الأحد 2019/12/22

آخر تحديث: 17:31 (بيروت)

غضب من الاعلام..لوصايته المفترضة على الناس

الأحد 2019/12/22
غضب من الاعلام..لوصايته المفترضة على الناس
increase حجم الخط decrease
حاولت مراسلة قناة "الجديد" الى كورنيش المزرعة راشيل كرم احتواء المرأة الغاضبة في كورنيش المزرعة عندما حاولت طردها. استدارت، وأخلت موقعها، درءاً لمواجهة مع الناس الذين نزلوا الى الارض تعبيراً عن غضبهم. فالحادثة، هي الخامسة خلال يومين من الغليان في كورنيش المزرعة بوجه الاعلام المتهم بالانحياز والتسعير.

والاتهام لوسائل الاعلام، وهو غير موضوعي، ينطلق من حيثية واحدة تتمثل في أن الاعلام تعامل مع غضب الشارع السني على انه غليان غير مبرر. 

يفترض الاعلام ومراسلوه أن الشكل الذي ظهرت به المبادرات الوطنية منذ 17 تشرين، أنهت، أو يفترض أنها قضت على الاحتقان الطائفي والحزبي لدى الشعب اللبناني. يفترض المراسلون أن موروث مئة عام من الانقسام الطائفي والحزبي، انتهى لحظة تلاقي أمهات عين الرمانة والشياح، وأمهات التباريس والخندق الغميق، ونسوة طرابلس، وشباب جل الديب وساحة الشهداء ورياض الصلح... 

وإذ يحصر المواجهة بين سلطة وشعب، يرى أن كل تحرك من خارج هذا الكادر، هو غوغائية، ولحظة انقلاب على المشهد الوطني، واستعادة للمشاعر الطائفية المكبوتة.. ولا يلحظ ان تحركات مشابهة، هي تعبير عن احتقان طائفي، بمعزل عن التحريك السياسي الذي قد لا يكون موجوداً، بدليل تغريدة الرئيس سعد الحريري ليلة الجمعة، وتمرّد جمهوره عليها. وبدليل النداءات التي خرجت من مسجد الخندق الغميق، وتمرّد مناصري الثنائي الشيعي عليها. 

على ان تجاهل الاحتقان، يعد غير مبرر، ولو أنه، افتراضاً، يجب أن يكون قد ذاب في المشهد الوطني الجامع، وهو مؤشر بالغ الاهمية يوجب المراجعة لأي خطاب اعلامي خارج تلك اللحظة التاريخية التي اجتمع فيها معظم اللبنانيين على مواجهة السلطة، وتوحدهم على الوجع في مقابل الدولة المثقوبة بغرابيل الفساد والهدر. ويوجب التمعن في مسار الامور، عندما وصلت الثورة الى اول استحقاق يلزم المسؤولين الالتزام بالدستور والأعراف، تلك التي لم تقلعها انتفاضة 17 تشرين.  

 وإزاء هذا الارتداد الى المؤسسات والاعراف والتوازنات التي تحكمها عند اول استحقاق جدي يتمثل في الاستشارات النيابية الملزمة، ينظر جمهور "المستقبل" الى نفسه مهمشاً، مقابل انتصار الآخرين، ذلك ان "القوي في الطائفة"، وزعيمها الرئيس سعد الحريري، هو الوحيد الذي أطاحت به الثورة من بين الزعماء الآخرين الموجودين في المشهد. واثمرت الاتفاقات السياسية تهميشاً لرأي الاغلبية السنية، بحسب ما يقول المنتفضون من جمهور المستقبل في تصريحات تلفزيونية في كورنيش المزرعة، وما ورد في فيديوهات بدءاً من يوم الجمعة، وما ورد أيضاً في تصريحات لرجل دين سني وسياسيين سنة تحدثوا عن الميثاقية، وهو ما فجّر الاحتقان. 

وعلى الجانب الشيعي الذي تم التعبير عنه بليلة الغضب ضد مقطع فيديو مذهبي تداوله رواد مواقع التواصل، يظهر ان هناك احتقاناً ضد الوضع المعيشي، كان يحتاج الى ذريعة للانفجار. فلم ينفجر في وجه السلطة، التي لم تخسر قدراتها على الاختراق وتسويق نفسها كمنقذ (بالحدود الدنيا) من الازمات المستفحلة، في مقابل عدم تقديم أي مبادرة عملية على مستوى الثورة لتقديم البديل عن السلطة، بهدف انقاذ الوضع. فانفجر الوضع بوجهها، وهي الحلقة الاضعف، رغم ان مقاربة من هذا النوع ليست واقعية، بل مجحفة بحق الانتفاضة وسعيها للتغيير. 

أمام المشهدين، وجد الاعلام نفسه في دائرة السخط الشعبي، لسببين: اولهما تغطية تحركات تظهر الغضب بصورته الطائفية والحزبية، خلافاً للصورة الاحتجاجية التي نقلها منذ 17 تشرين. والثاني يتمثل في ممارسة الاعلام دور الوصيّ على الشارع ولغة المحتجين، فيدين ويوّصف ويستنكر تحركات من هذا النوع، بخلفية انها النقيض لتحركات المنتفضين منذ 17 تشرين. 

هذه المقاربة، فجّرت الشارع بوجه وسائل الاعلام. فتم استهداف فريق "الجديد" عبر طرد راشيل كرم من موقعها، بحسب ما اظهر مقطع فيديو تم تداوله في مواقع التواصل. وعبر الاستحواذ على كاميرا عائدة للقناة في منطقة الكولا، بحسب ما أعلن المدير في القناة ابراهيم الحلبي في اطلالة تلفزيونية ليل السبت. وسبق ذلك، التعرض لمراسل ومصور قناة "ان بي أن"  ليل الجمعة في كورنيش المزرعة منير قبلان ومحمد الآغا، وتحطيم الكاميرا العائدة للمحطة.

كما طُلب من مراسل "ال بي سي" ادمون ساسين التوقف عن البثّ ليلة الغليان في كورنيش المزرعة، اسوة بفريق "ام تي في" الذي طلب منه ذلك، فإحتوى ساسين الموقف بالتراجع الى موقع خلف القوى الامنية، من غير التوقف عن نقل الصورة. وأراد التأكيد بأن الاعلام ينقل الصورة، ولا يساهم في التسعير، رغم الاتهامات التي انفجرت بوجه وسائل الاعلام وصولاً الى الاعتداء عليها على مدى يومين. 
 
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها