الإثنين 2020/07/06

آخر تحديث: 16:42 (بيروت)

"أمنستي": كفى ترهيباً للناشطين اللبنانيين بقوانين التشهير

الإثنين 2020/07/06
"أمنستي": كفى ترهيباً للناشطين اللبنانيين بقوانين التشهير
اعتصام أمام العدلية (علي علوش)
increase حجم الخط decrease
دعت منظمة العفو الدولية "أمنستي"، الاثنين، السلطات اللبنانية للكف فوراً عن استغلال قوانين التشهير المعيبة التي تُستخدم لمضايقة الناشطين والصحافيين المرتبطين بحركة 17 تشرين الأول/أكتوبر الاحتجاجية.

وقالت المنظمة في "بيان" أن "السلطات اللبنانية ما فتئت تضايق بلا هوادة الصحافيين والنشطاء الذين كان لهم حضور بارز خلال احتجاجات تشرين الأول/أكتوبر، من خلال استخدام قوانين التشهير التي لا تستوفي المعايير الدولية وتقيد بلا داع حق الناس في ممارسة حرية التعبير"، موضحة أن الأجهزة الأمنية والعسكرية لم تتوقف منذ 17 تشرين الأول/أكتوبر 2019، عن استدعاء العشرات من الأشخاص لاستجوابهم، بعضهم بصورة متكررة، بشأن منشوراتهم على وسائل التواصل الاجتماعي التي ينتقدون فيها السلطات، رغم أن أياً من هذه الأجهزة ليس مفوضاً بالنظر في قضايا حرية الرأي.

وبحسب البيان، اطلعت المنظمة منذ 17 أكتوبر/تشرين الأول 2019، على 75 حالة، أكدت النتيجة السابقة. ودعت بموجبها مجلس النواب اللبناني على المبادرة على وجه السرعة إلى تعديل قوانين التشهير، بما في ذلك القدح والذم، والازدراء، والسباب، والتجديف، والتحريض، لأنها غير واضحة، غامضة ومفرطة في عموميتها، ما يجعلها غير ملائمة للمعايير الدولية.



وقالت مديرة البحوث للشرق الأوسط في "أمنستي" لين معلوف، أنه "ينبغي على السلطات اللبنانية، ومن ضمنها الأجهزة الأمنية والعسكرية، أن تُقلع فوراً عن مضايقة الصحافيين والنشطاء الذين يمارسون ببساطة حقهم في حرية الرأي. وقد استُدعي بلا هوادة الأشخاص الذين كان لهم حضور بارز خلال احتجاجات تشرين الأول/أكتوبر واستُجوبوا في نمط واضح من المضايقات".

وأكملت معلوف بأن "قوانين التشهير اللبنانية التي تتسم بالغموض والعمومية المفرطة لا تستوفي المعايير الدولية وتقيد بلا داعٍ حق الناس في ممارسة حريتهم في التعبير. وحتى الخطاب الذي يُعدّ مسيئاً يبقى محمياً بموجب الحق في حرية التعبير. ويجب معاملة القوانين التي تجرّم التشهير، سواء بالشخصيات العامة أو الأفراد العاديين، كمسألة يعود البت فيها للتقاضي المدني".

وعليه، ينبغي على لبنان بموجب القانون الدولي، احترام الحق في حرية التعبير وحمايته حتى إذا كان هذا التعبير ينطوي على خطر أن يكون صادماً أو مسيئاً أو مزعجاً. كما أن نمط توجيه تهم لأشخاص بالتشهير الجنائي، يفاقمه التقاعس بعد ذلك عن مباشرة المحاكمة على وجه السرعة. ويحمل ذلك في طياته خطر إحداث تأثير مرعب يمكن أن يقيد بلا داع ممارسة الشخص المعني وسواه لحرية التعبير، وهو انتهاك للحق في ممارسة هذه الحرية.

وأعربت "أمنستي " عن معارضتها للقوانين التي تحظر إهانة أو عدم احترام رؤساء الدول، أو الشخصيات العامة أو المؤسسات العسكرية، أو المؤسسات العامة الأخرى، أو الأعلام، أو الرموز، مثل قوانين المس بالذات الملكية والمس بهيبة الرؤساء.

يأتي ذلك بعدما اندلعت احتجاجات جماهيرية في أنحاء لبنان في 17 تشرين الأول/أكتوبر الماضي، إثر إعلان الحكومة إجراءات ضريبية جديدة. وفي مشاهد غير مسبوقة تجمع عشرات الآلاف من المحتجين السلميين في المدن، والبلدات، والقرى في شتى أنحاء البلاد للتعبير عن مظالمهم المزمنة المتعلقة بحقوقهم الاجتماعية والاقتصادية في سياق وضع اقتصادي آخذ في التدهور بسرعة.



واستمرت المظاهرات رغم محاولات الحكومة لتهدئة المحتجين بإعلانها إجراء إصلاحات. وفي 29 أكتوبر/تشرين الأول/أكتوبر أعلن رئيس الحكومة سعد الحريري استقالته. وشُكلت حكومة أخرى برئاسة حسان دياب وحصلت على ثقة البرلمان في تصويت بتاريخ 11 شباط/فبراير 2020. وفي 7 آذار/مارس الماضي أعلن رئيس الوزراء رسمياً انهيار الوضع الاقتصادي وأن لبنان لأول مرة في تاريخه، سيتخلف عن تسديد دينه البالغ قرابة تسعين مليار دولار. وفي 15 آذار/مارس دخلت البلاد في حالة طوارئ صحية كرد فعل على وباء كوفيد– 19 ، فتلاشت الاحتجاجات في الشوارع.

وبين 17 تشرين الأول 2019 و 15 مارس/آذار 2020 ، وثقت "أمنستي" استخدام الجيش وقوات الأمن للقوة المفرطة ضد الاحتجاجات السلمية إلى حد بعيد، فضلاً عن التقاعس عن حماية المتظاهرين السلميين من أنصار الأحزاب المسلحين. كذلك ألقت السلطات القبض على مئات المحتجين السلميين في كافة أنحاء لبنان في ما وصل إلى حد اعتقالات تعسفية ومن ضمنها اعتقالات من دون مذكرات اعتقال، وعمليات ضرب مبرح، وعصب الأعين، وما يسمى "بالاعترافات" المنتزعة بالإكراه، إضافة إلى مزاعم خطيرة أخرى بالتعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة التي تقاعست السلطات عن التحقيق فيها كما يجب حتى اليوم.

وفي التقرير الذي قدمته الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان إلى المراجعة الدورية الشاملة لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة والتي تُعقد في تشرين الثاني/نوفمبر 2020 لاحظت الهيئة قائلة: "تهدد موجة من الملاحقات القضائية بحق النشطاء والصحافيين الذين ينتقدون سياسات الحكومة والفساد الحق في حرية التعبير والرأي في لبنان".

وأكمل البيان هنا، بأن معظم الناشطين والصحافيين الذين تضرروا من هذا الاتجاه هم أشخاص كان لهم حضور بارز خلال الاحتجاجات، ولذلك يتفق جميع الأشخاص الذين أجرت المنظمة مقابلات معهم، على الإيمان بأن السلطات قصدت من خلال استهداف الأشخاص الذين لديهم حضور بارز، خلق تأثير مرعب في الحركة ككل. كما يؤمن الذين أجريت مقابلات معهم أن التعبئة العامة التي جرت كرد فعل على هذه الاستدعاءات والاستجوابات والتي حظيت بتغطية واسعة من وسائل الإعلام السائدة ووسائل الإعلام الإلكترونية، امتلكت أثراً محورياً في حفظ الأغلبية الساحقة من هذه الشكاوى عقب الاستجوابات.



والحال أن "أمنستي" درست بين 25 شباط/فبراير و2 آذار/مارس 2020، ثماني حالات لجأت فيها الأجهزة العسكرية والأمنية، غير المفوضة بالنظر في قضايا تتعلق بحرية التعبير، إلى قوانين التشهير لاستدعاء واستجواب خمسة صحافيين وثلاثة ناشطين. ووثقت حالة توقيف لخمسة فتية من بينهم ثلاثة قاصرين بتهم تتعلق بحرية التعبير وتستند إلى قوانين التشهير أيضاً. وفي أيار/مايو أجرت تحقيقات إضافية في قضيتين جديدتين لصحافيين استُدعيا للتحقيق أثناء الإغلاق الوطني وعلى الرغم من سريانه.

وفي جميع هذه الحالات استُدعي الأشخاص بسبب ما نشروه على مواقع التواصل الاجتماعي من انتقادات لمسؤولين رفيعي المستوى مثل رئيس الجمهورية، والوزراء، فضلاً عن أشخاص لديهم نفوذ سياسي أو اقتصادي، والجيش اللبناني، والأجهزة الأمنية. وفي جميع الحالات هُدد الأشخاص بالمقاضاة ومورست الضغوط عليهم لحذف ما نشروه على وسائل التواصل الاجتماعي و/أو التوقيع على تعهدات غير قانونية بالكف عن الانتقاد، أو التنظيم، أو الاحتجاج. ولم تُحل أي من الاستدعاءات التي وثقتها منظمة العفو الدولية إلى مزيد من المقاضاة.

إلى ذلك، راجعت منظمة العفو الدولية كافة التعليقات والمقالات المتعلقة بالشكاوى ولم تعثر على أي دليل على التحريض على التمييز، أو الكراهية، أو العنف، ينطوي على خطر حقيقي بإلحاق أذى، كان يمكن بخلاف ذلك أن يبرر تقييد حماية حرية الرأي وفق المعايير الدولية.وفي أربع من هذه الحالات كان الناشطون أنفسهم قد وجهوا تهماً بشأن أفعال ارتكبتها إما السلطات أو مناصرو الأحزاب الممثلة في السلطة. لكن عند كتابة هذا التقرير، كان القضاء لم يجر بعد أي تحقيقات في ثلاثة من هذه المزاعم، بينما اقتصر التحقيق في الرابعة على جلسة تحقيق واحدة. وقد عبر المحامون الأربعة الذين أجريت مقابلات معهم عن بواعث قلقهم إزاء الانتقائية الواضحة التي تمارسها السلطة القضائية.

والأسوأ من ذلك، هو تزايد عدد الهيئات المسؤولة عن إصدار الاستدعاءات وإجراء الاستجوابات، خصوصاً أنها غير مخولة بالنظر في قضايا التشهير. وقبل تشرين الأول/أكتوبر 2019 ، كان مكتب مكافحة جرائم المعلوماتية وحماية الملكية الفكرية في قوى الأمن الداخلي هو الجهاز الأمني الرئيسي الذي يصدر الاستدعاءات بتهم تتعلق بالتعبير الحر على الإنترنت، رغم افتقاره إلى صلاحية القيام بذلك. لكن عقب 17 تشرين الأول/أكتوبر، وبحسب لجنة المحامين، كانت ثمانية أجهزة عسكرية وأمنية مختلفة مسؤولة عن إصدار الاستدعاءات وإجراء الاستجوابات: مخابرات الجيش، والشرطة العسكرية، وقوى الأمن الداخلي، وفرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي، ومكتب مكافحة جرائم المعلوماتية وحماية الملكية الفكرية في قوى الأمن الداخلي، وقسم المباحث الجنائية المركزية في قوى الأمن الداخلي، والشرطة القضائية، والمديرية العامة لأمن الدولة.

وبحسب القانون الدولي يجب أن يكون التشهير مسألة تتعلق بالمقاضاة المدنية وليس الجنائية. وهذا يعني أنه إذا أراد المسؤولون الرسميون الحصول على سبيل انتصاف في قضايا تتعلق بالتشهير عليهم أن يفعلوا ذلك في محكمة مدنية، ولا يجوز أن يحصلوا على أي مساعدة أو مساندة من الدولة في هذه الدعوى.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها