جلساتهم الخاصة عن ولائم جمعت نواباً عن "حزب الكتائب" بنواب من "حزب الله"، ورأوا نواباً عن "القوات اللبنانية" يرتبطون بعلاقات شخصية وثيقة بنواب من "التيار الوطني الحر". يتجاوز ممثلو البرلمان اللبناني، العداء الأيديولوجي الذي يبثه هؤلاء في خطاباتهم وفي وسائل الإعلام ويغذون به جماهيرهم.

كان عادياً في نظام الحكم اللبناني الموشِك على الانهيار، أن يجتمع في حفلة زفاف أحدهم، كل النواب المتخاصمين، يتبادلون المزاح والنكات والتهاني، قبل أن يعودوا إلى متاريسهم في اليوم التالي. وما ينطبق على السياسيين لا ينطبق على عامة الشعب، الذي يتبادل أفراده العداء ويقاطع بعضهم البعض الآخر. 

وعلى الرغم من محاولة البعض فصل العلاقات الخاصة عن الأعمال وعن السياسة، إلا أن مآدب العشاء لا شك ستنتج عنها صفقات تجارية وسياسية، ولا شك ستكون نتيجتها خدمات متبادلة وربما علاقات مصاهرة تتعمق معها الصفقات والمصالح. وهذه العلاقات هي إحدى سمات النظام اللبناني القائم على المحاصصة والمصالح. 

يحمل بعض النواب التغييريين، وبعض الذين شاركوا في الثورة ضد الطبقة السياسية، إرث النظام القديم، يسيرون على إيقاعه ويتماهون معه في ميكانيزمات عمله التي تنتهي دوماً بصفقات فاسدة أو سوء إدارة متعمد. 

إحدى سِمات ذلك الإرث أيضاً، والتي سلط الضوء عليها كذلك موقع Thawramap في وقت سابق، هو العلاقة بين السياسيين ورجال الدين، والداخل بين السياسة والمؤسسات الدينية، وسطوة الأخيرة على الشعب، حتى أصبحت في نهاية الأمر مرجعاً للسياسيين كي يطوّعوا ناخبيهم. 

يساير التغييريون هذه التركيبة ويتماهون معها، باستثناء بعض الأصوات والأفعال اليتيمة التي تخرج بين الحين والآخر والتي يصار إلى كتمها سريعاً.