الأحد 2018/07/29

آخر تحديث: 11:06 (بيروت)

عمرو دياب.. التحايل على الزمن

الأحد 2018/07/29
عمرو دياب.. التحايل على الزمن
"تصابي" عمرو دياب، هو في ظاهره "رذيلة" في الخيال العربي، لكنه في حقيقته هو قدرة على التشبث بالحياة
increase حجم الخط decrease
 
دون كلمات كثيرة، ظهرت صورة جديدة لعمرو دياب، عاري الجذع، تظهر وشومه ونظارته الشمسية وصبغة شعره، وتحتها عبارة "كل حياتي"، وهي عنوان ألبومه الجديد. وبعد ساعات قليلة من إطلاق الصورة، تحوّل وسم #عمرو_دياب إلى واحد من الأكثر تداولاً في مصر في "تويتر".

صار الحديث عن شباب عمرو دياب الدائم، واحداً من الأساطير المصرية الحضرية. النكات اليومية تتناول كيف يبدو الرجل في أواخر عقده الخامس أكثر شباباً ممن هم في العشرينات والثلاثينات. هو نفسه روج كثيراً لهذه الأسطورة عبر نشره لتمارينه الرياضية اليومية على حسابه في "انستغرام". وها هو يكررها مرة ثانية في صورة ألبومه الجديدة، ليؤكد الأسطورة، ويقول أنه قادر على مقاومة الزمن، والتحايل عليه، حين يظهر بمظهر شاب، عاري الجذع، مقسم العضلات.

تشعبت الاحاديث كثيرا منذ سنوات عن التزامه الصارم بالرياضة، وبنظام غذائي نباتي، وبابتعاده عن التدخين والمسكرات والعادات الصحية المهلكة. حتى صارت الأسطورة تقول ما يلي: "عمرو دياب شاب لأنه رياضي لا لأنه غني". لكن هذه الأسطورة يجانبها الصواب كثيراً. فعمرو دياب يبدو شاباً لأنه غني، قادر على دفع آلاف الدولارات على حقن البوتوكس والفيلر كل شهر، ليخفي التجاعيد التي تظهر بمرور الزمن، وهو قادر على التحايل عليه بما يملكه من إمكانات مادية، خولته من الظهور بذلك المظهر.

سوف يكون الدافع الأساسي لمهاجمة صورة ألبومه الجديدة، أنه حتى لو كان يظهر أكثر شباباً من عمره الحقيقي فلا "يليق" بعمره أن يفعل مثل هذه الأفاعيل. تلك "حركات شباب"، لا كهل يقترب من سن الشيوخ. الخمسينيون في مصر والمنطقة العربية كلها منهكون، تبدو آثار العمر عليهم. آباء يرتدون الوقار إلى جانب الملابس الكلاسيكية، بينما عمرو دياب يكسر هذه الصورة النمطية. هو أيضاً يكسر صورة نمطية ثانية، عن العجور المتصابي، ذلك الذي تظهر تجاعيده وكرشه لكنه يداريها بالملابس الفضفاضة الملونة، لكن الزمن يترك أثره على جسده ووحهه رغم محاولات سرقة البهجة.


عمرو دياب من طينة ثانية. يصر على شبابه لا في المظهر والملابس فقط، بل بالهيئة والجسد. إنه الشيء الذي لم تعتده الأعين العربية بعد، وهو القدرة على مقاومة الزمن دون "إنهاك". ولعل ذلك ما يسبب ارتباكاً في التفاعل مع ظاهرته. فهو لا يناسب أي صورة ألفها جمهوره، وقد صار بعضهم منهم كهولاً أو في طريقهم إلى الكهولة، بل إن عمر بعض ألبوماته وأغانيه أكبر من عمر قطاع كبير من جمهوره، يريدون له أن يتحول إلى "بابا" جديد، وهو الدور الذي يرفضه تماماً. يرفضه بشكل عملي بالتأكيد على شبابه، دون انتفاخات البوتوكس أو تشوهات عمليات التجميل التي تحول الوجوه إلى نسخ مكررة من بعضها.

تصابي عمرو دياب، هو في ظاهره "رذيلة" في الخيال العربي، لكنه في حقيقته قدرة على التشبث بالحياة، لطالما كرهها الناس، لأنها تربك الدور الجاهز المقولب الذي يريدونه. مثلما هوجمت صباح منذ أن صارت امرأة خمسينية وحتى وفاتها على تشبثها بالحياة ورغبتها في المرح حتى آخر قطرة من جسدها.

ربما تعلمنا صورة عمرو دياب الأخيرة فضيلة التسامح مع الرغبات الفردية في مقاومة الزمن، وربما صحنا إعجاباً بها، كما صاح الملايين بالإعجاب بجنيفر لوبيز في عيد ميلادها التاسع والأربعين بالأمس وهي تبدو أكثر نضارة وشباباً ممن هم أصغر منها. أو صيحات الانبهار بتوم كروز وهو في عمر مقارب لعمرو دياب، وهو يقدم أفلام الأكشن ويؤدي الحركات الخطرة بنفسه كما كان وما زال يفعل منذ ثلاثين عاماً، وكما يظهر في فيلمه الأخير من سلسلة "مهمة مستحيلة". إرادة الحياة هي ما يجمع الثلاثة، وهو أحد أهم أسباب نجاحهم واستمرارهم كل هذه العقود.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها