الأحد 2022/06/05

آخر تحديث: 11:49 (بيروت)

جيل استيطاني أكثر "إرهاباً" يخسر دعم اعلامه: "داعشيون إرهابيون"!

الأحد 2022/06/05
جيل استيطاني أكثر "إرهاباً" يخسر دعم اعلامه: "داعشيون إرهابيون"!
increase حجم الخط decrease

"هؤلاء داعشيون إرهابيون"..هو وصف نطق به، ثلاث مرات، مراسل الشؤون الشرطية في التلفزيون الإسرائيلي "مكان"، إياد حرب، خلال روايته للتلفزيون العبري عن واقعة الضرب المبرح الذي تعرض له على يد مستوطنين متطرفين في حي الشيخ جراح، أواخر الاسبوع الماضي.

مذيع "مكان"، المتعاطف مع زميله إياد حرب، استهل حديثه بوصف الإعتداء بـ"الآثم والمُشين"، ثم التساؤل: "ماذا جرى لك؟، هل لأنك نطقت لغة الضاد (العربية)؟..ليجيب حرب بأن واقعة الضرب حدثت، حينما توجه من البلدة القديمة للقدس إلى حي الشيخ جراح المقدسي، بعد سماعه عن اشتباكات بين المستوطنين وسكان الحي. لكنه وصل إلى الحي وقد انتهت الأحداث، حيث بدا المكان هادئاً.

ولمّا اقترب إياد حرب من خيمة عضو الكنيست المتطرف ايتمار بن غفير، أثار قيام المراسل الصحافي بتصوير الخيمة والمحيطين بها، غضب المستوطنين المتواجدين في المكان، بعضهم ملثمون، فسأله أحدهم بصوتٍ عنيف: "لماذا تصور؟ توقف عن التصوير!"

لم يشفع لإياد حرب إخبار المستوطنين بعمله في تلفزيون "مكان" الإسرئيلي، فتدحرج الأمر بإتجاه ضربه من قبل مستوطنين اثنين وربما أكثر، مستخدمين العصا، ورشوه بغاز الفلفل، ما أدى إلى سقوطه أرضاً وإصابته بحروق في عينيه ووجهه ورأسه، ورضوض في مختلف أنحاء جسده. ووصف حرب هؤلاء المستوطنين بـ"داعشيين قد أرادوا قتله".

"الغريب"، حسب تعبير حرب، وهو أمر متوقع في مثل هذه الحالة، أن الشرطة الإسرائيلية رغم تواجدها في المكان وسماعها صراخه أثناء ضربه من المستوطنين، لم تتدخل، وهو ما أثار امتعاض حرب، كما روى لتلفزيون "مكان" عقب الحادثة، في معرض رده على سؤال المذيع "الإندهاشي": ألم تمنع الشرطة هؤلاء المشاغبين من الإعتداء عليك؟!.

اللافت أن حرب تقصد النقد الضمني "الهادئ" للشرطة، لكنه لم يكن جريئاً، بما يكفي، ليصف أفراد الشرطة الإسرائيلية على الشاشة العبرية بـ"العنصريين"، خصوصاً وأن مواطناً مقدسياً، كان شاهداً على واقعة ضرب المستوطنين للمراسل حرب، أكد لـ"المدن" أن أفراد شرطة الاحتلال شاهدوا ما تعرض إليه حرب، لكنهم لم يتدخلوا؛ لأنه "عربي". وقامت طواقم من الهلال الأحمر الفلسطيني المتواجدة قرب المكان، برفقة سكان الحي المقدسيين، بتقديم العلاج الطارئ لحرب.

إذًا، لم يشفع لإياد حرب أنه مراسل لتلفزيون "مكان"، ولا عمله، سابقاً، في الشرطة الإسرائيلية.. بل أكثر من ذلك؛ إذ تعرض، في مرات سابقة، للعديد من الإعتداءات من قبل المستوطنين المتطرفين خلال تغطيته لمسيرات الأعلام الإسرائيلية في السنوات الماضية. مع العلم، أن إياد حرب ينحدر من قرية بيت جن الدرزية الواقعة في الجليل الأعلى.

وحاول تلفزيون "مكان" أن يُخفي الوجه العنصري لشرطة الاحتلال الإسرائيلي ضد كل ما هو عربي وفلسطيني، عبر القول إن "الشرطة اعتقلت اثنين من اليهود المشتبه بهم بالإعتداء على إياد حرب". ويُرجح أن المستوطنين المعتدين اللذين تم اعتقالهما، ينحدران من إحدى المستوطنات الواقعة وسط الضفة الغربية.

ويختم مذيع "مكان" بسؤال إياد حرب: "هل لمثل هذا الإعتداء أن يثنيك عن عملك الصحافي؟..فيجيب: "في السابق، تعرضت للاعتداء من قبل شبان يهود متطرفين خلال مسيرة الأعلام..أنا لا أخاف من هذه المجموعات الداعشية، وسأقوم بعملي الصحافي..وأدعو الشرطة لمعالجة موضوع هؤلاء".

الواقع، أن ما تعرض له حرب، قد تعرض له أيضاً صحافيون عرب وفلسطينيون يعملون في الصحافة المحلية والدولية، وكذلك مواطنون بالضفة الغربية. وجاءت الواقعة لتدل على أن ثمة جيلاً جديداً من المستوطنين تمت تربيته على فكر أكثر حقداً وكُرهاً، وبطريقة ممنهجة، لدرجة أن إرهابهم بات مكشوفاً وأمام الكاميرات، وليس فقط في الليالي الظلماء التي يحرصون فيها على اقتحام القرى الفلسطينية وتدمير ممتلكات سكانها، وحرق وتقطيع أشجارهم ومحاصيلهم الزراعية.

ويحرص المستوطنون، خلال اعتداءاتهم على الفلسطينيين في مختلف مناطق الضفة والقدس، وأراضي ال48، على توثيق تنفيذهم للإرهاب وضحايا اجرامهم من الفلسطينيين. لكنهم يزدادون غضباً من قيام الفلسطيني بتصويرهم أثناء تنفيذهم عمليات الإستفزاز والإعتداء. وربما، هذا ما استفزهم من مراسل "مكان" في الشيخ جراح، فضلا عن كونه عربياً.

وجاءت مسيرة الأعلام الإستيطانية في القدس ومناطق أخرى في الضفة قبل أيام، لتجسد مستوى استفزازهم وحقدهم العلني للفلسطينيين، من دون تمييز بين صحافي وآخر. حتى أن أصواتاً صحافية إسرائيلية أقرت بأن عمليات الإستفزاز من قبل المستوطنين بحق الفلسطينيين، خلال مسيرة الأعلام، قد تجاوزت الخطوط الحمراء؛ من منطلق أن "هؤلاء اليهود المتطرفين يشكلون خطراً على إسرائيل نفسها"!

ويقول خبراء الشأن الإسرائيلي لـ"المدن" إن شبيبة المستوطنين قد تمت تلمذتهم في مدارس دينية بمستوطنات الضفة، والمؤسسة الرسمية متورطة بتأسيس هذا الجيل الإستيطاني الأكثر إرهاباً، الذي يواظب على إلقاء الحجارة والمسامير على سيارات الفلسطينيين المارة بطرقات الضفة، أو الحرق والقتل في الليالي الظلماء. حتى أنهم يقتلون الأغنام بالسكاكين في القرى الفلسطينية النائية، إن لم يتمكنوا من قتل أو إصابة الفلسطينيين الآمنين.

وأراد المستوى الرسمي للإحتلال نشوء هذا الجيل من المستوطنين الإرهابيين، علهم يمثلون "جيش الظل" لتولي مهمة إرهاب وقتل للفلسطينيين، في ظل معركة كسر العظم المحتدمة لفرض ما تسمى "السيادة"، وذلك عبر وسائل قد يعجز جيش الاحتلال عن القيام بها، بزيه العسكري، في محاولة لإخفاء بربريته أمام العالم.
 
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها