الجمعة 2022/04/08

آخر تحديث: 13:35 (بيروت)

"يوتيوبر" أميركي يحتكّ بالأمن المصري: عناصر الشرطة مخرجو أفلام!

الجمعة 2022/04/08
"يوتيوبر" أميركي يحتكّ بالأمن المصري: عناصر الشرطة مخرجو أفلام!
ويل سونبوشنر الشهير بفيديوهات "ستريت فود": لا تأتوا إلى مصر!
increase حجم الخط decrease
عندما وصل اليوتيوبر الأميركي، ويل سونبوشنر، الذي يتابعه أكثر من 8 ملايين متابع في "يوتيوب"، إلى مصر، لم يكن يتوقع على الأغلب أن يطاوله قمع أجهزة الأمن المصرية، كونه يقوم بنشاط طبيعي لا يتعدى التصوير في الشوارع، إلا أن تعامل الشرطة معه والعقلية المخابراتية السائدة جعلته يقول أن مصر هي أسوأ مكان للتصوير في أفريقيا.


ونشر سونبوشنر المعروف باسم سوني، وهو مدوّن بنى شهرته من خلال فيديوهات "الستريت فود"، مقطعي فيديو عبر قناته في "يوتيوب" قال فيهما: أنه "لدى وصوله إلى مصر، صادرت الشرطة جميع معدات التصوير التي كانت معه"، وأن "السلسلة بأكملها صورت باستخدام هاتف آيفون". وأضاف أنه لم يُسمح له باستخدام الكاميرات التي جلبها والتي أُخذت منه بعد أربع ساعات من الاستجواب في ساعات الصباح الباكر. كما أشار أكثر من مرة إلى منعه من التصوير واستخدام معداته، على الرغم من حصوله على إذن بالتصوير من "الهيئة العامة للاستعلامات".


الصدمة التي يتحدث بها سوني، طبيعية، لأن العقلية المخابراتية التي يعايشها المدنيون العرب من قبل الأنظمة الحاكمة، متطرفة في أمور لا تستحق التوقف عندها. وما يعتبر طبيعياً بالنسبة لشخص أميركي أو فرنسي في نيويورك وباريس، قد يكون خطيراً لشخص يعيش في القاهرة أو دمشق. الأمر لا يتعلق فقط بالحريات الدينية والجنسية، فمجرد حمل كاميرا في الشارع قد يعرض الشخص للاعتقال والمساءلة في دول الشرق الأوسط بسبب تدني مستوى الحريات وانعدام حقوق الإنسان.

وظهر سوني في الفيديو وهو يتحدث كيف أن تجربته مع الشرطة المصرية لم تنته عند مصادرة معداته، فحتى أثناء استخدامه الهاتف لتصوير برنامجه، أوقفته الشرطة وطلبت استعراض المقاطع التي صورها. وبعدها طُلب منه حذف ما صوره، بدعوى أن الصور "غير جميلة ولا ترقى للمعايير". امتثل سوني لما طلبته الشرطة وحذف المقاطع، وتساءل في الفيديو: "متى أصبح عناصر الشرطة مخرجي أفلام وثائقية؟".

وأشار سوني إلى "عدم كفاءة رجل الأمن الذي أشرف على حذف الملفات"، لأنه "لا يعلم حتى كيف تعمل الهواتف الذكية، وإن هذه الملفات يمكن استرجاعها بضغطة واحدة من سلة المحذوفات"، لافتاً إلى أنه لا يعلم السبب وراء مصادرة معداته ومنعه من التصوير. لكنه أشار إلى أن توقيت وصوله إلى مصر، في منتصف كانون الثاني/يناير الماضي، وتاريخ انتهاء تصريح التصوير الممنوح له يوم 25 كانون الثاني/يناير والذي يتزامن مع ذكرى ثورة 2011، يشيران إلى توجس الشرطة المصرية من أن يشهد قيام مظاهرات مناهضة للنظام قد يقوم بتصوير وقائعها ونشرها.


وأشار المدون أيضاً إلى مصادرة السلطات لأجهزة اتصال لاسلكي جلبها معه، والتي عادة ما يستخدمها المصورون للتواصل مع طاقم العمل. وقال أن السلطات تخشى أن تستخدم في حال "قيام ثورة جديدة أو قطع الإنترنت عن البلاد".

وعلق الإعلامي هيثم أبو خليل، وهو إعلامي وناشط سياسي وحقوقي مصري معارض، في "تويتر" بأن الداخلية المصرية هي "أكبر دعاية سلبية وسوداء لمصر وللسياحة". أما المخرج إسلام صالح فانتقد عبر "فايسبوك" تعامل السلطات المصرية مع المدون، وأشار إلى "الجهود الضائعة التي بذلتها الدولة لتنشيط قطاع السياحة".


وفيما تنفق دول عربية أموالاً طائلة لشراء أصوات المؤثرين وصانعي المحتوى ورسم صورة كاذبة للحريات فيها، كما يحصل في الإمارات والسعودية على سبيل المثال، فإن ما حصل في مصر يظهر الوجه الحقيقي للدولة البوليسية. واللافت أن الكثير من المعلقين في "تويتر"، وحتى في خانة التعليقات على مقاطع الفيديو الخاصة بسوني في "يوتيوب"، هم معلقون مصريون هاجموه من منطلق أن صانعي محتوى آخرين أتوا إلى مصر ولم يواجهوا أي مشاكل، رابطين الموضوع بمؤامرة أجنبية على أمن البلاد.

ولم يصدر حتى الآن تعليق رسمي من السلطات المصرية، التي سنت في السنوات القليلة الماضية قوانين أشد صرامة في ما يتعلق بالتصوير في الشوارع وبالنشر الرقمي. ومن بينها قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات رقم 175 لسنة 2018، وقانون تنظيم الصحافة والإعلام رقم 180 لسنة 2018، حسبما نقلت هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي".

وكانت محافظة القاهرة أعلنت عن رسوم باهظة نظير التصوير في الشوارع يتم بموجبها "تحصيل رسوم بواقع 15 ألف جنيه في الساعة مقابل التصوير، وتحصيل رسوم بواقع 100 ألف جنيه لليوم الكامل مقابل التصوير"، وفقاً لمصادر رسمية. لكنها عادت وتراجعت عنها وقالت إنها ستضع بدلاً من ذلك "ضوابط جديدة" بشأن قيمة رسوم التصوير في شوارعها، والتي سيجري تحديدها بناء على أغراض التصوير سواء إعلانات تلفزيونية أو ثابتة أو أعمال فنية. وكان لتلك القوانين تأثير في قطاع الإنتاج السينمائي والإعلامي في البلاد.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها