الأحد 2018/07/08

آخر تحديث: 12:00 (بيروت)

القوات والوطني الحر: خيارات التشهير والتسوية

الأحد 2018/07/08
القوات والوطني الحر: خيارات التشهير  والتسوية
يعطى الإعلام سلطة الوشاية
increase حجم الخط decrease
لم تكن هناك خيارات بديلة عن إخراج تفاصيل "إتفاق معراب" الى الضوء. في نظر "القوات"، باتت المكاشفة ضرورة، بعد تمنّع رئيس "التيار الوطني الحر" الوزير جبران باسيل عن الالتزام ببند "المناصفة". 
ولم تكن هناك خيارات بديلة عن الردّ من جهة "الوطني الحر". برأيه، ما جرى كان كشفاً، يستدعي التخفيف من وقعه، وإيضاحه، وتبرير أسباب التمنع، على قاعدة تمنع "خيّك" عن الالتزام بالبنود، ينطبق على الطرفين، بل يتخطاه للقول انه نتيجة لعدم التزام "القوات"، أو ردّ عليه. 

لكن الاجراءين، هما نتيجة لتدهور الثقة بين الطرفين. لجأ الأول الى المكاشفة، بوضع بنود الاتفاق بعهدة الرأي العام. ولجأ الثاني الى الكشف. وكون بنود الاتفاق "حمالة ذات وجوه"، يمكن لكل طرف منهما تفسير الاتفاق كما يرغب، فيبرر ممارسته. 

في الكشف والمكاشفة، كان لكل من الطرفين فرصته للإضاءة على ما يدين الآخر، ما أسقط، حكماً، الاتفاق، ووضع الطرفين في محل إدانة بالنسبة للرأي العام، وبالنسبة لأطراف مسيحية أخرى وصفت الاتفاق بـ"الفضيحة" ورأت أنه تقاسماً للحصص والمغانم بين الطرفين على حساب الآخرين. 

فالمُشاهد اللبناني المحايد الذي شاهد فصول "المكاشفة" على قناة "أم تي في"، وشاهد المتابعة بـ"الكشف" عبر قناة "أل بي سي"،لا ينظر اليهما بوصفهما إخراجاً لاتفاق "سري جداً" الى الضوء. ينقسم المشاهد، بحكم الولاء السياسي له. ينظر مؤيدو "القوات اللبنانية" الى التقرير الأول، وهو تسريب بنود الاتفاق عبر "أم تي في" بوصفه إشهاراً لحقيقة. بينما ينظر مؤيدو "الوطني الحر" للكشف الاول، بوصفه "تشهيراً" باتفاق سريّ، وبرئيس التيار. وبين "الاشهار" و"التشهير"، مساحة صغيرة ما كانت لتظهر لولا أنها جاءت في سياق التسريب، وليس في سياق الاعلان. 

فالإعلان عن حدث، كما جاء في إعلان رئيس "القوات" الدكتور سمير جعجع، في وقت سابق، عن "المناصفة" في المقاعد الوزراية بموجب "اتفاق معراب"، يلغي مفاعيل الشك، ولا يفتح مجالاً للظن والردّ والضغينة والشتيمة في مواقع التواصل الاجتماعي، مثلما حصل أخيراً بفعل التسريب تحت هاشتاغ #معراب_خانت_لبنان. أما التسريب، فيعطي الاعلام سلطة الوشاية وصبّ الزيت على النار، ويفقده صفة الحياد. ويفتح الباب أيضاً لتسريب مضاد، بنَفَس سياسي وهجومي من غير أن يتبناه الطرفان علناً، ويفتح مجالاً آخر لاحتواء الجدل والضغينة. وبالتالي، يكون الاعلام في موقع "البوق"، بما يتخطى تجميله بمنطق "السكوب" أو السبق الصحافي. 

على أن التسريب له ارتدادات أخرى. فالتسريب هو بمثابة رسالة، تستدرج الاحتواء، وليس تملصاً من اتفاق أوجد ثنائية مسيحية تشبه الثنائية الشيعية، وهي تجربة مغرية لتقاسم الحصص، يبدو أنها محط اعجاب طوائف أخرى، بدليل رغبة المسيحيين بتعميمها، ورغبة الوزير طلال ارسلان باعتمادها رغم فارق نسب تمثيله مع "الاشتراكي" لدى الطائفة الدرزية، مقارنة بما هي عليه لدى الثنائية المسيحية والثنائية الشيعية. 

بالتالي، تصبح ارتدادات التسريب، ومنعاً للتشهير الإضافي، سبيلاً للاحتواء. عبره، يسعى الطرفان المسيحيان لاستدراج ترميم للاتفاق، وتسوية للعلاقة، وليس انهاءً للاتفاق، كما يظنّ البعض. لو كانت هناك رغبة بالطلاق، لكان الاعلان أكثر وضوحاً، وليس تسريباً، يوحي ولا يُلزم. وهي النتيجة التي بدأت بالظهور إثر مبادرة بكركي لترميم الخلاف، كما نقلت وكالة الأنباء "المركزية"، بعد عودة البطريرك مار بشارة بطرس الراعي من ايطاليا، وإثر احجام قناة "او تي في" الحزبية، في مقدمتها السبت، عن التطرق للموضوع، مكتفية بالحديث عن تطورات تشكيل الحكومة. 

بذلك، لم يكن دور وسائل الاعلام ناقلاً، بقدر ما كان طرفاً، جرى استعماله بغواء "السبق". إستعماله، لأن معدة التقرير الأول لم تأخذ مصدراً ينفي أو يؤكد. وأضافت توابل سياسية. كذلك فعل معد التقرير الثاني، الذي نقل عن "مصادر التيار" فحسب. وقاد هذا الأداء المحطتين المتنافستين الى موقع الطرف في ظل الانقسام العمودي بين قطبي الطائفة المسيحية، وكرس اصطفافهما، بين "مؤيد للقوات" و"داعم للعهد"، علماً أن "ال بي سي" اتخذت الموقع نفسه منذ أزمة استقالة الحريري واحجامها عن نقل مقابلته من السعودية على شاشتها. 
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها