الأربعاء 2019/12/25

آخر تحديث: 16:51 (بيروت)

سوريا: سياح أجانب يروجون للنظام ولو اعتقلهم وعذبهم

الأربعاء 2019/12/25
سوريا: سياح أجانب يروجون للنظام ولو اعتقلهم وعذبهم
الرحالة البولندية إيفا زو بيك في حلب
increase حجم الخط decrease
مازالت الرحلات الدعائية التي يقوم بها مؤثرون أجانب إلى سوريا، وينشرون تفاصيلها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، تثير جدلاً في المجتمعات الغربية وفي وسائل الإعلام العالمية، من ناحية مدى أخلاقية الترويج لسردية النظام السوري حول "طبيعية" الحياة في البلاد، والتناقض الذي يقدمه أولئك المؤثرون في شهاداتهم عن البلاد.

ونشرت صحيفة "Volksstimme" الألمانية تقريراً مثيراً تضمن مقابلات مع بعض نجوم السوشال ميديا الذين زاروا سوريا مؤخراً، ومقابلات مع منظمي تلك الرحلات، ولمحة عن العالم السري لمحبي فكرة "سياحة الكوارث" في مجموعات "فايسبوك" المغلقة.

وأشار التقرير الذي نقلته وسائل إعلام سورية معارضة، إلى سعي وكالات سفر صينية وروسية للترويج تدريجياً لرحلات سياحية إلى سوريا عبر مواقعهم الالكترونية، ومنها وكالة "Young Pioneer Tours" الصينية. فيما بات المؤثرون "إنفلونسرز" يتدفقون للبلاد وينشرون صوراً ومقاطع مشابهة لتلك التي تنشرها وزارة السياحة في حكومة النظام السوري، ضمن مساعي دمشق لتصدير حقيقة مغايرة للواقع، وهي أن الحياة في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام تبدو طبيعية والناس يتابعون حياتهم وأنشطتهم الترفيهية.

وبحسب التقرير، خططت وكالة "Young Pioneer Tours" الصينية، لأربع جولات في العام المقبل للأشخاص الذين يريدون أن يزوروا سوريا للمرة الأولى. وقال جون ماكغفيرن من الوكالة نفسها: "الآن هو الوقت المثالي لزيارة سوريا".

لكن خلدون العلمي الذي يعمل في تنظيم رحلات سياحية من دمشق، قال أنه رغم التقارير المنتشرة التي تفيد بتزايد عدد المسافرين الشباب إلى سوريا، إلا أن السياحة لم تنتعش بعد من جديد هناك، مضيفاً: "نتلقى يومياً استفسارات، لكن في الحقيقة عدد قليل فقط يأتي. يوجد أشخاص من إنجلترا وإيطاليا وفرنسا والعديد من الأميركيين المهتمين بزيارة سوريا، وربما خمسة ألمان. صحيح أن الوضع لا يمكن مقارنته بالعام 2010، عندما جاء 8.5 مليون سائح، لكن الأمور تتحسن ببطء".

وكان المتحدث للصحيفة الألمانية هو نفسه من نظّم رحلة "المؤثرة" البولندية إيفا زو بيك (28 عاماً)، إلى سوريا مع وكالة السفر "غولد تارغت تورز"، والتي قدمت مقاطع فيديو دعائية من سوريا، لمتابيعها الذين يتخطى عددهم المليون شخص. ووصلت في أحد المقاطع إلى حد الاستفزاز بالقول أنها "محظوظة بزيارة بلد لا يتسطيع بعض أبنائه العودة إليه".

ورغم نشرها لصور البلدات القديمة التاريخية والأسواق الملونة، إلا أن زو بيك، كانت من السياح القلائل الذين صوّروا الدمار، كسوق حلب القديم الذي تم تدميره بالكامل، والذي وضع في اللائحة الحمراء للتراث الثقافي العالمي المعرض للخطر.

وقالت الرحالة البولندية: "أنا لست مغامرة، أريد التواصل مع ناس عاديين في الشارع" وزعمت أن لا علاقة لها بأي "بروباغندا"، وذكرت أنها كانت تجلس بجانب شخص سوري في إحدى رحلاتها من دبي وأخبرها عن رغبته بالعودة إلى سوريا ولكنه بالتأكيد لا يستطيع، وطلب منها أن توصل قبلته إلى حلب، وقالت أن غالبية التعليقات التي جاءت على الفيديوهات التي نشرتها، كانت إيجابية ومن ضمنهم سوريون.


وتبلغ كلفة الرحلة إلى سوريا 23 دولاراً فقط، حسبما ذكر مسافر ألماني دخل سوريا من لبنان في سيارة أجرة مع مسافرين آخرين وفضّل عدم ذكر اسمه، وقال عبر الهاتف للصحيفة من سنغافورة: "كان الوضع سوريالياً. لقد فوجئت بأن كل شيء عادي". علماً أن الألماني البالغ من العمر 34 عاماً، أقام في دمشق، ثلاثة أيام، و"أدهشه جمال المدينة القديمة وراحة الناس" لكنه لم يقل كلمة واحدة عن القنابل التي تسقط في شمال البلاد أو عن الحواجز العسكرية في المدينة أو عن النازحين.

وأشارت الصحيفة إلى جدل حاد قبل أيام، في مجموعة مغلقة في "فايسبوك" مخصصة للمسافرين حول العالم، حول أخلاقية  السفر إلى سوريا، لكن غالبية الآراء قالت أنه لا علاقة للسفر بالسياسة. وهو موقف غريب نظراً إلى ما تقوم به سلطات النظام السوري مع المسافرين أنفسهم، الذين قد "يخطئون" بشكل أو بآخر.

ووصف مواطن ألماني يُدعى فيليكس، ضمن المجموعة نفسها، كيف اعتقلته الشرطة في دمشق في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي عندما أراد التقاط صورة، وانتهى به الأمر معتقلاً، معصوب العينين وتم استجوابه لمدة 5 أيام، رأى خلالها المئات من السوريين في السجن يتعرضون للتعذيب. ورغم ذلك، كتب فيليكس: "معظم الزيارات إلى سوريا سيكون على ما يرام"، وعبّر عن سعادته لأنهم لم يقوموا بحذف الصورة التي التقطها!

ونقلت الصحيفة عن كونستانتين رينتلمان المساعدة في قسم الأبحاث الألماني في معهد الشرق الأوسط في بيروت، أن السياحة في سوريا صعبة ولا يمكن دخول البلاد إلا بعد التشاور الشامل مع السلطات ومن خلال شركات سفر معتمدة من حكومة دمشق. وتابعت في إشارة إلى الرئيس السوري بشار الأسد: "باستخدام كاميرات المؤثرين الانتقائية، يمكن للحكومة أن تؤكد بأن الأسد هو الضمانة الوحيدة للسلام والاستقرار". 
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها