الإثنين 2020/12/14

آخر تحديث: 18:38 (بيروت)

زلّة رشيد درباس

الإثنين 2020/12/14
زلّة رشيد درباس
increase حجم الخط decrease
على أحد السياسيين، بين الحين والآخر، أن يطل مباشرة على الهواء، ويذكّر اللبنانيين بمنظومة تفكير تمييزية جندرياً، وهي المنظومة التي، للأسف، تخاطب جزءاً كبيراً من الشعب الذي انتخبه واختاره ليمثله في منصب وزير أو نائب. 
آخر هؤلاء كان وزير الشؤون الاجتماعية الأسبق، رشيد درباس، في تصريح  لقناة "الجديد"  حين شبّه الدعوى القضائية التي تفقد سِرِّيتها بالفتاة حين تفقد غشاء بكارتها.

رشيد درباس، الذي كان نقيباً سابقاً للمحامين في طرابلس، يعبّر في تصريحه عن رؤية تقليدية مؤذية ما زالت منتشرة بين فئات كبيرة من المجتمع اللبناني الشرقي، وقد عملت جمعيات كثيرة، وكُتبت دراسات عديدة، وبُذل كمّ هائل من الجهد لتغيير هذه النظرة إلى المرأة وغشاء بكارتها.. لكن يبدو أن شيئاً من ذلك لم يصل إلى الوزير السابق والمحامي رشيد درباس، الذي يوحي بتشبيهه، وكأن المرأة حين تفقد عذريتها، تفقد معها أهليتها في المجتمع. 

والمشكلة في رشيد درباس بالذات، لسخرية القدر، أنه كان وزيراً للشؤون الاجتماعية، أي أنه كان مسؤولاً عن معالجة مشاكل اجتماعية، منها جرائم الشرف، والذكورية الفائضة، والنساء المنبوذات من عائلاتهن بعدما فقدن غشاء البكارة. كانت وظيفة وزير الشؤون الاجتماعية السابق، العمل على تغيير نظرة المجتمع اللبناني إلى موضوع غشاء البكارة والشرف والعرض، إلا أنه، كما يبدو، يتقاعس عن هذا الدور، عبر تصريح يوحي بأنه يضمر العكس. 

رشيد درباس أيضاً رجل قانون، عمل في المحاماة وكان نقيب المحامين في الشمال، فكيف تعامل رجل القانون مع قضايا مثل جرائم الشرف أو الاغتصاب أو التحرش أو فقدان غشاء البكارة؟ كيف يكون هو، وكثر مثله، مراجع قانونية في حين أنهن ما زالوا عالقين في زمن مضى وتخطاه العالم منذ مئات السنين؟ كيف نطمح إلى التغيير في حين ما زال البعض ينظر إلى قضايا الأمة من زاوية ضيقة تنحصر في الأعضاء التناسلية للمرأة؟ 


في آب/أغسطس 2011، ألغى مجلس النواب اللبناني المادة 562 من قانون العقوبات اللبناني، فلم يعد قاتل زوجته، أو أحد أصوله أو فروعه أو أخته، يستفيد من العذر المخفف المرتبط بجرم الزنا. هي إحدى أهم المواد التي دأبت الحركة النسائية على النضال من أجل إلغائها. عشرات السنين من العمل استوجبها إلغاء المادة 562 بسبب عقلية سياسيين مثل رشيد درباس، وآخرين اعترضوا على إلغائها مثل النواب سمير الجسر وعماد الحوت وعلي فياض.

تصريح رشيد درباس، كما تصريحات عديدة مشابهة صدرت عن سياسيين عديدين في أوقات سابقة، مشكلته ليست أخلاقية فحسب، بل في أنها طريقة تفكير حتماً تؤثر في قراراتهم. هؤلاء يقفون عائقاً أمام التغيير الذي يطمح إليه المجتمع اللبناني على المستويات كافة، ولا يمكن أن يتحقق مع وجود سياسيين يعيشون بعقلية القرون الوسطى وغير قادرين على النظر إلى القضايا الاجتماعية من منظور تقدمي. 
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها