الأحد 2018/05/27

آخر تحديث: 20:36 (بيروت)

محمد صلاح: في التجسيد العملي لـ"بطل الجماهير"

الأحد 2018/05/27
محمد صلاح: في التجسيد العملي لـ"بطل الجماهير"
استطاع أن يأسر ألباب العالم أجمع
increase حجم الخط decrease
 
لا يحتاج الواقع إلى إعادة تأكيد في مسألة حب المصريين لمحمد صلاح وإجماعهم على الهتاف له وتأييده والاصطفاف وراء مبارياته المهمة. لأنه وببساطة شديدة إذا سئل أي مصري اليوم عن أجمل ما في حياته الآن، لقال دون تردد "محمد صلاح".

إنه التجسيد العملي لمعنى النجاح بالدأب والإصرار، وعدم الاعتماد على أسباب غيبية. نجاح مصنوع بجهود فردية تماماً، وهم يتتبعون طريقه منذ أن خرج من نادي "المقاولون العرب" المصري مروراً بـ"بازل" ثم "تشيلسي" و"فيورنتينا" ثم "روما" وأخيراً "ليفربول". وفي ليفربول استطاع أن يأسر ألباب العالم أجمع، وهو ما جعل المصريين يوغلون في حبه أكثر وأكثر، وهم يسمعون الجماهير الإنجليزية ومحبي ليفربول في الكرة الأرضية وهي تغني "محمد صلاح الملك المصري".

أمس، في المباراة النهائية لدوري أبطال أوروبا، كان اختباراً لهذه المحبة اللانهائية، بعد الإصابة التي مُنِيَ بها في المباراة، والتي غطت على فوز ريال مدريد بدوري أبطال أوروبا للمرة الثالثة على التوالي. ما حققه مدريد حدث وتاريخ رياضي غير مسبوق، لكنه اختبأ وراء صيحات الغضب والاستنكار وسيل الأخبار والتغريدات والتدوينات على مواقع التواصل الاجتماعي، ليس في مصر وحدها لكن في العالم أجمع. وحسب صحف ومواقع إنكليزية فإن إصابة صلاح "اجتاحت تويتر" لأن الطريقة التي أصيب بها كانت متعمدة بكل تأكيد من قبل مدافع مدريد سيرجيو راموس، والأخير زاد من حماسة المواقع الصحافية للبحث في تاريخه عن اشتباكات من هذه النوعية، فتبين أنه صاحب 22 بطاقة حمراء في الدوري الأسباني.

مصرياً، كان الغضب والاستنكار في ذروته، إلى درجة اشتعال عدد كبير من الهاشتاغات، بمئات الآلاف من التغريدات من ساعات معدودة، #كلنا_ليفربول، و#راموس_الكلب، و#جمهوره_حماه، و#ابن_الوسخة، و#محمد_صلاح. لا حديث في مصر يعلو على إصابة محمد صلاح. بل إن الرئيس عبد الفتاح السيسي تمنى في تدوينة رسمية على فايسبوك الشفاء العاجل من الإصابة وسرعة العودة إلى المنتخب.

ولم يترك أي من مشاهير المصريين الأمر دون تعليق، رجل الأعمال المصري نجيب ساويرس كان له نصيب الأسد من التغريدات التي يتكلم فيها مثل مشجع "درجة ثالثة" تماماً: "جرى إيه ياولاد الـ..."، "و لا يهمك يا ابو صلاح مصر كلها وراك وبتحبك وحبت ليفربول علشان خاطرك... والماتش كده باظ وخسر حلاوته من غيرك"، "وحياةً ... يا سرجيو يا راموس لهناخد حقنا منك".

ثم توالت التغريدات، من أنغام، وعمرو أديب، ومحمد هنيدي، وراغب علامة، ومنة شلبي، وعشرات من الفنانين والإعلاميين المصريين والعرب، يتمنون الشفاء لصلاح، ويصبون لعناتهم على راموس.

الوجوم على وجوه المصريين، بعد بكاء صلاح وخروجه، هو التجسيد العملي لماهية "البطل الجماهيري" الذي يتتبع الناس أخباره بشغف، ثم يحتفلون بانتصاراته كأنها انتصاراتهم الشخصية، ويحزنون لانكساراته ويغضبون لمسببها. بل إنه بعد موت السياسة من الواقع المصري، والاستسلام لقسوة الحياة اليومية، لم يعد ثمة ما يحتشد عليه المصريون دون أن تكون عيون الأمن مسلطة على رقابهم إلا محمد صلاح، إنه التجمهر الوحيد المسموح به.

غاب محمد صلاح عن المباراة بعد الدقيقة 30، فتفرقت التجمهرات المؤمنة باللاعب لا باللعبة، وعاد الواقع إلى كوابيسه.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها