الإثنين 2020/02/24

آخر تحديث: 21:45 (بيروت)

الإعلام الواقع في غرام شربل قرداحي

الإثنين 2020/02/24
الإعلام الواقع في غرام شربل قرداحي
increase حجم الخط decrease
التعريف الذي يقدمه الدكتور شربل قرداحي عن نفسه في صفحته في "تويتر"، "لستُ معنياً بما يظنه الآخرون عني"، لا ينسحب على اعلاميين يجيدون التطبيل. هؤلاء يمكن الترحيب بإطرائهم، أما الانتقاد فله حسابه في المحاكم.
وقرداحي الذي رفع دعوى قضائية بحق الناشط شربل خوري الذي تم توقيفه اليوم، خلافاً للقانون، ثم أفرج عنه تحت ضغط الشارع، يميّز بين المُثنِي والمُنتقِد. قد يكون شربل خوري بالغ في الانتقاد، الى حد إهانة قرداحي، لكنه دفع ثمنه في الملاحقة القضائية والتوقيف العسفي مرة، وفي الإعلام مرة أخرى. 



لم يعرف خوري أن من يفترض بهم الدفاع عن الحريات الإعلامية، هم أنفسهم يكيلون بمكيالين. كيل إدانة التوقيف، كمواكبة للترند، وكيل الثناء لرافع الدعوى لدى سحبها.

قد يرى البعض انها مقاربة تنسجم مع مبدأ "صيف وشتاء تحت سقف واحد". لكنها في الواقع ليست كذلك. فالفعل الأول، هو تسجيل موقف المُحرَج. أما الثاني، فهو المنسجم مع طبيعة المرحلة التي تتطلب علاقات مع اقتصاديين، للإفادة منها في الملفات الإعلامية والحلقات التلفزيونية. 

فرضت الدعوى منذ الصباح، إحراجاً على اصدقاء قرداحي الاعلاميين. فدانوا توقيف الناشط خوري في صفحاتهم. وَرَد ذلك في تدوينات وتغريدات نانسي السبع (تلفزيون "الجديد") وجوزفين ديب (OTV). وسرعان ما تغير المشهد الى الاطراء، بعد سحب الدعوى. نانسي وجوزفين، ما غيرهما، قدمتا الثناء على خطوة قرداحي، وانضم اليهما فراس حاطوم ("الجديد" أيضاً)، زوج نانسي. 


وبررت ديب بالقول إن الضغط ليس من أخرج شربل خوري اليوم من التوقيف. في حين أن الحقيقة هي أن ضغط الشارع والاعتصامات وحملات التضامن في السوشال ميديا، هي ما كانت ذات تأثير. إذ وبحسب حقوقيين، أصدرت النائبة العامة الإستئنافية في جبل لبنان القاضية غادة عون، مذكرة توقيف وجاهية في حق خوري، بعد استجوابه من قبل مكتب مكافحة جرائم المعلوماتية، وهي خطوة غير قانونية على اعتبار أن "كل جرم لا يتخطى السّنة سجن لا يستدعي الحجز الاحتياطي". وتلقى مدعي عام التمييز، القاضي غسان عويدات، اتصالاً من محامي الناشط شربل الخوري، لمتابعة قضية توقيفه بعد صدور مذكرة توقيف إحتياطية في حقه. وكان أن تدخل عويدات وأُخلي سبيل خوري. وبالتالي، فإن ضغط التضامن أدّى إلى العودة للالتزام بالقانون، وهذا ليس نتيجة سحب الدعوى. بل لعل سحب الدعوى نفسه هو الذي تأثر بضغط الشارع.

وهذا كله لم تره جوزفين ديب، بل رأت أنه "في إنسان اسمه شربل قرداحي قرر يتراجع عن الدعوى لأنه فعلاً صادق بيلي قاله بالتويت يلي أعلن فيها عن سبب اسقاطه الدعوى". وذكرت، بين مزدوجين، ان قرداحي "له مواقف متقدمة جداً على مستوى الحماية الاجتماعية وعدم تحميل الطبقات الفقيرة كلفة الأزمة"!

والواضح أن ديب تعرف قرداحي أكثر من نفسه. فهي تتنصل، نيابة عنه، من علاقته بالبزنس، ومن دوره في الميدان الاقتصادي الذي لا يمكن أن يمارسه من دون علاقات سياسية وثيقة، لعلم الجميع بأن الاقتصاد لا ينفصل عن السياسة، وتحديداً في العمل مع شركات حساسة تنخرها السياسة حتى العظم، وابرزها شركات الاتصالات التي يعمل قرداحي مع إحداها (تاتش). 

تعرفه أكثر من نفسه! لأنها لم تتطلع على ملف التعريف عنه في موقع "لينكد إن"، كمستشار للشؤون المالية والنقدية والضريبية، وصائغ خطط لمعالجة العجز المالي والدين العام والسياسة النقدية والعجز التجاري، وكمستشار بشأن تطورات الاقتصاد الكلي (ماكرو ايكونومي) والسياسة الاقتصادية، وتطوير الشراكات مع الوزارات والمؤسسات المالية الدولية والسفارات ووكالات التصنيف ووسائل الإعلام، وتقديم شروحات البيانات الاقتصادية مع الوزراء والنواب والمعنيين... 

ولفهم العلاقة، ثمة مؤشران يستندان الى دور الدكتور قرداحي، لا يخرجان من اطار خطط الإعلام للبقاء، واستراتيجيات الإعلاميين لنسج العلاقات. فهو، من موقعه كخبير، يبني علاقات إعلامية شخصية معهم. ومن موقعه الاقتصادي، يمنّ على الاعلاميين بخدمات الأرقام والمعلومات، كرجل موجود في مراكز صناعة القرار. فضلاً عن أنه موجود في مركز مالي حساس، كان حتى الأمس القريب مركز إنعاش الشاشات بالاعلانات، في اشارة الى شركة "تاتش" للاتصالات، قبل أن يُحظر على الشركة الإغداق بالاعلانات على أحد بموجب الموازنة الأخيرة، وهو ما يفسر هذه العلاقة التي تم التعبير عنها بتنفّس الصعداء لدى سحب دعواه بحق خوري. 

والحال إن هذا الغرام الاعلامي برجال الاقتصاد، والذي تم التعبير عنه بإيموجي "القلب الأحمر" الذي استخدمه فراس حاطوم وجوزفين ديب في نشر خبر سحب الدعوى اليوم، أو ايموجي التصفيق الذي استخدمته السبع، لا يقتصر على قرداحي، الخبير والباحث والمستشار والمطور والمفسّر... بل يصل ايضاً الى المصرفي مروان خير الدين الذي كيل له المديح في موقع "ام تي في" بعد ما روّج عن قيامه بتسليم متهمين قريبين منه الى السلطات اللبنانية بدعوى الاعتداء على الصحافي محمد زبيب، على اعتبار أن هؤلاء المرافقين اعتدوا على زبيب "من تلقاء أنفسهم". 

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها