الجمعة 2018/06/22

آخر تحديث: 21:15 (بيروت)

لبنانيون يستقوون على الغرباء الضعفاء

الجمعة 2018/06/22
لبنانيون يستقوون على الغرباء الضعفاء
صفحة "وينيه الدولة" ناشدت اللواء عباس ابراهيم اطلاق سراح احدى المعتدى عليهن في برج حمود لرعاية طفلتها
increase حجم الخط decrease
لا داعي لقياس الاعتداء على فتاتين من جنسية أفريقية في برج حمود وفق مؤشر العنصرية. فالمقاربة هنا ناقصة وغير موضوعية، بالنظر الى ان الاعتداء لم يُنفّذ على خلفية عرقية، بقدر ما نُفّذ على خلفية استعلائية حفّزت المعتدي على اهانة الاجنبيتين، كما أبعدت من يمكن ان يذود عنهما. 
فالمعتدون هنا، وفي حوادث أخرى آخرها الاعتداء على عامل في متجر لبيع الفواكه والخضار في الضاحية الجنوبية لبيروت، يحملون ذريعتين، أولهما فائض القوة التي تتنامى بغياب القانون والقوة الرادعة، وثانيهما التمتع بالقدرة على التحرك والاعتداء في بيئة موالية. وما كانت الخلفية تلك لتحفّز الفاعلين على الاعتداء لولا شعور عام يتشارك بِه الآخرون، وهم بهذه الحالة المتفرجون، بأن الآخر، المُعتدى عليه، غريب وضعيف. 

بالفعل، ينظر اللبنانيون الى الآخرين بصفة الغرباء. لكن الغريب ليس دائماً عرضة للإهانة والاعتداء. حين تقترن الغربة بالضعف، يزداد ضحايا الفوقية اللبنانية التي تتعاطى بمنطق الاستعلاء، وتعتبره مبرراً للاعتداء ولإبراز الجانب البلطجي، وهي سمة باتت تتسع في لبنان في ظل وجود محسوبيات، ويمتلك الفاعلون ظهراً يستندون اليه يبرأهم من المحاسبة. 

وفق هذا المنطق السائد، يمكن مراجعة استثناءين: غريب قوي، ومواطن ضعيف. قوة الاول مصدرها لونه، او جنسيته، او سفارة بلاده التي تمنحه قوة ردع وقوة دفاع. اما المواطن الضعيف فيأتي ضعفه من وضعه الاجتماعي، والطبقة الاقتصادية التي يتحدر منها، او مكانته الاجتماعية المسحوقة، او بُعده عن عشيرته. فالقبلية لا تزال تحكم العلاقات المحلية الداخلية، كذلك المكانة الاجتماعية، وهي واحدة من مصادر الخلل في البنية الاجتماعية اللبنانية. 

وتأتي مقاطع الفيديو الأخيرة في هذا السياق الاجتماعي الذي تعززه مشاهد المحايدين الذين يحجمون عن الدفاع عن غريب فقير أو ضعيف. بشرة المُعتدى عليهما في برج حمود تدل على ذلك، كذلك جنسية العامل الأجنبي في متجر الفواكه في الضاحية، بالنظر الى اعتقاد سائد ذي خلفية عنصرية يفيد بأن صاحبات البشرة السمراء هُن عاملات منزليات، كذلك العاملين في مهن بسيطة. يتشابه هؤلاء الضحايا في الموقع مع العاملين من جنسيات آسيوية، أو السوريين النازحين. هؤلاء ضعفاء في موقعهم الذي يتواجدون فيه بشكل فردي، سرعان ما يتغير الى قوة حين يصبحون في رهط او موقع تجمّع. 

وأظهر الفيديو الأول لعاملتين من الجنسية الكينية تعرضهما للضرب والاهانة حتى انهارت احداهما. وأفادت شعبة العلاقات العامة في المديرية العامة لقوى الامن الداخلي بأن الحادثة وقعت يوم الاحد في 17 يونيو (حزيران) الجاري بين فتاتين من الجنسية الكينية وبين عنصر من أحد الاجهزة العسكرية الأُخرى.

ووفقاً لافادة الفتاتين اللتين صرحتا بأن العنصر المذكور وأثناء مروره على متن سيارته برفقة عائلته، انحرف باتجاههما حتى كادت سيارته تلامسهما، فأبدتا انزعاجهما، وعلى الاثر حصل تلاسن، ما لبث ان تطور الى شجار، ثم تعرضتا للضرب.

وقد تم فتح تحقيق بالحادث، وجرى تكليف مترجم من القنصلية الكينية خلال الاستماع لافادة الفتاتين، كما اخضعتا للمعاينة الطبية الشرعية، وقد ادعتا ضد العنصر وآخرين بجرم الضرب والايذاء، وادعت احداهن بفقدان هاتفها الخلوي. وأحيل ملف التحقيق الى الجهاز الامني الذي ينتمي اليه العنصر موضوع الاشكال للتوسع بالتحقيق معه بناءً على اشارة القضاء المختص، علماً أن الفتاتين الضحيتين أوقفتا بسبب إقامتهما غير المشروعة.

ولاحقاً، نشرت صفحة "وينيه الدولة" التي نشرت الفيديو الاول، مقطع فيديو لطفلة تبكي ومن دون رعاية، وتبين أن الطفلة هي طفلة احدى العاملتين الكينيتين. وناشدت المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم التدخل للافراج عن الأم التي أوقفت بسبب عدم تجديد اقامتها. 
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها