الجمعة 2022/08/05

آخر تحديث: 11:58 (بيروت)

الكوكب مُنتظراً حرباً عالمية ثالثة...

الجمعة 2022/08/05
الكوكب مُنتظراً حرباً عالمية ثالثة...
ورشة صيانة كهربائية في تايبه.. وأخبار التدريبات الصينية بالذخيرة الحية حول تايوان (غيتي)
increase حجم الخط decrease
رفعت وسائل الاعلام مستوى الهلع حول العالم، من مواجهة صينية – أميركية قد تتحول إلى حرب عالمية ثالثة أو حرب نووية، بالتزامن مع هبوط طائرة رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي في جزيرة تايوان، وذلك في لحظة دولية حرجة.

"طبول الحرب تقرع على جبهات عديدة"، جاء في بعض وسائل الاعلام، وذهب محللون الى القول بأن بعض الجبهات مشتعل وبعضها الآخر "قابل للاشتعال" في أي لحظة، ما استدعى تحذيراً للأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، قبل أيام، منبهاً من "أننا وسط تصاعد التوتر في العالم، تفصلنا خطوة واحدة غير محسوبة عن حرب نووية مدمرة، وقد كنا محظوظين للغاية حتى الآن".

تهديد الصين، رافقته مقالات وتغطية إخبارية عالمية تنبأت بردٍّ عسكري صيني قد يكون شرارة لحرب عالمية ثالثة، لتحظى "رحلة بيلوسي" بمليوني مشاهدة حول العالم كأكثر رحلة مشاهدة وتعقباً في تاريخ موقع تتبع الرحلات عبر الإنترنت "فلايت رادار 24".

حُبست الأنفاس طوال 48 ساعة، قرعت خلالها وسائل الإعلام طبول الحرب، رافعة مستوى الهلع حول العالم إلى أقصاه في لحظة دقيقة عالمياً، تفصلنا فيها "خطوة واحدة غير محسوبة عن حرب نووية مدمرة"، وفق غوتيريش، قبل أن تنتهي الزيارة، ويحفظ الطرفان الأميركي والصيني، "ماء الوجه"، سواء بهبوط بيلوسي في مطار تايوان، أو بتكثيف الصين ادخال طائرات عسكرية في المجال الجوي التايواني، لتأخذ بعدها التحليلات الصحافية منحى أكثر هدوءاً.

بين "الحرب" والتصعيد العسكري
تدرج الإعلام في التعاطي مع خبر زيارة بيلوسي، من "العاجل" في غالبية وكالات الأنباء الأجنبية والعربية، إلى الزيارة "المثيرة للجدل"، ما حدا بمعظم المحللين إلى البناء على الموقف الرسمي الصيني، والذي هدد بردٍّ عسكري يصل لإمكانية تحريك "جيش الصين للحفاظ على وحدتها".

وعلى سبيل المثال، عنونت "سكاي نيوز": "الجيشان الصيني والتايواني.. القدرات العسكرية وفرص الحرب". وعنونت TRT: "قد تشتعل حرب بين الصين وأميركا.. ماذا يجب أن نعرف عن تايوان؟". وسألت "بي بي سي": "هل تشعل زيارة بيلوسي الى الجزيرة نزاعاً مسلحاً مع الصين؟"، فيما وضع مقال في "فورين أفيرز"، الصين، في "وضع الهجوم"، سائلاً: "كيف غيرت الحرب في أوكرانيا إستراتيجية بكين؟". 

البناء على الرواية الصينية
الاعلام الصيني ذهب في المسار نفسه. عنونت الصحيفة الصينية  "غلوبال تايمز" أن "زيارة بيلوسي لتايوان قد تؤدي إلى عواقب رهيبة على الإستقرار في المنطقة بأسرها". 

وأوردت الصحيفة آراء خبراء عسكريين لم يستبعدوا أن الصين قد ترسل مقاتلات أو تطلق "قذائف تحذيرية" أمام طائرة بيلوسي، "إذا لم تؤثر فيها أشكال التحذير الأخرى وتجبرها على مغادرة المجال الجوي".

توقُّعٌ شاطرته الرأي مقالات حول العالم، وتبناه محللون سياسيون، كانوا غير متأكدين من هبوط طائرة بيلوسي بسلام حتى اللحظات الأخيرة، لتتأثر التحليلات بالموقفين الرسمي والإعلامي الصيني، مخطئة الحساب، ما حدا ببعض المحللين بعدها للاستهزاء بتهديدات الصين التي حفظت ماء وجهها بحضور عسكري جوي فوق الجزيرة كثفته بعد زيارة بيلوسي. 

"واشنطن بوست" لبيلوسي: أنتِ مخطئة!
بيلوسي لم تسلم من الصحافة الأميركية، التي، وعلى عكس غالبية المقالات المبشرة بالحرب، انكبّت على تحليل مَخاطر الزيارة، مُظهرةً الانقسام الداخلي الأميركي حولها.

ورأت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية أن زيارة رئيسة مجلس النواب الأميركي إلى تايوان "لم تكن موفقة في هذا التوقيت". وشاطرتها صحيفة "نيويورك تايمز" الرأي، واصفة الزيارة بالمتهورة والخطيرة وغير المسؤولة. 

ودعت "واشنطن بوست"، الإدارة الأميركية إلى "تصحيح أي ضرر قد ينتج عن الزيارة".. بينما كانت "نيويورك تايمز" أشد حدة في نقدها، واضعة احتمال تسبب زيارة بيلوسي بحرب واسعة النطاق، موجهة حديثها لها: "إذا كنتِ تعتبرين أن حلفاءنا الأوروبيين الذين يواجهون حرباً وجودية مع روسيا في أوكرانيا، سينضمون إلينا في حال نشوب حالة نزاع مع الصين حول تايوان بسبب هذه الزيارة غير الضرورية، فأنت فخطئة".

والحال إن الهلع الذي انجرّت إليه وسائل الإعلام، يعود الى أمرين، أولهما انجذاب إلى الإثارة في تغطية أي خبر متعلق بالأزمات، والثاني ربطه بشكل متسرع بالأزمة الروسية – الأوكرانية. عادة ما تذهب وسائل الاعلام الى التغطية الفورية، بلا خلفية عميقة عن مسار الأزمات، لتتيح المساحة، في وقت لاحق، للتحليل والتقصي، وهي واحدة من أبرز معضلات إعلام الأزمات.
 
والهاجس الشعبي العام الدائر حول هواجس الحرب العالمية، تعتمده وسائل الإعلام في الكثير من المحطات. ركوب الموجة الشعبية، بحسب خبراء الإعلام، يقدم في الغالب مادة منقوصة. أما ضغوط الرأي العام، فتحدد مسار التغطية.

تلك هي السمة العامة للقراءة العاجلة، علماً أن مبدأ الرأي والرأي الآخر من شأنه أن يخفف من هواجس كثيرة، وهو ما ذهب إليه بعض الإعلام الاميركية المتخصص في الأزمات، إذ قارب المسألة من زاوية سياسية، واستنطق معلقين تحدثوا بالأرقام عن الموانع الصينية للتدحرج الى الحرب، ليس أقلها سوقها الاقتصادي في الغرب، وتفاوت التقنية العسكرية بالمقارنة مع الغرب، وحاجتها إلى خمس سنوات قبل إنجاز اسطول بحري يتيح الهجوم على تايوان بسلاسة. 
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها