الثلاثاء 2018/07/17

آخر تحديث: 18:13 (بيروت)

رحمة حسن.. لعنة الصور

الثلاثاء 2018/07/17
رحمة حسن.. لعنة الصور
increase حجم الخط decrease
بشعر معقود وقميص واسع وطويل الكُمَّين، خرجت الفنانة رحمة حسن لتعتذر عن انتشار صور تقول إنها سُرقت من جهاز مصورتها. نشرت رحمة الفيديو في حسابها الشخصي في "انستغرام".
وأتى الفيديو الاعتذاري بعد ساعات قليلة من الهجوم العاتي على جلسة التصوير، بتعليقات أقل ما توصف بأنها "مريضة". فالممثلة قررت أن تكون حسنة الظن في تعاملها العفويّ مع جسدها، وألا تخبّئه تحت مخاوف الهجوم، فيما خيالات جنسية غاضبة لا تلبث أن تتحول إلى محاكم تفتيش صغيرة. ثم أتى الفيديو الاعتذاري ليقول كلاماً، في واقع الأمر، لم تصدقه الغالبية العظمى ممن رأوه، وإن كان كثيرون قد أشفقوا على رحمة حسن بسبب ما ستواجهه من جراء هذه الصور.
بالطبع وكما هو متوقع، فتحت الصور شهية المواقع والصحف المصرية طوال اليومين الماضيين. وكما هو متوقع أيضاً، تصدر كل خبر كان في عنوانه "رحمة حسن"، القراءات في مصر، وكأن البلد تتوق إلى أي شيء جديد تصب فيه تركيزها، خصوصاً مع انتهاء كأس العالم، وعودة الحياة إلى ركودها ومرارتها المعتادة.

هكذا صارت ممثلة، بالكاد ذات وجه مألوف واسم نصف مشهور، إلى اسم تحت الضوء. ويمكن لأي محامٍ الآن، أن يقوم بما قام به عشرات المحامين من قبل، أي رفع قضية أو حتى قضايا، تُحاكم على إثرها رحمة حسن وتتحول إلى ضحية جديدة من ضحايا التصورات البالية لخدش الحياء العام.

صدمة المعلقين وتعليقاتهم التي تنضح بالشهوة، جاءت بوجوه متعددة. فثمة قسم مصدوم بالممثلة الجميلة التي اعتادت أداء دور البنت اللطيفة الرقيقة، ولم تُبرز "علامات" على خوضها ما أسموه بـ"الإغراء". وكأن هذه التعليقات تقول إنهم لم يستعدوا جيداً للتعامل معها باعتبارها قنبلة جنسية! وقسم آخر في التعليقات، أكثر تشوهاً ومرضاً، بدأ ينتقد جسدها نفسه، ويرى أنه غير صالح للإغراء لأن مقاييسه لا تناسب هذه الصفة، وذلك بأحطّ الألفاظ الممكنة.

أما القسم المحافظ من الطبقة الوسطى ففزع من فكرة البحث في مثل هذه الصور من الأساس، كما فزعوا من قبل من المسلسل الذي شاركت فيه رحمة، "سابع جار"، وكيف يمكن لبنت تشبه بناتهم وبنات من حولهم أن تتجرأ على مثل هذه الخطوة.

وإذا كان ثمة عامل مشترك بين كل هذه التعليقات، فهو رؤيتهم جميعاً بأن لا حق لها في التعامل مع جسدها كما تحب، خصوصاً أن الصور ليست مبتذلة بأي شكل من الأشكال، بل من الممكن اعتبارها عملاً فنياً لطيفاً. ولو لم يعرفوا وجه صاحبته، لمروا عليه أثناء التقليب في "فايسبوك" أو "انستغرام" من دون توقف طويل، وربما وضعوا بعض اللايكات على صورة أو اثنتين منهما. لكن لأن الوجه معروف، ولأنه يعود لفتاة أتعسها حظها بأن تكون ممثلة مصرية في زمن هيمن فيه الهوس بالمراقبة الأخلاقية، فقد تحولت إلى "تريند".

وكم هو قاسٍ على الممثلة الصغيرة أن تصحو في يوم، لتجد عناوين مواقع مصرية تنحصر كلها في "رحمة حسن تخفي صدرها بيديها"، أو "صور عارية لرحمة حسن"، في مستوى مهني ولغوي شبيه بقنوات تبث لمراهقين في "يوتيوب" وتتابع مفاتن الفنانات وتعنونها بالركاكة اللغوية نفسها..

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها