الأربعاء 2021/12/15

آخر تحديث: 15:31 (بيروت)

ساجدة عبيد: العراقية التي يُجمع عليها مجتمع منقسم

الأربعاء 2021/12/15
ساجدة عبيد: العراقية التي يُجمع عليها مجتمع منقسم
increase حجم الخط decrease
تظهر امرأة صغيرة الحجم ترتدي زياً مزركشاً ذهبي اللون على خشبة مسرح في بغداد، فيقفز الجمهور مغرماً بصوتها. هي ساجدة عبيد، المغنية العراقية من أصول غجرية.

بالنسبة للعراقيين الأكبر سناً، تعتبر عبيد (63 عاماً) رمزاً لعصر ذهبي مضى. أما بالنسبة للشباب فأصبحت أغانيها العاطفية المبهجة وكلماتها المليئة بالحيوية، وسيلة للتعبير عن الذات في مجتمع العراق المحافظ. وبغض النظر عن عمرها، فإن ألحانها الجذابة تجعل الجمهور يرغب في الرقص، كما أصبحت رمزاً للإجماع في مجتمع شديد الانقسام.

في حفلتها التي أقيمت الاثنين ليلاً في "نادي اليرموك" ببغداد، تمايل رجال ونساء من جميع الأعمار والخلفيات الاجتماعية على وقع أغانيها. كانت هناك نساء محجبات، ورقصت أخريات شبه عاريات مرتديات فساتين ضيقة. إلا أن الجميع جاؤوا من أنحاء بغداد، غير عابئين بالانقسامات الطائفية التي تعصف بهم منذ سنوات.

بعد الغناء لعقود من الزمن، لم تتضاءل جاذبية عبيد الواسعة. فقامت بجولات في الشرق الأوسط وأوروبا، الا أنها تشعر أن وطنها في بغداد، رغم أنها عاشت لسنوات في أربيل بإقليم كردستان الأكثر استقراراً والذي يتمتع بما يشبه الحكم الذاتي في شمال العراق، بعيداً من فوضى حقبة ما بعد صدام في بقية البلاد.


ونقلت وكالة "أسوشييتد برس" عن عبيد خلال مقابلة في أربيل قبل الحفلة: "أنا أجد ذاتي في بغداد"، علماً أنها كانت في الثانية عشرة من عمرها عندما غنت للمرة الأولى. ويتذكر شقيقها إياد، وهو أيضاً مدير أعمالها، أنه اضطر إلى ايجاد طاولة لتقف عليها وكانت في سن الرابعة عشرة، وكانت المطربة المفضلة في الحفلات التي تنظمها وزارة الدفاع.

وعلى غير المتوقع في المجتمعات المحافظة، لم يعترض والداها على الإطلاق، فقد كانت عبيد تجني المال لإعالة أسرتها ذات الموارد المتواضعة في مجتمع أقلية الغجر الصغير في بغداد. وفي حقبة ما بعد صدام، كان الغجر العراقيون، الذين يقدر عددهم ما بين 50 ألف و200 ألف شخص، يواجهون التمييز في المجتمع، وتعرض بعضهم للاضطهاد على أيدي أفراد مليشيات اتهموهم بأنهم من أنصار صدام حسين.

ورغم ذلك مازالت أساليب غناء الغجر مؤثرة ومفضلة في الموسيقى الشعبية العراقية. وجاء وضع عبيد التفضيلي في عهد صدام مصحوباً بمشكلات. فقد كان صدام ديكتاتوراً، ما يعني أنه يجب الانصياع لأهوائه وأهواء أبنائه. وفي إحدى المناسبات، قال لها عُدي، نجل صدام الذي كان معروفاً بمزاجه الحاد المتقلب، أنه استمتع بغنائها لكنه لا يستطيع التعامل مع مغنية من الغجر تحمل اسم والدته. وذكرت عبيد أن الصمت ساد الغرفة، ثم قالت له: "هذا ليس ذنبي، فقد وُلدت قبل والدتك".


والحال أن قرب عبيد من النظام، جعل أفراداً يطلبون مساعدتها في بعض الأحيان. وقالت: "كان الناس يطلبون مني خدمات، بما في ذلك مساعدة أبنائهم المحتجزين في سجون صدام، أو العثور على أقارب مفقودين أو مختفين". وبعد سقوط صدام، الذي أُعدم في ما بعد، باعت أسرتها منزلها في بغداد وانتقلت إلى أربيل الآمنة نسبياً. وقال أفراد الأسرة أن دائرتها المقربة تلقت تهديدات.

إلا أن ساجدة رفضت المزاعم التي تشير إلى أنها تعرضت للتهديد. وسألها شقيقها إياد متحدياً: "ألا تتذكرين عندما أطلقوا الرصاص علينا، فأصاب باب السيارة؟". وقالت: "أتذكر. لكن كل مغنية في العراق لديها قصة من هذا القبيل".
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها