الخميس 2018/05/24

آخر تحديث: 19:20 (بيروت)

الوصية: مشكلة الكوميديا في قوتها

الخميس 2018/05/24
الوصية: مشكلة الكوميديا في قوتها
increase حجم الخط decrease
واحدة من المشاكل "الأزلية" في الأعمال الكوميدية المصرية، هو ظن صناعها، بمعظمهم، أن عدد الإفيهات هو المعيار الأساسي لجودة العمل، وبالتالي لا يهم أن تكون هناك قصة متماسكة أو حكاية مسلية، طالما أن نجوم العمل قادرون على رصف الإفيهات الواحد وراء الثاني، وإذا فشل واحد فسوف ينجح الثاني، وهكذا. 
ثمة مواهب كوميدية كبيرة، تضيع في أعمال تافهة ركيكة، وتحاول جهدها في خلق كل إفيه ممكن وإن لم يكن مناسباً للحال الدرامي، حتى تكون المحصلة النهائية شيئاً مثيراً للشفقة لا الضحك.

قلة هي إذن الأعمال الكوميدية القادرة على "توريط المشاهد" في حكاية وإن بسيطة، لديها وعيها بأن القصة والبناء السردي لا يقلان أهمية عن الإفيهات، بل إن الإفيه لا يُضحِك منفرداً، لكن لا بد من سياق، يجعل من قبول المشاهد ومن ثم ضحكه أمراً وارداً.

في مسلسل "الوصية" هذا العام، يراهن منتجو المسلسل على اثنين من "السنيدة" أي أبطال الصف الثاني، هما أكرم حسني وأحمد أمين، وكلاهما صاحب برنامج كوميدية ترفيهي نجح وعلق في أذهان الجماهير المصرية "سيد أبو حفيظة" و"البلاتوه". وإن كانت كفة أكرم حسني أثقل، وقد شارك في عدد من الأفلام والمسلسلات التي لاقت نجاحاً معقولاً، كان آخرها "ريح المدام" مع أحمد فهمي رمضان الماضي.

تبدو فكرة "البناء" في "الوصية" ورطة، فهي تعتمد على ثيمة يمكن لها أن تستمر لأكثر من ثلاثين حلقة، بل ببناء مثل هذا يمكن أن تمتد لمواسم، وما قامت مسلسلات السيت كوم الأميركية إلا على أفكار مثل هذه. وهي ببساطة، أب "بيومي فؤاد" يترك وصية لابنه "أكرم حسني" وصديق عمره ومن تربى معه "أحمد أمين" مفادها أن يبحثا عن أطفال من ملجأ أيتام تسبب الأب في إغلاقه، واسترضاء هؤلاء الأيتام كي يستطيع الابن أن يرث تركه أبيه.

لا بد من شرير بالطبع، وهو ابن عم الوريث الراغب في الاستيلاء على شركته وثروته، ولا بد أن يكون هؤلاء الأيتام شخصيات غريبة واستثنائية مما يسمح بمساحة من الكوميديا، وبالتأكيد ظهور عدد من "ضيوف الشرف" من النجوم. بدأت بأيمن وتار "أحد كتاب المسلسل".

الفكرة "تبدو" لطيفة، ومظلة جيدة للإفيهات، فكرة العقدة التي تتطلب من الأبطال مواجهة عدد من المواقف الغريبة، وهو ما نجح في رمضان 2016 مع مسلسل "نيللي وشيريهان" والعام الماضي مع مسلسل "ريح المدام". مشكلة المسلسل هو قوته مع الأسف، فالفكرة، قد استهلكت تماماً، "اتحرقت" بالتعبير المصري الدارج، وكأن الأفكار قد انتهت ولم يبق للكوميديا غير هذه الثيمة. هل لأن كل محاولة للخروج منها هو بمثابة مغامرة ورهان لا يريده المنتجون؟

حتى اليوم، أداء أكرم حسني وأحمد أمين متوقع للغاية، وهو الشيء المحزن لأن الممثلين من أصحاب المواهب الكبيرة والقادرة على الاستمرار في صناعة الكوميديا وهو الشيء الصعب. أما بطلة العمل معهما "ريم مصطفى" فهي باهتة تماماً، ومجرد وجه جميل في عمل لا يحتاجه، مثلما كانت من قبل "مي عمر" في ريح المدام. لا قدرة على الإضحاك ولا أداء تمثيلي جيد، ولو نزعت من دورها ووضع أي اسم لأي ممثلة مكانها لما كان الفارق ملحوظاً.

كاتبا المسلسل "أيمن وتار" و"مصطفى حلمي" أصحاب باع كبير في الكتابة الكوميدية، ما بين البرامج "مع باسم يوسف" وSNL  بالعربي، وعدد كبير من المسلسلات، وهو ما جعل الطموحات عالية في تركيبة كوميدية ذكية وجديدة وقادرة على استغلال الوجوه الجديدة أبطالا للمرة الأولى، وهو ما لم يحدث.

"الوصية" ليس بالمسلسل "المدوي" نجاحه مثل نيلي وشيريهان، ولا هو ساقط في النسيان مثل عشرات المسلسلات الكوميدية الرمضانية وغيرها. لكنه في المنتصف، مثل كل شيء فيه. 
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها