الأربعاء 2019/12/04

آخر تحديث: 20:38 (بيروت)

إيقاف البث من الرينغ.. تواطؤ مع السلطة؟

الأربعاء 2019/12/04
إيقاف البث من الرينغ.. تواطؤ مع السلطة؟
توقف بث "ام تي في" و"ال بي سي" و"الجديد" قُبيل هجوم "مكافحة الشغب" على المعتصمين (علي علوش)
increase حجم الخط decrease
لم يكن الاعتصام وإقفال الطريق على جسر الرينغ بالأمر الجديد على أحداث الثورة منذ شرارة انطلاقتها الاولى، لكن المستجدّ بشكل أساسي هو تغيّب القنوات التلفزيونية اللبنانية عن تغطية الهجوم الذي شنتّه قوات مكافحة الشغب على المتظاهرين، والذي استمر حتّى ساعات الفجر الاولى، حيث قامت القنوات، التي كانت تنقل وقائع الاحتجاج وقطع الطريق، اعتراضاً ما تم تداوله عن ترشيح المهندس سمير الخطيب رئيساً للحكومة، بالإعلان عن اختتام البث المباشر، فيما كان المتظاهرون مستمرين في اعتصامهم على الأرض.


موقع جسر الرينغ، كان طوال فترة الانتفاضة الشعبية يمثل نقطة حساسة، خصوصاً لجهة نوعية الصدامات التي حصلت بسبب إغلاقه، ما جعله النقطة الأكثر سخونة وأهمية من باقي أماكن التظاهرات والاعتصامات وإغلاق الطرق، كونه كان نقطة التماس للأحداث التي شهدتها مؤخراً، من قيام مناصرين لـ"حركة أمل" و"حزب الله" بالاعتداء على المتظاهرين الذين كانوا يتواجدون هناك ويقطعون الطريق، ما يوجب على وسائل الاعلام المرئية إيلاء تلك النقطة الجغرافية اهتماماً مركّزاً ومكثفاً، في ظل الترقب لحتمية حصول أحداث وتطورات بأشكال متعددة على هذا الجسر.

أداء التلفزيونات اللبنانية الداعمة للثورة منذ لحظة انطلاقتها،  خصوصاً "الجديد" وقناة "إم تي في"، كان غالباً متميزاً، لناحية التغطية والتحيّز للثورة ومطالبها. إذ إن القناتين أبدتا حماسة منقطعة النظير، من حيث التغطية المكثفة وانتشار المراسلين في كافة المناطق وفتح الهواء لمواكبة لكل أحداث الثورة، بموازاة استبدال برامج الدورة التقليدية بتغطيات وتحليلات من داخل الاستديو أو من المراسلين المنتشرين في الساحات (وإن تفاوت الأمر أحياناً في ما يتعلق بجمهور "حزب الله" بالنسبة إلى "الجديد"، وبقدسية الجيش ومقام رئاسة الجمهورية بالنسبة إلى "ام تي في").

إلا أن إيقاف كلّ من "الجديد" و"إم تي في" و"إل بي سي" التغطية من على جسر الرينغ، قرابة الثانية صباحاً، في توقيت واحد تلاه مباشرة الهجوم المنظم من قبل القوى الامنية الذي اجتاح المتظاهرين، جعل البعض في مواقع التواصل يطرح شكوكاً حول تواطؤ وسائل الاعلام الثلاث مع السلطة، أو على الاقل يفترض تعرضها لضغوط، بهدف إيقاف تغطيتها وسحب مراسليها، حتى يتسنّى للقوى الامنية التعامل بالطريقة التي تمّت بها، من حيث الضرب بالهروات والقاء القنابل المسيلة للدموع والقاء القبض على عدد من المتظاهرين بعيداً من مرأى الاعلام.

التحيّز الظاهر الذي أبدته هذه القنوات للثورة والمتظاهرين، أثار الاستغراب والتعجب لسبب غيابها، ما طرح أسئلة متعددة عن ما إذا كان ما حصل لا يعدو كونه محض صدفة أم أنه أمر دبّر في ليل في الكواليس، وهو الأمر الذي حاولت "المدن" الاستفسار عنه من خلال محاولة تواصلها مع مسؤولين في القنوات الثلاث لاستيضاح حقيقة الموقف وتفسير ما حدث. وفي حين لم ينجح التواصل مع "إل بي سي"، اعتبر مصدر في تلفزيون "الجديد" في حديث إلى "المدن" بأنّ "ما يُحكى عن تواطؤ أو انصياع لضغوط هو اتهامات باطلة"، مشيراً إلى "الاعتقاد بأن هناك توجيهاً للمراسلين أو الطلب إليهم الانسحاب من الشارع، فيه الكثير من الظلم للقناة والمراسلين على حد سواء"، مضيفاً أنّ "القناة قامت بتغطية الاعتصام وقطع الطريق ونقل مواقف المتظاهرين، لكن حين بدأت الأوضاع تتجّه نحو الهدوء، أوقفت القناة البث وغادر الفريق من دون أن يكون الأمر مدبّراً أو مخططاً له".

من جانبه، قال مدير الاخبار في قناة "إم تي في"، غياث يزبك لـ"المدن" إنّ "القناة لم تخضع بتاتاً لأي نوع من الضغوط، بل إنّنا نقلنا اعتصام المتظاهرين وإقفال الطريق واستصرحنا مواقفهم ومن ثمّ غادر فريق عملنا"، موضحاً أنّ إيقاف النقل المباشر يكون مرتبطاً في بعض الأحيان بأمور تقنية أو من أجل التسليم من برنامج إلى آخر". وأضاف يزبك بأنّ ما حصل قد يكون مجرد سوء تقدير من قبل الزملاء على الأرض، مشدداّ على أن "إم تي في" تبنّت قضية الناس والشارع وهي مستمرة في ذلك حتى النهاية، كما أن القناة ترفض أن تمارس عليها أياً من الضغوط التي، وفي حال حصولها، فإنها لن ترضخ لها.

ومع استمرار الاحتجاجات في مختلف المناطق، بما فيها نقطة جسر الرينغ، فإن الايام المقبلة ستكون كفيلة بإظهار أي تغيير في نمط تغطية الاحداث وكيفية مقاربتها ونقلها، مع الترجيح بأنّ ما حصل على الرينغ في ساعات الصباح الاولى لهذا اليوم، لا يعدو كونه مجرد تقاعس أو تقصير أو سوء تقدير غير مقصود، لجهة اعتبارها بأنّه لا لزوم للنقل المباشر، بعدما بدت الأمور هادئة ولا أحداث تستحق المتابعة، ما جعل القوى الأمنية تستغل غياب وسائل الاعلام المحلية، لتنفيذ هجومها العنيف على المتظاهرين، والذي لم توثقّه سوى عدسات كاميرات بعض الفضائيات العربية وأجهزة هواتف الناشطين التي انتشرت على نطاق واسع في مواقع التواصل.

  
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها