الجمعة 2022/02/11

آخر تحديث: 14:15 (بيروت)

#أوقفوا_خطف_أطفالنا في السويد: حملة تحريض ممنهجة على الغرب

الجمعة 2022/02/11
#أوقفوا_خطف_أطفالنا في السويد: حملة تحريض ممنهجة على الغرب
increase حجم الخط decrease
ازداد التفاعل خلال الأيام الماضية مع هاشتاغ #أوقفوا_خطف_أطفالنا الذي أطلقته عائلات عربية من أجل الحديث عن موضوع فصل مؤسسات الحكومة السويدية لأبنائهم عنهم. وفيما تعاملت وسائل إعلام عربية وسورية، واسعة الانتشار، مع الموضوع كقضية حقوقية، إلا أن نظرة معمقة على المنشورات والتقارير تظهر تحريضاً ممنهجاً على السويد والدول الغربية عموماً، من باب نظرية مؤامرة على المسلمين مع نشر معلومات مضللة.

وانتشرت مقاطع لعائلات سورية لاجئة في السويد، اتهمت مكتب الخدمات الاجتماعية "السوسيال" التابع للحكومة السويدية بـ"اختطاف" أطفالها بحجة عدم أهليتهم لرعايتهم. وفي وقت لاحق، اعتبر ناشطون أن هذه سياسة تنتهجها الحكومة باستمرار ضد اللاجئين المسلمين هناك، لكن تلك الشهادات تبقى ناقصة ولا تتضمن معلومات عن العنف المنزلي الذي يعانيه الأطفال والذي يدفع المدارس أو الهيئات الأخرى لتقصي الحقائق، أو حتى لجوء الأطفال إلى الجهات المختصة لحمايتهم.

ويمكن ملاحظة خطاب إسلامي متشدد في الحملة بشكل يتخطى السوريين أنفسهم يمكن تلمسه في انتشار هاشتاغ #السويد_تسبي_أطفال_المسلمين، وفي تصريحات البرلماني الكويتي السابق جمعان الحربش الذي قال: "على كل مسلم أن يعلن عن رفضه لما يحدث لأطفال اللاجئين في السويد وانتزاعهم من أسرهم تحت حجج واهية.. عبّر عن رفضك ولو بكلمة فهي أقل حقوق الإسلام". وفيما وصف ناشط فلسطيني المشهد بأنه "عملية اختطاف بإشراف الدولة"، كانت التغريدات تكرر العبارة الكلاسيكية في الخطاب المعادي للغرب بأن "الدول الأوروبية ليست حلماً جميلاً كما تعتقد الشعوب العربية".


ويظهر الآباء والأمهات وهم يبكون في مواقع التواصل مشتكين من سحب أطفالهم منهم "بلا سبب" فيما تنشر منصات سويدية جوانب لا تشير إليها حملة التضامن، مثل وجود عنف منزلي أو كدمات على أجساد الأطفال أو حديثهم في المدرسة عما يعانونه يومياً من تعنيف. والأكثر من ذلك أن الشهادات تتحدث عن نقطة متكررة، وهي أن الأطفال عندما تتم إعادتهم إلى أسرهم في وقت لاحق، باتوا متمردين و"لا يسمعون الكلام" بمعنى أنهم باتوا واعين ومدركين لحقوقهم في أن تكون لديهم شخصية مستقلة. 

وتضمنت الاتهامات المنشورة في مواقع التواصل أن "الحكومة السويدية تجني أرباحاً كبيرة من خلال خطف الأطفال وإعطائهم لعائلات سويدية"، وعند قراءة هذه العبارة يتخيل الشخص أن المافيا هي من تحكم السويد، لا حكومة ديموقراطية تتصدر لوائح الشفافية وفق مؤشرات متعددة منذ عقود، علماً أن الحكومة لا تربح من تلك "التجارة المزعومة بالأطفال" بل تنفق في الواقع مبالغ كبيرة لرعايتهم، سواء في دور الرعاية المخصصة أو للموظفين أو للعائلات التي تستقبلهم، حيث تحصل العائلات الجديدة على إعفاءات من الضرائب ومبالغ شهرية تصل إلى حد 4600 دولار أميركي بحسب شبكة "الجزيرة".

وتتسع نظرية المؤامرة نحو القول أن الدول الغربية سمحت باستقبال اللاجئين السوريين والعراقيين والأفغان وغيرهم من الدول ذات الغالبية المسلمة، من أجل انتزاع أطفال المسلمين وتعليمهم "قيم الإلحاد"، أو أن الدول الغربية مسؤولة عن الحروب في الشرق الأوسط من أجل الحصول على أطفال اللاجئين لحل مشكلة انتشار الشيخوخة في المجتمعات الغربية. رغم أن القوانين السويدية الخاصة بحماية الأطفال لا تتعلق فقط بالمهاجرين واللاجئين بل تطاول حتى العائلات السويدية والأوروبية في حال كان هنالك عنف مماثل.



ورد حساب "السويد بالعربي" في "تويتر" الذي يعرف نفسه بأنه بوابة السويد الرسمية باللغة العربية، على إحدى التغريدات التي تشير إلى حالات انتزاع الأطفال من ذويهم، بالقول أن الدولة لا تريد أن تفرق طفلاً عن أسرته، وأن هذا يحدث إذا ثبت وجود خطر على الطفل. ويمكن تلمس ذلك الخطر حتى في شهادات الأهالي الذين يعترف بعضهم بأنهم ضربوا أولادهم ضرباً خفيفاً بغرض "التأديب" وأن ذلك جزء من ثقافتهم ويجب على السلطات احترام ذلك من باب الحريات! 

من جهته فند المحامي والناشط الحقوقي السوري المقيم في السويد، إيهاب عبد ربه، تلك الادعاءات في تصريحات لوسائل إعلام سورية معارضة. وقال: "الحقيقة أن كل هذا الكلام المتداول عن مؤامرة سويدية لخطف أطفال المسلمين والعرب واللاجئين عموماً محض افتراء ولا أساس له"، فعندما يتم سحب الأطفال من قبل مكتب "السوسيال" يستند ذلك إلى "وجود أدلة واضحة تؤكد إهمال العائلة لأطفالها، أو ربما يتم تعنيفهم سواء جسدياً أو لفظياً أو يتعرض الطفل للأذى الجسدي أو النفسي، كذلك في حال تعرض الأطفال لمخاطر صحية اجتماعية تسبب لهم الأذى مثل الإدمان والعنف والنشاط الإجرامي".

وتم تداول رقم غير دقيق لعدد الأطفال السوريين الذين "اختطفتهم" السلطات السويدية وصل إلى 20 ألف طفل سوري. وقال عبد ربه أن هذا الرقم غير دقيق على الإطلاق مضيفاً: "لا يوجد هنا ما يسمى بمختطفين، فهنا الناس محميون بموجب القانون، ولا يوجد أحد مخطوف أو يُلقى به في القطب الشمالي، بل على العكس هؤلاء أشخاص تحميهم الحكومة".

ويعتبر العداء للغرب شديد الرواج في الإعلام العربي على مستويات عديدة لأسباب دعائية. فالإعلام التابع للسلطات الحاكمة في مختلف الدول العربية، يروج لتلك المعلومات من أجل تخويف مواطنيها وخلق أعداء، ما يعطيهم الشرعية للبقاء في السلطة من جهة، ومبررات للبؤس اليومي من جهة ثانية، وتصبح أنظمة مثل النظام السوري أو المصري حافظة لقيم المجتمع ولقيم الإسلام في وجه "الغرب السفيه الفاجر".

ومن ناحية الإعلام المعارض لتلك الأنظمة، يبرز الإسلاميون الذين سيطروا على المشهد العام بعد ثورات الربيع العربي، وضمن الخطاب الإسلامي يصبح العداء للغرب مدخلاً لضرب الأنظمة القائمة بسبب علاقاتها الدبلوماسية مع الدول الغربية وتدوير نظرية فساد السلطات الحاكمة بسبب عدائها للإسلام نفسه.

وضمن هذه الدائرة المغلقة يتم نشر التحريض على الغرب بشكل ممنهج ويومي. وفيما تتصدر السويد المشهد اليوم، فإن فرنسا تتلقى النسبة الأكبر من ذلك التحريض مع تحول رئيسها إيمانويل ماكرون إلى هدف يومي بسبب قضية مجلة "شارلي إيبدو" الفرنسية الشهيرة والموقف من الرسوم الكاريكاتورية الخاصة بنبيّ الإسلام محمد.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها