الإثنين 2018/09/17

آخر تحديث: 18:19 (بيروت)

مصر تكافح "الأخبار الزائفة" ونقاد يردون: قمع جديد

الإثنين 2018/09/17
مصر تكافح "الأخبار الزائفة" ونقاد يردون: قمع جديد
increase حجم الخط decrease
تستخدم السلطات المصرية اللغة نفسها التي يتحدث بها الرئيس الأميركي في بعض تصريحاته وهي تستهدف وابلاً مما وصفتها بـ"الأخبار المزيفة" التي تقول أنها تهدف إلى بث الفرقة وتقويض حكم الرئيس عبد الفتاح السيسي.


وبموجب قانون جديد، يمكن للجهة التنظيمية العليا لوسائل الإعلام في البلاد الآن استخدام تصنيف "الأخبار الزائفة" لإغلاق حسابات وسائل التواصل الاجتماعي التي يزيد عدد متابعوها عن 5000، من دون الحاجة إلى الحصول على أمر من المحكمة، فيما يسمح القانون الجديد أيضاً بحظر المواقع التي ترى السلطات أن محتواها يهدد الأمن القومي، حسبما نقلت وكالة "أسوشييتد برس".

والشهر الماضي، أنشأت الحكومة وحدة لتتبع الشائعات المزعومة، بعد أن ادعى السيسي، من دون أن يوضح، أن الحكومة حددت نحو 21 ألف شائعة تم تعميمها على مدى ثلاثة أشهر من هذا العام، علماً أن مجلس الوزراء يصدر عادة بيانات تدحض الشائعات المزعومة.

في ضوء ذلك، يهاجم منتقدو الحكومة هذه الإجراءات باعتبارها أحدث محاولة لقمع المعارضة وإسكات ما تبقى من الصحافة المستقلة. فخلال الأشهر القليلة الماضية، تم حظر 500 موقع إلكتروني، كجزء من سيطرة الدولة المتنامية على وسائل الإعلام، وفقاً لمؤسسة حرية الفكر والتعبير الحقوقية.

ونقلت "أسوشييتد برس" عن خالد البلشي، وهو ناشط بارز مؤيد للديموقراطية وعضو سابق في مجلس نقابة الصحافيين: "لقد قامت (السلطات) بمنع كل مصادر المعلومات.. إنهم يصادرون وسائل الإعلام وأي مجال من مجالات حرية التعبير، حتى على وسائل التواصل الاجتماعي"، علماً أن السلطات حجبت موقعين من مواقع البلشي الإلكترونية مؤخراً، بما في ذلك موقع واحد فقط بعد تسع ساعات من إطلاقه يوم 19 حزيران/يونيو الماضي.

والحال أن نفس هذه النبرة يستغلها ترامب، الذي يتهم مراراً وتكراراً وسائل الإعلام المعارضة له بأنها منتجة "لأخبار مزيفة"، ووصفها بـ"عدو الشعب"، ويثني فقط على أولئك الذين يغطون أخباره بشكل إيجابي. وفيما لم تعلن الحكومة المصرية أبداً أنها تتبنى سياسات ترامب الإعلامية، إلا أن السيسي، وهو حليف قوي لترامب، أوضح أنه يريد أن يرى الإعلام موحداً وراءه.

وكان السيسي زعم أن مصر ودولاً عربية أخرى باتت مهددة بالشائعات، وقال في تموز/يوليو الماضي أن "الخطر الحقيقي الذي يمر ببلادنا والمنطقة هو خطر تفجير الدول من الداخل، وبث الشائعات والقيام بالأعمال الإرهابية، والإحساس بالإحباط وفقدان الأمل، كل ذلك يهدف لتحريك الناس لتدمير أوطانهم".

وفي السنوات الماضية، تبنت دول أخرى في العالم العربي سياسات إعلامية أكثر تقييداً وقامت حكومات بقمع محتوى مواقع التواصل الاجتماعي. فعلى سبيل المثال، فرضت السلطة الفلسطينية قانوناً غامضاً للغاية يسمى "قانون الجرائم الإلكترونية"، وهو قانون خاص بمواقع التواصل الاجتماعي والمواقع الإخبارية، التي تعتبر المنافذ الرئيسية للجدل والمعارضة في الضفة الغربية، ويسمح للسلطات بموجبه توجيه اتهامات بالإضرار بـ"الوحدة الوطنية" أو "النسيج الاجتماعي".

وفي مصر، أشار مسؤولون إلى عدة شائعات انتشرت مؤخراً على مواقع التواصل الاجتماعي قالوا أنها خاطئة بشكل صارخ ومختلقة لنشر الذعر. وزعمت إحدى الشائعات أن هناك طماطم سامة تباع في الأسواق. بينما ذكرت أخرى أن السلطات تعتزم فرض ضرائب على الودائع المصرفية. وحذرت شائعة ثالثة المودعين بأن الحكومة تعتزم الاستيلاء على حسابات العملات الأجنبية وتعويض أصحابها بما يعادلها بالجنيه المصري.

وليس من المستغرب أن تتهم السلطات جماعة "الأخوان المسلمين"، التي صنفت كمنظمة إرهابية بعد إطاحة الجيش بالرئيس السابق محمد مرسي العام 2013 الذي ينتمي للجماعة، بنشر هذه المعلومات المغلوطة، حيث تتعامل الحكومة مع الإخوان باعتبارهم "العدو المحلي الرئيسي" لها منذ ذلك الحين.

يذكر أن مصر سجنت آلاف الأشخاص، بعضهم علمانيون ومعظمهم إسلاميون، منذ العام 2013، وفرضت قيوداً على حرية التعبير ومنظمات المجتمع المدني. وتتواصل حملة القمع وسط تزايد الاستياء من ارتفاع أسعار السلع الغذائية وخدمات النقل والمرافق العامة.

وشملت حملة القمع الحكومية صحافيين مستقلين وناشطين ومدونين، واعتقلت السلطات عشرات باتوا يواجهون الآن مجموعة اتهامات، من بينها نشر أخبار كاذبة، حسبما قال المحامي الحقوقي الذي يمثل عددا من المعتقلين، مختار منير، علماً أن من بين المعتقلين ناشطين كانوا يوجهون انتقادات لاذعة للحكومة كالمدون الشهير وائل عباس والناشطين البارزين حازم عبد العظيم وشادي الغزالي حرب.

وأغلقت السلطات في وقت سابق هذا العام موقعاً إخبارياً إلكترونياً مستقلاً هو "مصر العربية"، بعد أن نشر ترجمة لتقرير صحيفة "نيويورك تايمز" زعم أن ناخبين تلقوا أموالاً ومواد غذائية ووعود بتقديم خدمات أفضل إذا أدلوا بأصواتهم في الانتخابات الرئاسية، كما اعتقل رئيس تحرير الموقع.

وقالت السلطات أن الموقع كان يعمل من دون ترخيص، واتهمته بنشر أخبار كاذبة والانتماء لجماعة محظورة، في إشارة للإخوان المسلمين. وفي نفس الوقت تقريباً، أقيل رئيس تحرير إحدى الصحف اليومية المصرية "المصري اليوم" بسبب مقال رصد الجهود التي رعتها الدولة لتعزيز نسبة المشاركة في انتخابات آذار/مارس الماضي، واعتبرت السلطات الانتخابية المقال "إهانة للدولة"، واستجوب الادعاء عدداً من الموظفين وكذلك رئيس التحرير، محمد السيد صالح، وتم تغريم الصحيفة 150 ألف جنيه مصري (8400 دولار).

في السياق، قالت نائلة سعد زغلول، رئيسة "وحدة تتبع الشائعات" الجديدة للحكومة، أن موظفيها يركزون على وسائل الإعلام الاجتماعي، مضيفة: "إنها أرض خصبة لنشر الشائعات، ولدينا أفراد في الميدان لرصد الشائعات ومعالجتها على الفور".

وتبث وسائل الإعلام الحكومية وشبكات التلفزيون الخاصة والموالية للحكومة إعلانات يومية تحذر من الأكاذيب المزعومة على وسائل التواصل الاجتماعي. وأجرت قناة "النيل" للأخبار التي تديرها الدولة إعلاناً زعم أنه حدد ثمانية تقارير مزيفة في غضون 10 أيام، كما ثت قناة "سي بي سي إكسترا" الموالية للحكومة المشاهدين على "عدم تصديق كل شيء على وسائل التواصل الاجتماعي".

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها