الإثنين 2018/07/23

آخر تحديث: 16:44 (بيروت)

الخوذ البيضاء..الادلة لا تسقط

الإثنين 2018/07/23
الخوذ البيضاء..الادلة لا تسقط
increase حجم الخط decrease

لم يجد إعلام النظام السوري وحلفاؤه، في العملية الأخيرة التي خرج بموجبها 800 من عناصر الدفاع المدني "الخوذات البيضاء" من جنوب البلاد إلى الأردن عبر إسرائيل، دليلاً على عمالة مفترضة لـ "الغرب وأوروبا وأميركا"، بل كان ذلك مجرد "دليل" على "براءة" النظام من الهجمات التي استخدم فيها الأسلحة الكيماوية في الغوطة الشرقية وحلب وخان شيخون، وغيرها.

الاهتمام المحموم بهجمات الكيماوي ليس عبثياً، فالنظام هنا يحاول التهرب من جرائم الحرب التي قام بها، بنفيها، ومع انتصارات النظام المتتالية وتغييره للوقائع على الأرض، انتقل إلى مرحلة جديدة تقوم على تحطيم مصداقية الشهود الأساسيين، وبالتالي تحويل عناصر الدفاع المدني من منقذين في تلك الحوادث المروعة إلى مساهمين في "فبركتها" بالتعاون مع "الدول الغربية".

المضحك هنا أن التقارير الإعلامية في قنوات مثل "الإخبارية السورية" الرسمية أو "المنار" التابعة لحزب الله وحتى "روسيا اليوم"، استندت إلى شهادات من خبراء وصحافيين "غربيين" لتأكيد مصداقيتها، علماً أن هذا التناقض في شتم الغرب من جهة والاستماتة في الاعتماد عليه من جهة ثانية ليس عشوائياً، لأن النظام يدرك أنه فاقد للمصداقية ويحتاج بالتالي إلى "جهات محايدة" تتبنى موقفه، بغض النظر عن مدى المعلومات التي يتم بثها.



فعلى سبيل المثال اعتمدت تقارير "الإخبارية" على شهادات مختلقة لمنظمة "أطباء سويديون بلا حدود"، وهي شهادات قديمة من تأليف وكالة "سبوتنيك" الروسية للأنباء إثر مجزرة خان شيخون العام الماضي، وأعاد إعلام النظام تدويرها مجدداً، رغم أن المنظمة أصدرت بياناً حينها قالت فيه أن تحليلاتها للمجزرة لم تتضمن اتهامات لعناصر الدفاع المدني بقتل الأطفال، وأن "هذه الصياغة غير دقيقة ولا تمثل موقفنا من القضية المذكورة".

وإذ كانت هذه الجهود الدعائية الأسدية، جزءاً من بحث النظام عن شرعيته أمام جمهوره المحلي بعد سيطرته على مناطق واسعة في البلاد منذ العام 2016، فهي أيضاً جزء من مقامرة دبلوماسية أوسع لإعادة صياغة النقاش الإنساني الدولي حول سوريا، ونقله بعيداً عن التركيز على رفع دعاوى قضائية بخصوص جرائم الحرب التي ارتكبها نظام الأسد وتسببه بأزمة لجوء هي الأكبر منذ الحرب العالمية الثانية.

على الجانب الآخر، كان اهتمام الناشطين المعارضين بالمسألة نمطياً ومحزناً، بتساؤلهم عن معنى الثورة والمعارضة اليوم، وجدوى حمل السلاح من عدمه في وجه النظام، مع توجيه التحية لأبطال الدفاع المدني، والتباكي على الثورة الضائعة وأطلال سوريا التي كانت يوماً ما بلداً موحداً حلموا بحياة ديموقراطية وحرة فيه.

ورأى ناشطون في "تويتر" أن "كمية الأدلة التي قدمتها الخوذ البيضاء للعالم عن جرائم الأسد" هي "سبب حقد الروس والنظام على هذه المنظمة" وأن العمل الإنساني للمنظمة يقلق "الأنظمة المجرمة"، فيما أشار آخرون إلى أن روسيا رفضت إجلاء أعضاء الفريق إلى إدلب مثلاً، لأن إجبارهم على الرحيل عن سوريا عبر إسرائيل إلى الأردن، يدعم رواية النظام السوري عن المنظمة وبالتالي عن جرائم الحرب التي كان الفريق شاهداً أساسياً عليها، وبالتحديد مجازر الأسلحة الكيماوية.

ومنذ تأسيس فريق الدفاع المدني السوري "الخوذات البيضاء" أواخر العام 2013، أخذ النظام السوري وأبواقه الإعلامية موقفاً حاداً منه، فشن حملات تشويه ضد أعضاء الفريق لإظهارهم كمنظمة إرهابية تساعد جرحى التكفيريين وتتظاهر بالإنسانية ومساعدة المدنيين أمام الكاميرات حسب الرواية الرسمية، فوجود مدنيين أولاً ثم مسعفين لهم ثانياً يظهر حقيقة حرب النظام الهمجية على المدنيين المحاصرين ويقضي على ادعاءات النظام المتكررة التي بنى عليها سياسة الأرض المحروقة في حلب تحديداً.

يذكر أن فريق "الخوذات البيضاء" هو فريق الدفاع المدني السوري الناشط لإغاثة وإنقاذ الجرحى في سوريا، تحديداً في المناطق التي تتعرض لقصف بالطائرات أو بالبراميل المتفجرة، علماً انه يقوم على متطوعين وبدأ نشاطه بمبادرة من رائد صالح أحد سكان إدلب أواخر العام 2013.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها