الإثنين 2020/08/03

آخر تحديث: 16:15 (بيروت)

التأليف الموسيقي ونبوغه حكر على الرجال؟.."اسألوا كلارا"!

الإثنين 2020/08/03
التأليف الموسيقي ونبوغه حكر على الرجال؟.."اسألوا كلارا"!
تحمل المنصة اسم المؤلفة الموسيقية كلارا شومان (غيتي)
increase حجم الخط decrease
من فرانشيسكا كاتشيني في القرن السابع عشر إلى المؤلفات الشابات اليوم، تحصي منصة رقمية الأعمال الفنية لأكثر من 700 مؤلفة موسيقية للتعريف بفنانات لطالما حُرمن التقدير الذي يستحقنه لمصلحة نظرائهن الرجال.


وسميت المنصة "إسألوا كلارا"، في إشارة إلى كلارا شومان عازفة البيانو المبدعة والمؤلفة الموسيقية وزوجة المؤلف الشهير روبرت شومان. وأُطلقت قاعدة البيانات في حزيران/يونيو الماضي بمبادرة من فريق تقوده كلير بودان مديرة مهرجان "بريزانس فيمينين" (لمسات أنثوية) المكرّس للمؤلفات الموسيقيات من الماضي والحاضر.

وقالت بودان لوكالة "فرانس برس": "منذ الصغر، لا نسمع أي أعمال موسيقية موقعة من مؤلِّفات، أو يصلنا القليل من هذه الأعمال لدرجة أنها لا تعلق في الذاكرة". مضيفة: "جرى تلقيننا منذ الصغر فكرة أن النبوغ الموسيقي هو صنيعة مؤلفين كبار من الرجال دائماً، من دون التساؤل يوماً عن نتاج المؤلفات".

وتحظى المنصة الرقمية بتمويل من جمعية المؤلفين والملحنين ومنتجي الموسيقى "ساسيم"، وأحصت ما لا يقل عن 4662 عملاً من توقيع 770 مؤلفة من 60 جنسية، منذ العام 1618 حتى 2020.

ويعتزم الموقع إدراج أربعة آلاف عمل إضافي في الخريف، من بينها مقطوعات لهايدغارد فون بينغن (1098-1179) وهي قديسة في الكنيسة الكاثوليكية وإحدى أولى المؤلفات المعروفات. وتجري عمليات البحث في المنصة عبر إدخال اسم المؤلفة أو عنوان العمل المطلوب أو الآلة الموسيقية أو البلد أو الحقبة.

ومن بين أقدم المؤلفات المنشورة أعمالهن في الموقع: الإيطاليات فرانشيسكا كاتشيني وهي أول امرأة تؤلف عملاً أوبرالياً، وإيزابيلا ليوناردا وباربارا ستروتسي، إحدى أولى المؤلفات المحترفات، وأيضاً الفرنسية إليزابيت جاكيه دو لا غير. كما تضم المنصة عدداً كبيراً من المؤلفات المتحدرات من الدول الناطقة بالإنجليزية، "وهي أكثر تقدماً بكثير في هذا المجال"، وفق بودان.

وأمكن إنجاز المنصة الرقمية بفضل عمل شاق بدأ العام 2006، بحسب بودان التي أكدت أن ذلك لم يجر "لركوب موجة سائدة" حالياً. وأوضحت: "ليس المقصود إعادة كتابة التاريخ بل إثراء المكتبة" الموسيقية، مضيفة: "لا يجب الإضاءة على هذه الأعمال لمجرد أنها موقعة من نساء ولإرضاء ضميرنا، بل لكونها تنطوي على قيمة فنية حقيقية".

وأشارت العازفة التي أوقفت مسيرتها الموسيقية للتفرغ لهذه المشاريع، إلى أن عدم الاستعانة بأعمال المؤلفات الموسيقيات في الأحداث والمهرجانات الفنية يشكل عائقاً كبيراً أمام انتشارها. علماً أن بودان تعقد منذ حوالي عقد من الزمن، بانتظام، مؤتمرات حول الموضوع وقلما يتمكن أي من الحاضرين خلالها من تسمية أي من المؤلفات باستثناء حفنة صغيرة من الأكثر شهرة بينهن، من أمثال كلارا شومان وفاني مندلسون وليلي بولانجيه إضافة إلى بيتسي جولاس وكايا سارياهو.

وأشارت بودان إلى أن منظمي الحفلات يواجهون "قيوداً مرتبطة بضرورة ملء القاعة"، وهو ما يفرض عموماً الاعتماد على أعمال كبار المؤلفين الموسيقيين من أمثال بيتهوفن وموتسارت وتشايكوفسكي وبرامز وباخ. وقالت: "ما نراه ليس سوى غيض من فيض، فحتى لدى الرجال ثمة مؤلفون كثر يستحقون تسليط الضوء عليهم".

وشددت بودان على "ضرورة أن يضع الجميع في برامج عروضهم الموسيقية أعمالاً لمؤلِفات لأن الفنانين المدعوين سيترددون في أداء هذه المقطوعات إذا لم يكونوا على ثقة بأن قاعات أخرى تفعل الأمر عينه".

يذكر أن مهرجان "بريزانس فيمينين" تأجل إلى تشرين الأول/أكتوبر المقبل، بعدما كان مقرراً في آذار/مارس الفائت. ورعى المهرجان منذ إطلاقه سبعة أعمال لمؤلفات، أحدها من توقيع الشابة كامي بيبان (29 عاماً) والتي أصبحت هذا العام أول مؤلفة موسيقية تفوز بجائزة "فيكتوار" للموسيقى الكلاسيكية.

ولنسخة العام 2021، أطلق المهرجان مسابقة لتأليف قصة موسيقية موجهة للشباب. وفازت فيها سيسيل بوشيه متفوقة على 15 مؤلفة. وأشارت بدوان إلى أن تحسين موقع المؤلِفات في المشهد الموسيقي العام يمر أيضاً في معاهد الموسيقى "الكونسرفاتوار".

وقالت كامي بيبان في مقابلة مع "فرانس برس" العام الماضي، أنها كانت الفتاة الوحيدة في حصص التأليف الموسيقى في معهد "الكونسرفاتوار" في باريس، لكنها أوضحت أن "المدرّسين الذين ألتقيهم اليوم والمؤلفين الشباب يرغبون في تغيير الوضع. ثمة معتقدات موروثة راسخة لكنها بدأت تسقط".

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها