الثلاثاء 2020/06/02

آخر تحديث: 14:03 (بيروت)

الشرطة الأميركية على خطى ترامب: الصحافيون أعداء الشعب!

الثلاثاء 2020/06/02
الشرطة الأميركية على خطى ترامب: الصحافيون أعداء الشعب!
increase حجم الخط decrease
قال خبراء إعلاميون أن ما بدا اعتداءات منعزلة على الصحافة في تجمعات سياسية واحتجاجات من لوس أنجلوس إلى منيابوليس ونيويورك، خلال السنوات القليلة الماضية، ازداد حدة مع تراجع الثقة في وسائل الإعلام والتي اقتربت من أدنى مستوياتها منذ عشر سنوات، وتفجر الأسبوع الماضي مع الاحتجاجات في ولايات أميركية إثر مقتل جورج فلويد على يد الشرطة.

وخلال الفترة القصيرة للاحتجاجات في الولايات المتحدة، وثق مركز "U.S. Press Freedom Tracker" وموقع "Bellingcat" بشكل منفصل، نحو 100 حالة من المضايقات بحق المراسلين الصحافيين أثناء قيامهم بعملهم. ورغم أن العديد من المراسلين كانوا منخرطين فعلياً بين المتظاهرين ومن المحتمل أنهم لم يتم استهدافهم لأنهم كانوا صحافيين، أظهرت بعض الحالات، تعرض الصحافيين للهجوم رغم التصريح لضباط الشرطة أنهم يمارسون عملهم.

على سبيل المثال، قال مراسل صحيفة "وول ستريت جورنال" تايلر بلينت ويلش، أنه تعرض للضرب مرات عديدة من قبل ضباط الشرطة أثناء تغطيته للاحتجاج في نيويورك يوم الأحد. وكتب في "تويتر": "كنت أتراجع للخلف حسب الأوامر وأرفع يدي. كانت بطاقتي الصحافية الصادرة عن شرطة نيويورك واضحة للعيان. ثم شرع ضابط شرطة في التصويب نحوي وبدأ بإطلاق النار".

ومن حوادث العنف التي تم توثيقها أيضاً، حادث وقع مساء يوم السبت في منيابوليس أصيب خلاله خوليو سيزار شافيز، الصحافي في وكالة "رويترز"، ورودني سيوارد المستشار الأمني في الوكالة، بالرصاص المطاطي. كما لم تسلم المصورة الصحافية الحائزة على جائزة "بولتيزر" باربرا ديفيدسون، من الاعتداء عليها عندما كانت تغطي احتجاجاً بالقرب من مركز "غروف" للتسوق في لوس أنجلوس، السبت الماضي، عندما أمرها ضابط شرطة بالابتعاد.

وقالت ديفيدسون في مقابلة مع صحيفة "نيويورك تايمز" أنها عرضت عليه أوراق اعتمادها الصحافية، ليرد عليها بأنه لا يكترث. وأمرها مرة أخرى بأن تغادر المنطقة. وفيما قالت ديفيدسون له "سيدي ، أنا صحافية تغطي هذا الحدث"، استدارت للسير بعيداً عنه، فقام بدفعها من ظهرها لتقع وتضرب رأسها، إلا أنها لم تتأذى لأنها كانت ترتدي خوذة واقية. وعلقت: "يبدو أنه يتم استهداف الصحافيين بالفعل من قبل الشرطة. هذا شيء لم أواجهه من قبل لهذه الدرجة". 

الوصف السابق كررته إلين شيرر، الأستاذة في كلية "ميديل" للصحافة بجامعة "نورث وسترن"، والمديرة المشاركة لمبادرة صحافة الأمن القومي: "لم أر شيئاً كهذا من قبل. لقد وصف الرئيس وسائل الإعلام بأنها عدو الشعب. أعتقد أن ذلك كان له أثر".

إلى ذلك، وتعرض مراسل شبكة "دويتشه فيله" شتيفان سايمونز والمصور المرافق له ماكس فوريغ إلى إطلاق مقذوفة مطاطية من شرطة مدينة مينيابولس الأميركية في واحدة من مواجهتين مع شرطة المدينة. في الواقعة الثانية، منعت الشرطة الفريق نفسه من القيام بتغطية الأحداث رغم حصوله على ترخيص رسمي بذلك، وهددت الشرطة عضوي الفريق بالاعتقال في حال استمرا بالتغطية.




وفي ليلة الجمعة الماضي، تابع المشاهدون مراسل قناة "سي إن إن" عمر خمينيز وطاقمه أثناء إلقاء القبض عليهم على الهواء مباشرة أثناء تغطية احتجاج في أعقاب مقتل جورج فلويد في مدينة منيابوليس. ويوم السبت أثناء اشتباك محتجين مع الشرطة في مختلف أنحاء البلاد صرخت المراسلة كايتلين راست من محطة الإذاعة في لويزفيل بولاية كنتاكي: "أتعرض لضرب النار! أتعرض لضرب النار" وصورتها الكاميرات بينما كانت الشرطة المحلية تستهدفها هي وطاقم العاملين معها برذاذ الفلفل من مسافة قريبة.

في ضوء ذلك، علق المدير التنفيذي في "لجنة المراسلين لحرية الصحافة" بروس براون: "الاعتداءات العديدة المقصودة التي واجهها الصحافيون الذين يغطون الاحتجاجات في مختلف أنحاء البلاد من جهات إنفاذ القانون خلال الليلتين الماضيتين مستهجنة وانتهاكات واضحة للتعديل الأول". علماً أن التعديل الأول للدستور الأميركي ينص على حرية التعبير وحرية الصحافة ضمن الحريات الأساسية الأخرى.

والحال أن الاعتداءات جاءت وسط التصريحات المعادية لوسائل الإعلام التي يطلقها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، واستهدفت مؤسسات إعلامية تمثل مختلف ألوان الطيف السياسي.

وعليه، اعتدى متظاهرون على ليلاند فيترت مراسل قناة "فوكس" الإخبارية، الذي يملك خبرة في العمل في مناطق الحرب، وطاقم العاملين معه بالقرب من البيت الأبيض يوم الجمعة بعد أن اكتشفوا أنه يعمل لقناة "فوكس". وقال فيترت في مقابلة مع وكالة "رويترز" يوم الأحد: "لم أشعر بمثل هذا الرعب منذ وجدت نفسي وسط حشد من الغوغاء انقلب علينا في ميدان التحرير" بالقاهرة.

وأشار فيترت إلى أن الصورة العامة لوسائل الإعلام تدهورت خلال الفترة التي قضاها في تغطية الأحداث في الشرق الأوسط، وأضاف: "شهدنا حدوث هذه النقلة حيث أنقلب من كنا ننقل أخبارهم من السعادة بوجودنا لنقل حكاياتهم إلى اعتبارنا أهدافا محتملة... ونحن الآن نشهد هذه النقلة نفسها في أميركا وهو شيء مرعب".

ومنذ تولى ترامب منصبه في 2017 دأب على مهاجمة وسائل الإعلام. وقالت كورتني رادش المديرة في "لجنة حماية الصحافيين": "ثمة حملة افتراء من جانب الرئيس ترامب على وسائل الإعلام". وأضافت أن ذلك يحدث أيضا لأنّ المحتجين "يريدون التحكم في سرد موقفهم أيضاً. الكل يريد التوجه مباشرة للشعب بروايته للأحداث".

وكتب الرئيس يوم الأحد مثلاً، تغريدة قال فيها: "وسائل الإعلام العرجاء تبذل كل ما في وسعها لبث الكراهية والفوضى. وما دام الكل يفهم ما تفعله وأنها أخبار كاذبة وأنهم أشرار حقا لهم برنامج يثير الاشمئزاز، فبإمكاننا شق طريقنا إلى العظمة غير عابئين بهم". وكان بعض أنصار ترامب قد هونوا في السابق من الهجوم على وسائل الإعلام وعلى دور الرئيس فيه قائلين أن وسائل الإعلام أضعفت مصداقيتها بالتغطية الإخبارية المنحازة.


وقال براون أن ترامب "لم يكن الشرارة الوحيدة" لكن "سيكون من المفيد كثيراً أن يتوقف عن مهاجمة الصحافيين". بينما يقول الخبراء الإعلاميون أن مشاهدة الصحافيين أثناء القبض عليهم والاعتداء عليهم على شاشات التلفزيون يبعث برسالة للمشاهدين مفادها أنه لا تداعيات للعنف.

واعتذر حاكم مينيسوتا بعد القبض على صحافيي "سي إن إن" كما اعتذرت شرطة لويزفيل لاستهداف الصحافية راست لكونها مراسلة. لكن لم تُتخذ أي إجراءات بحق ضباط الشرطة المعنيين حتى الآن، فيما أعلنت صحافية مستقلة في مينيابوليس، اسمها ليندا تيرادو، أنها فقدت النظر في عينها بعدما أصيبت بعيار مطاطي.

وامتلأت مواقع التواصل بمقاطع فيديو وشهادات توثق الاعتداءات. ومنها إعتقال مصور قناة "WCCO" التابعة لشبكة " CBS"ت وم أفيليس في منيابوليس، بعدما استهدفه شرطي برصاصة مطاطية، وبقي قيد الاحتجاز لساعتين، ليل السبت، رغم تعريفه عن نفسه وسؤاله أين يجب أن يتوجّه. وقالت مراسلة القناة الأخرى جوان غيلبيرتسون أن شرطياً هددها بإجراء مماثل، وقال لها: "سيحصل لك ما حصل له، أو أنتِ التالية". وفي لاس فيغاس قالت المصورة بريجيت بينيت لشبكة "سي أن أن" أنها احتُجزت مع مصور صحافي آخر في مكان الاحتجاج. مضيفة: "أنا مصورة صحافية مستقلة، وأعمل في مهمة لوكالة فرانس برس. أطلق سراحي صباح السبت".

إلى ذلك أُلقي القبض على إيلين شميت، وهي مصورة لصحيفة "لاس فيغاس ريفيو جورنال"، كما احتجز مراسل "هافنغتون بوست"، كريس ماتياس، أثناء تغطيته للاحتجاجات المناهضة للعنصرية في نيويورك رغم أنّه كان يرتدي تعريفاً بأنه صحافي. فيما قالت الصحافية في "لوس أنجلوس تايمز" مولي هينيسي فيسك، إنّها كانت تقف مع مجموعة من نحو عشرة صحافيين عندما أطلقت دورية ولاية مينيسوتا قنابل الغاز المسيل للدموع عليهم من مسافة قريبة. وأشارت إلى أنّ المجموعة حدّدت نفسها بوضوح كإعلامية، وسألت الضباط أين يجب أن يتنقلوا، لكنّهم لم يجيبوا.

وقالت الصحافية في "لوس أنجلوس تايمز" مولي هينيسي فيسك، أنها كانت تقف مع مجموعة من نحو عشرة صحافيين عندما أطلقت دورية ولاية مينيسوتا قنابل الغاز المسيل للدموع عليهم من مسافة قريبة.

ولم تقتصر الهجمات على الصحافيين، بل شملت أيضاً مؤسسات إعلامية. ففي أتلانتا عاصمة ولاية جورجيا، هاجم عشرات الأشخاص مقر شبكة "سي إن إن" الإخبارية وألقوا قنبلة صوتية في ردهة المبنى حيث كان يتواجد شرطيون. وأعاد الرئيس ترامب نشر تغريدة جاء فيها: "إنها سخرية القدر، مقر سي إن إن يتعرض لاعتداء من قبل مشاغبين كان تعتبرهم نبلاء وأصحاب حق".

في سياق متصل، أعربت منظمة الأمن والتعاون الأوروبي، الاثنين، عن قلقها بشأن العنف ضد الصحافيين الذين يغطون الاحتجاجات في الولايات المتحدة، مشددة على ضرورة توفير أقصى درجات الحماية للصحافيين.

وذكر بيان للمنظمة الأوروبية، من مقرها في فيينا، أن ممثل منظمة الأمن والتعاون الأوروبي بشأن حرية الإعلام، هارلم ديسير، طالب بوقف العنف ضد الصحافيين الذين يغطون الاحتجاجات في أنحاء الولايات المتحدة الأميركية، مضيفاً: "إنني قلق للغاية من عدد الحوادث والهجمات التي تشنها الشرطة والمتظاهرون ضد الصحافيين الذين كانوا يغطون الاحتجاجات في الولايات المتحدة خلال الأيام القليلة الماضية"، مشيراً إلى أن العديد من هذه الحوادث شهدت اعتقالات واستخدام القوة من قبل الشرطة بما في ذلك الرصاص المطاطي والغاز المسيل للدموع ورذاذ الفلفل، وكذلك أعمال العنف من قبل المتظاهرين.

ودعا البيان السلطات الأميركية إلى ممارسة ضبط النفس والتأكد من أن الصحافيين يمكنهم العمل بأمان أثناء تغطية الاحتجاجات العامة، حيث يجب الحفاظ على دور الصحافة الحرة في جميع الأوقات ، ويجب أن يتمتع الصحافيون بحرية الكتابة من دون التعرض للعنف أو الاعتقال أو الترهيب.

ولم تقتصر الهجمات على الصحافيين، بل شملت أيضاَ مؤسسات إعلامية ففي أتلانتا عاصمة ولاية جورجيا، هاجم عشرات الأشخاص مقر شبكة "سي إن إن" الإخبارية وألقوا قنبلة صوتية في ردهة المبنى حيث كان يتواجد شرطيون. وأعاد الرئيس ترامب نشر تغريدة جاء فيها: "إنها سخرية القدر، مقر سي إن إن يتعرض لاعتداء من قبل مشاغبين كان تعتبرهم نبلاء وأصحاب حق".

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها