الأربعاء 2021/06/02

آخر تحديث: 20:55 (بيروت)

عائدات أزمة البنزين في صندوق حزب الله

الأربعاء 2021/06/02
عائدات أزمة البنزين في صندوق حزب الله
يدفع لبنان كله ثمن العقوبات، باستثناء الحزب (مصطفى جمال الدين)
increase حجم الخط decrease
"لماذا اختفت المحروقات من محطات الجنوب، بينما تتوافر في محطات بيروت والجيّة؟" يتكرر السؤال في مواقع التواصل الاجتماعي، وفي الجلسات اليومية بين أهالي الجنوب. بدأت ترتسم الشكوك حول "مؤامرة" تُحاك ضد بيئة مؤيدة لمقاومة اسرائيل، والضغط عليها من باب المحروقات بعد الضغوط الأخرى، رغم الوقائع التي تشير الى عمليات تهريب وتخزين للمحروقات، يضطلع بها تجار وكارتيلات احتكار، أنتجت الواقع المأزوم والمشهد المذلّ أمام محطات الوقود. 

وتمتد الفرضية، بحسب الخطاب المؤامراتي، بجذورها الى واقعتين، أولاهما معاقبة شركات توزيع المحروقات لسلسلة محطات "الأيتام" يوم خرقت قرار تجمع محطات الوقود بالإضراب في مطلع كانون الأول/ديسمبر 2019، قبل أن تتخذ منشآت النفط اللبنانية قرار استيراد البنزين. والثانية، العقوبات الاميركية التي فُرضت على شخصيات ومؤسسا بغالبيتها شيعية، بتهمة تمويل "حزب الله"، وردّ أمين عام "حزب الله" عليها بعبارته الشهيرة "لن نجوع". 

يتنامى تقدير "المؤامرة" في سرديات البيئة الجنوبية، ويزداد واقعاً بإغلاق محطات لتوزيع الوقود، وإعلان أخرى أن وصول المنتج الحيوي قد يتأخر لأسبوع، لعشرة أيام.. وأكثر ما تتردد على ألسنة أصحاب المحطات عبارة "دبّر حالك من برّا". 

وحديث "المؤامرة"، هو أكثر ما يجذب الجنوبيين في هذه الأيام. يحتمل تعميمه تبرئة للسلطتين السياسية والمالية من تفاقم الأزمة، كما يشيح الأنظار عن تقاعس السلطات الأمنية والرقابية اللبنانية عن وضع حد للتهريب والتخزين، ريثما يُرفع الدعم وترتفع الأسعار، وهما عمليتان لن يقوم بهما إلا المدعوم و"المغطّى" سياسياً، وبتقاسم واضح بين جميع الموزعين على كافة الأراضي اللبنانية بلا استثناء. ويمهّد ترويج "المؤامرة" لواقع مغاير، سيصب، بلا شك، في صندوق الانتخابات العائد لمرشحي "حزب الله" في الانتخابات المقبلة. 

بصرف النظر عما إذا كان مؤيدو الحزب يروجون هذه النظرية، أم أن البيئة تستنتج ذلك بناء على واقعتين سابقتين جعلتها ضحية للعقوبات ولكارتيلات توزيع النفط في السنوات السابقة، فإن الحزب، بصمته، يثبّت ذلك، تمهيداً للإستفادة منه. فخطاب الحزب منذ بدء الأزمة، يكرس الايحاءات بأنه "المنقذ". وما زالت كلمة أمينه العام "لن نجوع" تتردد، كذلك عبارات نوابه حول تضحية الحزب أمام اللبنانيين، وتأمين فرص انتاج وتقديم مساعدات وصلت إلى 50 ألف عائلة، وتمويل 300 مشروع إنتاجي صغير ودراسة تمويل ألفي طلب بقروض ميسرة، وهو يعزز الاعتقاد الشعبي بأن الحزب يجترح الحلول للأزمة.

واستفادة الحزب من تمدد أزمة البنزين، ستماثل استفادته من أزمة ارتفاع أسعار السلع الغذائية. في الحالة الثانية، فرض نفسه لاعباً في ميدان تأمين المنتج الغذائي للأسر الأضعف، عبر افتتاح سلسلة تعاونيات لحاملي بطاقة "سجاد". سينسحب الأمر على البنزين كحلٍّ لتنامي الأزمة القائمة جنوباً بشكل كبير، بما يفوق، ربما، مناطق أخرى. 

وإذ يتردد الحزب في دخوله لاعباً على خط استيراد المحروقات، "لأنه ما زالت هناك دولة"، كما قال عضو كتلته النيابية النائب حسن فضل الله في مقابلة مع "المنار" في نيسان/ابريل الماضي، في ردّ على سؤال حول مطالبة جمهور الحزب له باستيراد المحروقات مباشرة، فإن هذا الأمر لن يبقى ثابتاً الى الأبد. سيضيف الحزب الى شعاره "لن نجوع"، شعاراً آخر يرتبط بتأمين المحروقات. وهكذا، يحل شيئاً فشيئاً مكان الدولة، تلك المترهلة والمنخورة بالفساد والمحسوبيات، كمنقذ مفترض لمعاناة بيئته على الأقل، وتزداد الطائفة تعلقاً بالحزب بوصفه "منقذها" من أزماتها المعيشية. 

في آب/أغسطس 2019، وُجّهت أسئلة صحافية الى مسؤولين أميركيين حول معاقبة طائفة بأكملها، بعد فرض عقوبات على "جمال ترست بنك"، وبالتالي، توجيه الطائفة نحو الحزب. كان الجواب آنذاك بأن العقوبات أضعفت الحزب بدليل مطالبة جمهوره بـ"الجهاد بالمال". بعد عامين على السؤال والجواب، يتعزز دور الحزب المجتمعي، ويتنامى خطاب المؤامرة، ويدفع لبنان كله ثمن العقوبات، باستثناء الحزب. فيما تحمي الدولة فاسدي ومحتكري الداخل، ما يصبّ في صالح الحزب أيضاً. 
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها