الإثنين 2018/06/18

آخر تحديث: 18:30 (بيروت)

حرّروا تلفزيون لبنان!

الإثنين 2018/06/18
حرّروا تلفزيون لبنان!
كان يمكن تتعاقد مع معلّق أكثر قدرة على جذب المشاهدين
increase حجم الخط decrease
خلال نصف ساعة، تلقى بائع للأدوات الكهربائية 6 اسئلة عن "أنتين قديم" يحصل عبره على تردد "تلفزيون لبنان" الرسمي. تلك الأجهزة اختفت قبل نحو 20 عاماً، وذلك، لانعدام الحاجة اليها في ظل وجود الدش، تماماً كما لانعدام الحاجة لتلفزيون لبنان، في ظل اتساع مروحة الخيارات، ولم يكن خلال السنوات العشرين الماضية، إلا نكتة سمجة تتحدث عن إقامة الشاشة الوطنية في الارشيف.
استطاعت الحكومة اللبنانية، بجهود وزير الاعلام ملحم الرياشي، أن تعيد النبض للشاشة الوطنية. يشاهده الآن على الاقل، نصف اللبنانيين، بمعدل خمس ساعات يومياً، لمشاهدة مباريات كأس العالم المقامة في روسيا. وهي واحدة من سنوات العز يستعيدها التلفزيون الآن، بشكل مؤقت، ولشهر فقط. 

لا يمكن لهذه المدة أن تتمدّد أكثر. ستنتهي منتصف الشهر المقبل، ويعود التلفزيون الرسمي الى موقعه السابق: مادة للتندر اليومي في مواقع التواصل الإجتماعي، ومادة للتندر الاسبوعي في برامج ساخرة تبثها الشاشات الخاصة. ذلك ان التلفزيون، الذي استحوذ الآن على فرصة ذهبية لإثبات ذاته واستعادة جزء من دوره، لم يستغلها، لا بإيجاد معلّق رياضي يشدّ انتباه المشاهدين مرة أخرى، ولا بتحديث نشرته الاخبارية وإخراجها من الصورة الرسمية فقط، ولا بإيجاد خيارات أخرى تكسبه جمهوراً جديداً، لا يتذكر من تاريخ التلفزيون الوطني شيئاً، ولا يكترث له. 

كان يمكن للشاشة التي لم يتفق السياسيون على رئيس جديد لمجلس إدارتها، أن تتعاقد مع معلّق أكثر قدرة على جذب المشاهدين. وكان يمكن لها أيضاً، أن تخضع مراسيلها الجدد لدورات تدريبية تمنع مراسلة الشاشة من توجيه سؤال ساذج لمشجعي منتخب البرازيل المتواجدين في مقهى ما، سؤالاً يُوجه حكماً لمدرب الفريق أو خبير رياضي في أسوأ التقديرات. وكان يمكن أن تتعاقد مع خبير من مستوى لاعبين لبنانيين حققوا نجاحات رياضية أو تعاقدوا مع فرق أجنبية. الاستهتار والاستعجال بهذا الشكل، غير مقبول وغير مبرر، لما ان الفرصة سانحة للتغيير والتطوير، ما يجعل القناة مرجعاً رياضياً. 

لا جدال في أن السياسة أفقدت القناة الرسمية الارادة لاعادة بريق شاشة حفرت في ذاكرة أجيال من اللبنانيين. السياسة أفسدته، كذلك التعاطي مع الكوادر بتكتيك عدم الإكتراث، ومع الاحداث بلامبالاة. السياسة نفسها كانت حرمت التلفزيون الوطني من نقل مباريات الدوري اللبناني على أقل تقدير، وهي نفسها كانت باعت أرشيف القناة الذي بات موجوداً في البرامج الوثائقية العربية، وفي منصات "يوتيوب"، بالمجان. 

من السهولة أن ينظر المسؤولون في القناة الآن. فالوجوه الشابة فيها، التي اكتشفها المشاهدون خلال المونديال، تألف الكاميرا، وتمتلك خامات تمكنها من التفوق على الكثير من العاملين الجدد في القنوات الخاصة. لكنها تحتاج الى تدريب، وإلى التعاطي مع الشاشة بجدية ومسؤولية، وهي مسؤولية الموظفين القدامى والطواقم الادارية. 

أما مسؤولية السياسيين، اذا كانوا عازمين على تطوير القناة الوطنية، فتحتاج الى تنسيق أكثر فعالية مع ادارة التحرير لمنح التلفزيون السبق الصحافي الذي يحوله الى مرجع في الانباء السياسية، الى جانب خطة تطوير تشمل تحديث الشاشة واشراكها بفعالية في مواقع التواصل الاجتماعي والتطبيقات على الأجهزة الذكية والترويج لها، وهي خطة لا تغيب عن بال الوزير الرياشي. 

المطلوب اليوم أمر واحد: تحرير القناة من الترهل. تحريرها من العجز. تحريرها من موقعها على الهامش. تحريرها من اللامبالاة السياسية تجاهها. تحريرها من التدخلات. تحريرها من منظومة العمل الروتيني الذي لا يختلف عن طريقة عمل أي موظف لبناني تقليدي في القطاع الرسمي. تحرير موظفيها وطواقم العاملين فيها من عقلية المنفعة والاستنفاع وعدم الاكتراث. وتحريرها من نمط التفكير الموسمي فيها. القناة تحتاج الى مداخيل مالية يمكن أن توفرها اعلانات المصارف وشركات الاتصالات والمؤسسات التي تشارك الحكومة مع القطاع الخاص في ادارتها، بالحدّ الأدنى. 
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها